رغم عدم تناسب ردة الفعل الشعبية الأولى مع قرار مجلس النواب المصري بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الاحمر، ونقل السيادة عليهما إلى السعودية، إلا أن ظاهر الأمور ينبىء بأن قادم الأيام مليء بالأحداث.
المحكمة الدستورية المصرية دخلت على الخط، إذ أصدرت هيئة مفوضي المحكمة تقريراً أوصت فيه، بعدم قبول منازعتي التنفيذ اللتين أقامتهما الحكومة المصرية، للمطالبة بوقف تنفيذ حكم المحكمة الإدارية والمحكمة الإدارية العليا، ببطلان الاتفاقية، والتأكيد على مصرية الجزيرتين.
التقرير الذي نشرته صحف مصرية في ساعات مبكرة، الخميس، هو بمثابة "رأي وتوصية" لقضاة الدستورية في القضية المنظورة أمامهم يوم 30 يوليو/تموز المقبل، ومن المعتاد وفق الأعراف والتقاليد القضائية المصرية، أن يكون الحكم متماشياً مع تقرير هيئة المفوضين. لكن هذه القضية بالتحديد خضعت لتجاذبات عديدة وضغوط من أعلى السلطات في مصر.
وبعد صدور حكم الإدارية العليا، أعلى محكمة مصرية، بالتأكيد على مصرية تيران وصنافير، واعتبار الاتفاقية "هي والعدم سواء" استصدرت الحكومة المصرية حكماً قضائياً من محكمة الأمور المستعجلة، باستمرار الاتفاقية وإسقاط حكم الإدارية العليا، لتفعل الحكومة "منازعتي تنفيذ" أمام المحكمة الدستورية، طلباً منها للفصل في الأحكام القضائية المتناقضة، وهي خطوة رآها مراقبون وقانونيون تجاوزاً قانونياً كبيراً من محكمة الامور المستعجلة لاختصاصاتها وصلاحياتها القانونية.
مشهد إقرار الإتفاقية والشغب الذي مارسه البرلمانيون المؤيدون للإتفاقية على معارضيها الذين هتفوا "مصرية مصرية" أثار الغضب في نفوس شريحة واسعة من المصريين، كما أن عدداً من الشخصيات السياسية البارزة عبّرت عن عدم رضاها لما حصل. ومن بين أولئك كان الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ليعبر عمرو موسى، الذي نشر بياناً قاله فيه، إن "ما شاهده المصريون في البرلمان (إقرار الاتفاقية) مؤسف، ليس هكذا تورد الإبل، ليس هكذا، ليس هكذا". وكان النواب المؤيدين للاتفاقية هتفوا "سعودية سعودية"، رداً على هتافات المعارضين.
من جهته، قال المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، إن "مضيق تيران مصري ولن يكون دولياً ولاصهيونياً. يسقط حكام الخيانة ومجالس الخيانة، الذين خانوا الوطن في دم وحرية وأرض وثروة مواطنيه"، وأعاد نشر المادة 77 من قانون العقوبات المصري التي تنص على أن "يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمداً، فعلاً يؤدي إلى المساس باستقلال البلاد، أو وحدتها، أو سلامة أراضيها" مذيلاً المنشور بوسم "#تيران_وصنافير_مصرية".
على الأرض شهدت محافظات القاهرة والاسكندرية والغربية تظاهرات احتجاجية شارك فيها العشرات، وهي تظاهرات قمعتها الأجهزة الأمنية سريعاً، وألقت القبض على بعض المشاركين فيها؛ في الوقت نفسه، تشهد محافظات مصر حملات اعتقال واسعة لناشطين، في خطوة تستهدف إجهاض أي تحركات مستقبلية لرفض الاتفاقية، خصوصاً وأن عدوى التظاهر أمام النقابات شملت نقابات الصحافيين والأطباء والمحامين.
وعلى الخط، دخلت جماعة الإخوان المسلمين بإصدارها بياناً رسمياً دعت فيه الشعب المصري وأبناء الجماعة وأفرادها وكوادرها والقوى السياسية والشخصيات الوطنية لـ"يوم غضب"، الجمعة، والبدء في موجة جديدة لإسقاط النظام "الانقلابي الخائن" الذي "فرط في الوطن وباع الأرض".