لا شك أن قانون الإنتخاب المتفق عليه بين القوى السياسية في لبنان على أساس النسبية وفق 15 دائرة يشوبه العديد من التعقيدات والصعوبات بحيث درجت نكتة في الشارع اللبناني تقول " اللي عملوا القانون مش فاهمينو أصلا ".
وهذا بالطبع صحيح كون النسبية أول مرة يتم طرحها في الإنتخابات اللبنانية ولم يعتد المواطنون اللبنانيون عليها.
في مقالي هذا سأستعرض العملية الإنتخابية من ألفها إلى يائها وسأستخدم أمثلة وأرقام لتوضيح الفكرة أكثر.
ولكن بالبداية يجب تقسيم العملية الإنتخابية إلى قسمين، الأول هو ما يعني الناخب اللبناني والثاني ما يعني الموظفون المسؤولون عن عملية الفرز وإحتساب الأصوات.
وسنتخذ من دائرة صور - الزهراني مثالا لتوضيح العملية بمجملها.
إقرأ أيضا : قانون الصفقة... قوى السلطة ضمنت مصالحها والأمل بالتغيير موجود
كيف سيقترع الناخب اللبناني؟
عملية إقتراع الناخب اللبناني سهلة جدا ولا تختلف كثيرا عن العمليات السابقة فالصعوبة في القانون الجديد هي في عملية الفرز وإحتساب الأصوات لا عملية الإقتراع.
في البداية ستقوم وزارة الداخلية والبلديات بطباعة اللوائح التي تضم أسماء المرشحين ويجب على كل لائحة أن تشمل على الأقل 40% من مقاعد الدائرة لكي يقبل طلبها لتدخل في المنافسة.
ولو إفترضنا أن في دائرة صور - الزهراني والتي تضم 7 نواب هم 6 للشيعة ومقعد للروم الكاثوليك فيجب على أي لائحة أن تضم 3 مقاعد لتدخل المنافسة.
تقوم الوزارة بعد تحقيق الشروط المذكورة في الأعلى بطباعة أوراق، كل ورقة عليها جميع اللوائح المتنافسة ويعطى لكل لائحة لون معين.
هذه الأوراق تكون بيد موظفي القلم ولا تعطى للناخب إلا في لحظة الإقتراع.
هنا تأتي مهمة الناخب، فكل ما يجب أن يقوم به أن يظهر هويته أو البطاقة الممغنطة في حال الإتفاق عليها ويأخذ الورقة من موظف القلم ويضع علامة صح بجانب اللائحة التي يريد الإقتراع لها ومن ثم يضع علامة صح بجانب إسم المرشح الذي يريده أي الصوت التفضيلي وبعدها يسقط الورقة في الصندوق وتنتهي مهمة الناخب في العملية الإنتخابية بعد أن يبصم في حبر الإنتخابات ويوقع بجانب إسمه.
في حال أعطى المقترع صوته للائحة " أ " وأعطى صوت تفضيلي للائحة " ب "، لا يحتسب الصوت التفضيلي ولكن يحتسب صوت اللائحة، ولا يمكن للناخب أن يعطي أكثر من صوت تفضيلي واحد أو أن يعطي صوت تفضيلي لمرشح في قضاء آخر.
إقرأ أيضا : هذا ما يخفيه القانون الإنتخابي الجديد
اللوائح المؤهلة والفائزة:
بعد إنتهاء عملية الإقتراع وفي نهاية اليوم تبدأ عملية إحتساب الأصوات والفرز.
والآن لدينا 3 لوائح تتنافس هي " أ " و " ب " و " ج" في دائرة صور - الزهراني.
يبلغ عدد الناخبين في دائرة صور - الزهراني 246055 تبعا للعام 2009 وإقترع 125158 مواطن لبناني.
الدائرة كانت منفصلة وفق قانون الستين وتتألف من قضائين الزهراني وصور.
الزهراني يضم 2 شيعة و مقعد للروم الكاثوليك وصور تضم 4 مقاعد للشيعة أما وفق القانون الجديد فأصبحت دائرة واحدة.
لتحديد اللوائح الفائزة يتم القيام بأول خطوة وهي إحتساب الحاصل الإنتخابي وهو قسمة عدد المقترعين على عدد المقاعد على الشكل التالي:
عدد المقترعين : 125158
عدد المقاعد:7
ونحصل على الحاصل الإنتخابي 17.879 وسنعتبره 18000.
والآن كل لائحة لا تؤمن هذا الرقم أي 18000 سيتم إقصاؤها من المنافسة.
ولو إفترضنا نتائج اللوائح على الشكل التالي:
اللائحة " أ " حصلت على 82500 صوت.
اللائحة " ب " 40600 صوت.
اللائحة " ج " حصلت على 2058 صوت.
اللائحتان " أ " و " ب " تجاوزتا الحاصل الإنتخابي فتبقيان في المنافسة وستوزع المقاعد ال 7 بينهما.
أما " ج " فتخسر وتخرج من المنافسة.
إقرأ أيضا : ما هي البطاقة الممغنطة التي سيتم إعتمادها في الإنتخابات المقبلة؟
توزيع المقاعد على اللائحتين " أ " و " ب " :
لمعرفة عدد مقاعد كل من اللائحتين " أ " و " ب " يجب إعادة إحتساب الحاصل الإنتخابي من جديد عبر جمع الأصوات التي حازت عليها كل من اللائحتين وإقصاء وحسم أصوات اللائحة " ج ".
مجموع أصوات اللائحتين " أ " و " ب " هو 123100 صوت.
ثم نقوم بإحتساب نسبة الأصوات لكل لائحة فتحصل " أ " على 67.018% من الأصوات وتحصل " ب " على 32.981 % ونستخدم القاعدة الثلاثية المعروفة للحساب للحصول على النسب مستخدمين الحاصل الإنتخابي الجديد وعدد أصوات اللائحة.
بعد ذلك نقوم بضرب نسبة الأصوات بعدد مقاعد الدائرة أي 7 ونقسم النتيجة على 100 وهي القاعدة الثلاثية في الحساب.
هنا سنحصل على عدد المقاعد وهي كالتالي:
اللائحة " أ " :
67.018 مضروبة ب 7 وهي عدد المقاعد ومقسومة على 100 والنتيجة : 4.6912 مقاعد.
اللائحة " ب " :
32.981 مضروبة ب 7 ومقسومة على 100 والنتيجة هي : 2.3086 مقاعد.
اللائحة " أ " حصلت على (4) مقاعد أما اللائحة " ب " فحصلت على مقعدين (2).
هنا تم توزيع 6 مقاعد لكن بقي هناك مقعد واحد فيتم إحتسابه على قاعدة الكسر الأكبر عبر مقارنة الرقمين : 4.6912 عن اللائحة " أ " و 2.3086 عن اللائحة " ب".
فالكسر .6912 أكبر من الكسر .3086 وبالتالي يذهب المقعد السابع للائحة" أ ".
وهنا أصبحت المقاعد موزعة على الشكل التالي:
اللائحة " أ " 5 مقاعد واللائحة " ب " 2 مقاعد.
إقرأ أيضا : ما هي النقاط السلبية لقانون الانتخاب الجديد؟
أسماء المرشحين الفائزين وإحتساب الصوت التفضيلي:
بعد إحتساب عدد المقاعد ننتقل للمرحلة الأخيرة وهي معرفة أسماء المرشحين الفائزين عن اللائحتين " أ " و " ب ".
ولمعرفة ذلك علينا جمع الأصوات التفضيلية لكل مرشح وإحتساب نسبتها أي نسبة الأصوات التفضيلية التي حاز عليها كل مرشح.
والنسبة التفضيلية هي تساوي عدد الأصوات التفضيلية للمرشح مقسومة على مجموع الأصوات التفضيلية في القضاء لا الدائرة وتضرب ب 100.
فمثلا لو أن الأصوات التفضيلية للمرشح نديم هي 14760 صوتا وعدد الأصوات التفضيلية في قضاء الزهراني تعادل 82000 فنقوم بقسمة 14760 على 82000 ونضربها ب 100 فيحصل المرشح نديم على 18%.
وبعد ذلك تجمع أسماء المرشحين من اللائحتين في لائحة واحدة بدءا من الحائز على أكثر نسبة أصوات تفضيلية إلى الأدنى.
وسنضع 14 إسم إفتراضي لمرشحين عن اللائحتين " أ " و " ب " مع أرقام إفتراضية كالتالي:
1- نديم : 18 % شيعة لائحة أ
2- محمد: 11 % شيعة أ
3- نادين : 11 % روم لائحة ب
4- ياسين: 10 %شيعي ب
5- حسن : 9 % شيعة ب
6- فؤاد : 8 % شيعة أ
7-فاطمة: % 7شيعة أ
8- جوزيف: 6 % روم أ
9- كاظم : 5 % شيعة ب
10- حسين : 5 % شيعة ب
11- علي: 4 % شيعة ب
12- زينب : 2% شيعة ب
13- مصطفى : 2% شيعة أ
14- حيدر 2 % شيعة أ
الفائزون عن اللائحة " أ " هم :
نديم : شيعة
محمد : شيعة
فؤاد :شيعة
فاطمة : شيعة
جوزيف : روم
والفائزون عن اللائحة " ب " :
ياسين : شيعة
حسن : شيعة.
إقرأ أيضا : هذا أبرز ما تضمنه القانون الإنتخابي الجديد
في هذا الحالة سيفوز أعلى 5 مرشحين بالصوت التفضيلي في اللائحة " أ " بغض النظر عن طوائفهم وسيفوز أول إثنين من اللائحة " ب" شرط أن يكملوا العدد المخصص لمقاعد الطائفة في كل مذهب فمثلا في المثال المطروح أخذت اللائحة " أ " 5 مقاعد منهم 4 شيعة كونهم جاؤوا الأوائل في اللائحة وواحد روم كاثوليك جاء في الترتيب الخامس وإكتملت بذلك حصة اللائحة (5 مقاعد ) ويتبقى لإكمال مقاعد الدائرة ال 7 الحصول على مقعدين للشيعة.
وسيتم إكمال ذلك من اللائحة "ب " فنأخذ أعلى مرشحين حازا أصوات تفضيلية في اللائحة "ب " عن الشيعة لا عن اللائحة كلها كون مقعد الروم حجز سابقا.
هنا يوجد سلبية في هذا الفرز وهو أن مرشح الروم الذي حاز على أعلى أصوات تفضيلية وهو من اللائحة " ب" أي نادين بنسبة 11% قد تم إقصاؤها مسبقا كون المقعد الخامس في ترتيب اللائحة " أ " قد حجزه مسبقا فائز عن المقعد بسبب ترتيب أعلى النسب في اللائحة " أ " وهو جوزيف بنسبة 6% عن مقعد الروم بأقل من أصوات نادين، وهذا يسمى فرز عامودي وهو يعد من سلبيات القانون كونه لا يؤمن العدالة المطلوبة بشكل كامل وقد يقصي الحائز على أعلى نسبة أصوات تفضيلية كما حصل في المثال بالأعلى.
إقرأ أيضا : قسموا بيروت من جديد إلى شرقية وغربية
واللائحة المكتملة الفائزة أصبحت جاهزة الآن وتضم الأسماء التالية: نديم ومحمد وفؤاد وفاطمة وجوزيف وياسين وحسن.
إلى هنا تنتهي العملية الإنتخابية، لكن على المواطن اللبناني أن يعي أن ما يهمه بالأمر فقط هو عملية إختيار اللائحة وأين سيصب صوته التفضيلي وهي عملية سهلة كما ذكرت سابقا أما باقي التفاصيل التقنية فليست من مهامه.