قصفت فصائل المعارضة في البادية السورية، مطار بلي العسكري، فجر الجمعة، وتمكنت من تدمير 6 حوامات ومعمل للذخيرة والبراميل المتفجرة. ويقع المطار إلى الجنوب من دمشق بمسافة 50 كيلومتراً، وغربي تل دكوة. ويحتوي المطار على مواقع لخبراء من روسيا وكوريا الشمالية، ويعتبر أحد أهم المطارات للمروحية الحربية في سوريا، ويحوي على مروحيات "ميل 35" و"ميل 25"، وطائرات روسية "كاموب 150" للمخصصة للقوات الروسية فقط.
ولم تثمر المساعي الروسية في إبرام "اتفاق ثلاثي" مع المملكة الأردنية والولايات المتحدة الأميركية، بخصوص منطقة البادية السورية، حتى الآن. ومع ذلك، تستمر المفاوضات، وسط توقع بأن ينبثق عنها حلّ يرضي الأطراف الثلاثة، مع تأكيد واشنطن على عدم وجود أي قوات إيرانية بالقرب من مواقع قواتها في البادية، وبالقرب من الحدود الأردنية-السورية.
وقامت الولايات المتحدة بفرض خطوط حمراء متعددة أمام المليشيات، في المرحلة الأولى، واشترطت ابتعادها عن مواقع القوات الأمريكية في البادية، من 20 إلى 60 كيلومتراً. وتعتبر نقطة الـ60 كيلومتراً هي نقطة الحظر أمام المليشيات، في حين تُعد نقطة الـ20 كيلومتراً نقطة تهديد للأمن التي من الضروري التعامل معها، للحفاظ على أمن القوات، وباستخدام كافة وسائلها الدفاعية، وذلك بحسب ما أكده لـ"المدن" مصدر عسكري مقرب من "غرفة العمليات الدولية/موك"، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه.
وأكد المصدر لـ"المدن" أنه تم التوافق على الصعيد الجوي بالقرب من المواقع الأميركية في البادية، وحظر دخول الطيران الروسي إليها، خاصة فوق المجال الجوي لقاعدة التنف العسكرية. وشدد المصدر، على أن الولايات المتحدة ترفض أي تواجد للمليشيات قرب الحدود الأردنية، وقرب مواقع قواتها وحلفائها في البادية السورية.
وكانت القوات الروسية دافعت بـ"شراسة" عن مصالحها في البادية، خصوصاً بعد التهديدات التي جرت لمطار الضمير الذي استهدفته المعارضة. وقامت القوات الروسية بدعم حملة جوية، شاركت فيها أكثر من 14 طائرة روسية، وسيطرت خلالها على تل دكوة في ريف دمشق الجنوبي الشرقي، الذي يعد من أهم النقاط التي كانت المعارضة تستخدمها لاستهداف مطار الضمير العسكري. وسعت روسيا لتأمين مطار الضمير عبر إبعاد الفصائل عن تل دكوة والسيطرة عليه، وفق ما قاله المصدر.
ويحوي مطار الضمير العسكري، والذي توجد فيه غرف لخبراء من روسيا ومن كوريا الشمالية، ويعد من أكبر 4 مطارات في سوريا بعد مطار حميمم ومطار الشعيرات، ويؤدي مهاماً عسكرية في مناطق متعددة.
وذكرت مصادر عسكرية من الفصائل الثورية في البادية، رفضت الكشف عن اسمها، أن الولايات المتحدة كثفت من دعمها للفصائل خلال الأيام الـ30 الماضية، وحصلت قوات المعارضة على دعم من صواريخ الغراد والذخيرة الحية. وأكدت مصادر "المدن" أن الفصائل تلقت دعماً كبيراً في البادية، إذ تم إطلاق 700 صاروخ غراد خلال يومين فقط أثناء معركة "الأرض لنا"، وذلك ضمن 3 عمليات قصف للمعارضة على "القصر الاماراتي" قرب مطار السين شرقي تدمر، وحاجز ظاظا وسبع بيار في القلمون الشرقي، واستهداف مواقع في الزلف شرقي السويداء.
واعتبرت المصادر، أن ما حصل هو ضمن إطار "رفع دعم المعارضة من قبل الولايات المتحدة"، وهي التي لم يسبق وقدمت دعماً بهذا الحجم لفصائل المعارضة السورية، خاصة تلك الموجودة في البادية والتي تقاتل "داعش". إذ كانت الفصائل تتلقى 150 صاروخ غراد شهرياً، في أحسن الأحوال، بشرط ألا تستخدم أكثر من 3 رشقات خلال عملياتها العسكرية.
وتعتمد فصائل البادية حالياً على سياسة جديدة، وهي التكثيف النيراني للتغلب على ضعف امكانياتها البشرية بالمقارنة مع 9 آلاف مقاتل من المليشيات الايرانية وقوات النظام و"الحرس الجمهوري" و"الفرقة الرابعة"، والتي تعتبر مجهزة بشكل جيد وتقنيات عالية. واستخدمت المعارضة السلاح الثقيل، بشكل كبير مؤخراً، والذي أثبت فعاليته في استهداف غرفة عمليات "القصر الاماراتي" ما تسبب في سقوط 25 قتيلاً. كما قُتل للمليشيات 50 مقاتلاً في منطقة سبع بيار، وعشرات القتلى والجرحى منطقة الزلف. وباتت السياسة الحالية هي زيادة السلاح النوعي للتعويض عن النقص العددي في مواجهة المليشيات.
ورغم ذلك، يبقى الحلّ الأمثل والأخير للمعارضة المسلحة، بحسب المصادر، وهو التوحد أو الاندماج وتشكيل مجلس عسكري موحد بتراتبية عسكرية في البادية السورية. وتشير المعلومات إلى أن العمل والتحضير لذلك قائمين، ولكن لم يتخذ القرار النهائي حول ذلك. مصادر "المدن" قالت: "يمكن أن يتم أو لا، فالوضع ما زال ضبابياً ولم تتخذ الفصائل أي قرار حتى اللحظة". وأضافت المصادر: "يجري حالياً العمل على تفادي النقص البشري، بجلب قوات من الشمال وهي قوات أفراد لتكون ضمن العمليات في البادية السورية".
وجرى في وقت سابق، اجتماع في العاصمة الأردنية، تمحور حول جلب أفراد من "قوات النخبة" التي تقاتل حالياً إلى جانب "قوات سوريا الديموقراطية" في معركة الرقة، إلى معسكر التنف للمشاركة في عملية البوكمال المقبلة. ومن المقرر أن يصل ما يزيد عن 300 مقاتل من "قوات النخبة" للاشتراك إلى جانب "جيش مغاوير الثورة" المدعوم من الولايات المتحدة، وفق ما أكدته المصادر لـ"المدن". وأضافت المصادر: "تحاول تركيا الحصول على مكاسب أميركية مقابل نقل التحالف، لأفراد قوات النخبة من الشمال باتجاه البادية.. ما يزيد من تعقيد الموقف".
في السياق، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول أميركي تأكيد الولايات المتحدة نشر بطاريات صواريخ "هيمارس" المتطورة في جنوب سوريا قرب التنف، الأمر الذي أثار موجة استنكار روسية وتحذير من أن يكون نظام "هيمارس" المدفعي الصاروخي لاستهداف قوات النظام السوري.
واتهم الجيش الروسي، الخميس، الولايات المتحدة بنقل "بطاريتي صواريخ من نوع هيمارس" من الأردن إلى قاعدة التنف في سوريا. وقال في بيان "من غير الصعب أن نحزر أن ضربات مشابهة ستستمر ضد كتائب الجيش السوري في المستقبل باستخدام بطاريات هيمارس".
ويُطلق "هيمارس" صواريخ موجهة عبر نظام "جي بي إس" يصل مداها الى 70 كيلومتراً. وهو قادر أيضاً على إطلاق صاروخ صغير موجه عبر "جي بي إس" ويصل مداه إلى 300 كيلومتر. ويُتيح "هيمارس" خصوصا شن ضربات محددة، حتى في حال لم تسمح الاحوال الجوية للطائرات، ومنها الطائرات بلا طيار، من القيام بعملها.