قبل القانون اهتزّت العلاقة بين الرئاستين الاولى والثانية ومن خلالهما التيار الوطني الحر وحركة «أمل». وضرب «تفاهم» التيار و»حزب الله» شيء من الارتجاج جرّاء التباين حيال العديد من المسائل والتفاصيل السياسية والانتخابية.
وانكسرت الجرة بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط ومن خلالهما تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. وانقطعت الطرقات بين حزب الكتائب وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.
وشابَ العلاقة بين التيار والقوات فتور جرّاء تباينات في مقاربة الملف الانتخابي. وامّا العلاقة ما بين «التيار» وتيار المردة فكل يوم تتزايد فيها عناصر القطيعة والفراق.
هي صفحة سياسية واشتباكية يفترض أنها طويت، ولكن هل يعترف اهل السياسة بذلك؟ وانّ صفحة جديدة فتحت اعتباراً من لحظة نفاذ القانون؟ وهل يستطيع المختلفون اليوم، او بعضهم، ان يبقوا مختلفين ام انهم محكومون بالتفاهم ربطاً بالمصالح المشتركة ولا سيما الانتخابية؟ والسؤال الأهم :هل انّ الكرة هنا في يد رئيس الجمهورية وانه يستطيع من موقعه كحكم ان يكون المبادِر الاول الى لَمّ الشمل؟
الجواب يصوغه الآتي من الايام، لكنّ الأمل مقطوع في إمكان جسر العلاقة بين حزب الكتائب وكل المختلفين معه، وكذلك الأمر بالنسبة الى المردة والتيار، لكن هناك إشارات بدأت بالظهور في فضاء العلاقة بين المستقبل والتقدمي، وتؤشّر الى رغبة بالتهدئة وإعادة التواصل. وكذلك بين التيار و»حزب الله» حول نيّة جدية بإدخال التفاهم بينهما الى مرحلة إعادة التحصين.
وأمّا ما بين الرئاستين الاولى والثانية و«امل» والتيار، فبعد الانتخابات الرئاسية وموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري فيها بعدم التصويت للرئيس ميشال عون، قال بري: «ما قبل الرئاسة شيء وما بعدها شيء آخر». وهذا الموقف ينسحب على المرحلة الحالية، فما قبل القانون غير ما بعده. والأهمّ في رأي بري هو الانطلاق في مقاربة مرحلة ما بعد القانون وأولوياتها بما يستحق من جهد وسهر.
فاتحَ الوزير جبران باسيل بري مؤخراً بنيّة رئيس الجمهورية دعوة الكتل الممثّلة في الحكومة (الخميس من الاسبوع الجاري) لاجتماع في بعبدا بهدف تنشيط العمل الحكومي، فرحّب رئيس المجلس قائلاً: «هذا ليس كالحوارات السابقة، إنما هي فكرة نقاش لتنشيط العمل وانا أوافق عليها، لقد شاوروني بالأمر وقلت انا معكم وسأكون اوّل الحاضرين، لنبحث كيف يمكن ان نُفعّل وضع البلد والاقتصاد وكل الاولويات، والأهمّ تنشيط المؤسسات كلها. لا نريد ان نخلق شيئاً جديداً في هذا الحوار، بل نريد ان نذكّر بالأصول وكيفية اعتماد الاصول والتقيّد بهذه الاصول».
وأكد بري انّ البحث لن يتناول مجلس الشيوخ، وعندما سئل عمّا اذا كان سيتناول الفلتان الامني وفوضى السرقة والقتل، قال: هذا الامر لا يحتاج الّا الى تطبيق القانون، وكما سبق وقلت: مرفوع الغطاء والحرام واللحاف والشرشف والمخدّة، المطلوب فقط أن يقوموا (القوى الامنية) بواجباتهم.
لا يتفق بري مع بعض الاصوات التي ارتفعت ضد قانون الانتخاب، وخصوصاً من بعض النواب المنتمين الى كتل أيّدت القانون، فيؤكّد: «ما يثير الاستغراب هو انّ هؤلاء المعترضين على القانون أمام الإعلام صَوّتوا معه في الهيئة العامة».
أؤكد انّ القانون الجديد أفضل الممكن، ودعونا نتكلّم بمنتهى الصراحة بعيداً عن المزايدة وكل الاعتبارات الاخرى: هناك ثغرة في القانون هي التمديد، وأنا ضده. ولكنّ الضرورة التقنية حَتّمَت ذلك».
لا يتفهّم بري بعض المتحاملين على التوافق السياسي الذي أنتج القانون، فيقول: «هؤلاء «مش عارفين شو في بالمنطقة وشو عم يعمل الأخ ترامب؟
ومش عارفين إنّو الله عم ينَجّينا ونحن مش عم ننَجّي أنفسنا»... فقد اجتمعنا ثلاثة رؤساء وأكلنا وصَلّينا واتفقنا وخلصنا، ومع ذلك حتى آخر لحظة بقيت الاقتراحات تطرح ولا علاقة لها بما اتفقنا عليه. ومع ذلك تَمكنّا من الوصول الى هذا الانجاز».
ويضيف بري: هناك من يقارب القانون ليس من زاوية أهميته وضرورته، بل من خلال بعض التفاصيل الصغيرة. انا أسأل هل يستطيع احد ان يقول لنا كيف كان سيكون يوم الثلثاء 20 حزيران لو اننا لم نتوصّل الى هذا القانون؟
وماذا كان سيبقى من الدولة في هذه الحال؟ انا اؤكد انّ هناك رابحاً اساسياً هو البلد، وما جرى في نظري هو أكبر عملية ربح قد حصلت بإقرار القانون الانتخابي الجديد، بمعنى انها كانت أشبه بعملية إنقاذ للبلد بكل معنى الكلمة. لا احد يعرف الى اين كان يمكن ان يذهب البلد في 20 حزيران؟ إذا كان أحد يَغرق فيجب ألّا نلومه ونقول له انت «مش عم تسبح منيح»، بل نُنقذه أولاً.
وهذا ما حصل معنا في القانون الانتخابي. لذلك دعونا ننسى الماضي ولندخل في الصفحة الجديدة التي فتحناها، وفيها لا فضل لأحد على احد الّا بقدر عمله لمصلحة البلد وتنشيط الدولة وترسيخ الاستقرار.
وقال: أؤكد مجدداً انّ التمديد إجراء لا شعبية له، لكنّ المرحلة الآن هي مرحلة استعادة الثقة بالمجلس النيابي. دعونا نَستنسخ مجلس العام 1992، الذي كان مجلساً ناقصاً لكنه بالشغل الذي قام به انتزَع تقدير الجميع في الداخل والخارج.
الآن اعتقد انّ المهمة الاولى هي فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، لمقاربة ملفات أساسية ومنها سلسلة الرتب والرواتب، الموازنة العامة، الرقابة، الكهرباء، فبذلك يمكن ان تتمكّنوا من استعادة ثقة الناس، وهذه أفضل دعاية إنتخابية، هذا الذي يفيد البلد وليس أيّ عمل آخر.