في نفس الوقت الذي كان يدرس فيه مجلس الشيوخ الأميركي فرض عقوبات جديدة على إيران أكّد وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون على أن الولايات المتحدة تنتهج سياسة دعم الانتقال السلمي للسطة في إيران معولا على القوى الموجودة في الداخل.
وقال في كلمته أمام الكونغرس «إن سياستنا تجاه إيران هي الحد من هيمنة هذا البلد في منطقة الشرق ورحب وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، بمشروع العقوبات «غير النووية» الذي يعده الكونجرس لتشديد العقوبات على إيران بسبب استمرار دعمها الإرهاب وبرنامجها الصاروخي المثير للجدل وانتهاكاتها لحقوق الإنسان.
وكان تيلرسون أكد الثلاثاء، لدى حضوره أولى جلسات لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، لمناقشة ميزانية وزارة الدفاع في الموازنة المقبلة، أن تشديد العقوبات على إيران أمر جيد»، وقال: «نحن وحلفاؤنا يجب أن نقف بوجه إيران لكي لا تكون لهذه الدولة اليد العليا في المنطقة».
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي، قال تيلرسون إن «الخارجية الأمريكية وبناء على تعليمات الرئيس بدأت بمراجعة سياساتها حيال إيران».
وبتلك الكلمات أيّد وزير خارجية أمريكا ادّعاء المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي الذي أكد مرارا وتكرارا بأن الولايات المتحدة تريد إسقاط النظام الإسلامي في إيران وليس تصحيح مسارها وتغيير سياساتها، وقبل ساعات من إطلاق تلك التصريحات التدخلية أكد خامنئي على أن العدو يريد القضاء علينا، وليست مشكلتهم مع حقوق الإنسان في إيران أو قضية الصواريخ الباليستية.
إقرأ أيضًا: استقلال كردستان بين الحلم والواقع
إن الرئيس الأمريكي ترامب يعاني من أزمة الشعبية في الداخل أكثر من أي رئيس سابق وبحاجة ماسة إلى صرف الأنظار من عدم كفاءته ولفتها إلى قضايا أخرى؛ إلى مواجهة إيران التي كانت عدوا تقليديا للولايات المتحدة منذ أربعة عقود تقريبا ويعرفها الراي العام الأمريكي بعدائها لأمريكا واقتحام شبابها الثوار للسفارة الأميركية في طهران وأزمة الرهائن وواتر غيت وطموحاتها النووية. إن ترامب بحاجة إلى إبعاد إيران إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق النووي وتغويلها في منظار العرب ليتمكن من تمرير صفقات السلاح معهم. إن ترامب يجيد فن التجارة. إنه يخوف المملكة السعودية من إيران ليبيع السلاح إلى المملكة، ثم يخوف قطر من السعودية لبيع المقاتلات إلى قطر، وعندما يخاطب شعبه يباهي بشطارته في بيع السلاح وتوفير المزيد من فرص الشغل للشباب الأمريكيين.
وبالرغم من أن ترامب ليس مستعدا لدفع تكاليف إسقاط النظام الإيراني، وقد صرح بذلك خلال زيارته للسعودية إلا أنه يُصخم التهديد الإيراني لتبرير صفقاته مع الدول الخليجية.
إقرأ أيضًا: مأزق آل ثاني الجيوبوليتية
إن عزم الولايات المتحدة لإسقاط النظام الإيراني ولو عبر الأدوات السلمية لا ينتج منه سوى المزيد من الوحدة الوطنية والتضامن عند مختلف التيارات السياسية في إيران. إن إدارة ترامب تفتقد إلى الخبرة الدبلوماسية والسياسية ولا تعرف شيئا عن إيران ولا تريد أن تستفيد من الخبرات المتراكمة التاريخية المتوفرة عند الجهاز الدبلوماسي الأميركي وتريد أن تبدء من نقطة الصفر وتجرب كل الاحتمالات.
إن إدارة أوباما أخطأت عند ما أعلنت عن وقوفها بجانب المتظاهرين المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية في عام 2009، لأن المحتجين ما كانوا يريدون إسقاط النظام، بل كانوا يريدون إصلاحه وتصحيح مساره وبل إخراجه من المستنقع الذي أوقعه أحمدي نجاد فيه. ثم تبين لاوباما بان محاولة إسقاط النظام الإيراني لا تجدي نفعا فدخل من باب المفاوضة. والآن يكرر ترامب نفس التجربة.
إن الرهان الأميركي الجديد على المعارضة الإيرانية وتغيير النظام من الداخل رهان خاسر قطعا. إن معايير المعارضة في إيران تحتلف نوعيا عما يتصوره الأميركيون. إن المعارضة الإيرانية في العام 2009 أصبحت هي الحكومة منذ 2013 وتمكنت من الفوز لولاية ثانية في الشهر الماضي. أنصار الرئيس روحاني أغلبيتهم كانوا أنصار مير حسين موسوي وحكومة روحاني تتكون من مقربي مير حسين موسوي منافس أحمدي نجاد في انتخابات 2009 الرئاسية. إن العداء للأجنبي المتغطرس قاسم مشترك بين الأغبية الساحقة من الشعب الإيراني. الشعب الذي يُنهي جميع خلافاته الداخلية عند ما يحسّ اقتراب العدو.