تسبب دبلوماسي سعودي بألمانيا في وفاة رجل يبلغ من العمر 55 عاماً، في حادث سير بالعاصمة برلين الثلاثاء 13 حزيران 2017، عندما فتح باب سيارته فجأة دون أن ينتبه إلى قدوم سائق الدراجة، فاصطدم الأخير بالباب؛ ما أدى إلى وفاته يوم الأربعاء 14 حزيران الحالي.
ووقعت الحادثة في شارع هيرمانشتراسه بضاحية نويكولن، في حين كانت سيارة الدبلوماسي، (51 عاماً)، من طراز بورشه كايان، مركونة على طريق مخصص للدراجات، في منطقة من المحظور الوقوف فيها، ولم يستطع سائق الدراجة الفرملة في الوقت المناسب، فاصطدم بالباب وتعرض لإصابات بالغة برأسه، نُقل على أثرها إلى مشفى، حيث توفي.
وذكر متحدث باسم الشرطة أنهم بعد حوادث مثل هذه يفتحون تحقيقاً للاشتباه في القتل غير العمد، إلا أنه في هذه الحالة سيكون هناك "تحقيق حادث طرقي لأغراض التأمين"، مبيناً أنه لم يكن بالإمكان استدعاء المتسبب في الحادث. ومن المستبعد إجراء تحقيق جنائي في القضية؛ بسبب الحصانة التي يتمتع بها الدبلوماسي.
الحصانة
وذكرت النيابة العامة الخميس 15 حزيران 2017، أن الدبلوماسيين محميون بشكل غير محدود من الملاحقة الجنائية. وعادة ما يتم تعليق الإجراءات الجنائية فوراً، عندما يتعلق الأمر بهم، بحيث يكونون محميّين؛ لكي لا يتم مقاضاتهم لأسباب سياسية بشكل خاص، وفق ما ذكره موقع مجلة "شتيرن".
لكن على الرغم من ذلك، أكدت وزارة الخارجية الألمانية أنها تتحرى على الدوام حالات فردية، مبينة أنها تشير لبعض السفارات باستمرار على واجبها في مراعاة قوانين البلاد، وأن الدبلوماسيين، بصرف النظر عن امتيازاتهم، ملزمون بمراعاة القوانين السارية في الدول التي تستقبلهم.
وكان تلفزيون "آر بي بي" نقل، الخميس، عن الخارجية الألمانية تأكيدها أنها أرسلت ملحوظة شفوية للسفارة السعودية، طالبةً منها إبداء الرأي في الواقعة. ونقلت عن الوزارة قولها إن التفكير في احتمال اتخاذ خطوات دبلوماسية يمكن أن يتم بعد الحصول على تعليق السفارة السعودية وبعد إنهاء تحقيقات الشرطة.
الإجراءات
ومن الوسائل المتوافرة لدى الوزارة للتعامل مع القضايا الجنائية عادة، طلب رفع الحصانة، أو المطالبة بالاستدعاء أو حتى إعلان الدبلوماسي شخصاً غير مرغوب فيه، إلا أن الإجراء الأخير ليس شائعاً بين الدول المتحالفة.
ويتوجب على القضاء السعودي بدء الإجراءات الجنائية حيال الدبلوماسي، وفقاً للتلفزيون الألماني، الذي أكد أن هذه القاعدة تُطبق أيضاً على الدبلوماسيين الألمان أيضاً في حال ارتكابهم جناية.
بدورها، أصدرت السفارة السعودية في برلين بياناً، نشرت نصه ظهر الجمعة 16 حزيران على حسابها بموقع تويتر، عبرت فيه عن تعازيها القلبية لعائلة المتوفى، مشيرة إلى أنها على تواصل وثيق مع الخارجية الألمانية في هذا الشأن.
وحسب موقع شتيرن، فإن السفارة السعودية عبرت عن تعاطفها مع عائلة المتوفى، وأعلنت اتباعها مستقبلاً سياسة غير متسامحة ألبتة حيال موظفي السفارة الذين لا يلتزمون بقوانين السير في ألمانيا، وأنه في حال ثبتت مسؤولية سائق السيارة في حالة محددة، سيفقد بذلك وظيفته على الأرجح.
ودعت مجموعة خاصة بسائقي الدراجات إلى وقفة في مكان وقوع الحادث مساء الخميس. ونشرت المجموعة صورة على صفحتها بموقع فيسبوك قالت إنه لتجمعها الذي ضم أكثر من 350 شخصاً، وشهد لحظات مؤثرة لحزنهم الجماعي على السائق.
وألقت في تعليق لها على الصورة، المسؤولية إلى جانب السائق، على مسؤولي المدينة "غير المهتمين بالبنى التحتية، وبأمن سائقي الدراجات".
وأظهر تقرير لصحيفة تاغز شبيغل البرلينية، أن عدد المخالفات والحوادث التي ارتكبها دبلوماسيو مختلف الدول في برلين وصل إلى 22816 في عام 2016، بينها 60 حادث سير، أسفرت عن 3 إصابات بجراح بالغة، و25 طفيفة.
وبينت أن ترتيب أكثر مرتكبي المخالفات بين ممثلي الدول الأجنبية العام الماضي، يُظهر الصين (753 مخالفة) في المقدمة، ثم روسيا (697 مخالفة)، ثم السعودية (683 مخالفة)، ثم مصر (655 مخالفة)، مشيرة إلى أن غالبيتها مخالفات سرعة، وركن السيارة في مكان خاطئ.
وأشارت إلى أن الأرقام كانت قريباً في 2015، إلا أن السعودية حلت فيه بالمركز الأول من حيث المخالفات بـ1340 مخالفة. ولفتت إلى أن أرقام وزارة داخلية برلين وشرطتها تُظهر أن المخالفات التي يرتكبها ممثلو الدول الأجنبية تتراجع للمرة الأولى منذ أعوام، وأن الحصانة التي يتمتع بها هؤلاء يفوت على المدينة الحصول على مئات الآلاف من اليوروهات ثمن الغرامات المترتبة عليهم؛ لأن النيابة العامة توقف الإجراءات المتخذة ضدهم.
(هافينغتون بوست)