لا يمكنك أن تمر في أي شارع لبناني إلا ويصادفك أحد المتسولين طالباً المال، ومستخدماً جمل وعبارات يحن الحجر لها، وهنا تضيع بين أن تصدق هؤلاء الأشخاص وبين تكذبيهم، علماً أن نسبة كبيرة منهم تتقن (فن التّسول) ناهيك عن عدد كبير من المافيات الكبيرة التي تختبىء وراء التّسول لجلب المال، وهي في الحقيقة تملك مالاً أكثر مما تملك أنت!
وكيفما تجولت في شوارع العاصمة اللبنانية بيروت، تشعر بالخوف على لبنان الذي يئنُّ بالأساس تحت كمٍّ هائل من الضغوطات الإقتصادية والمعيشية والأمنية.
إقرأ أيضًا: لماذا تُهان المرأة اللبنانية في الدراما المصرية؟
وعلى الأرصفة وتحت الجسور تُشاهد كم هائل من الحاجيات الشخصية، والنساء والعجزة الغير اللبنانيين، يفترشون الأرض مع الأطفال، ويحتلون مداخل أبواب المحال التجارية والمساجد، لا سيما مع غروب كل يوم من شهر رمضان الفضيل. ويعد هذا الشهر موسمًا تجاريًا جيدًا بالنسبة لهم، فالمتسولون قناصون ماهرون، يختارون الأوقات المناسبة لأداء عملهم، ويُتقنون قراءة ملامح وجوه الناس الذين يقبلون بالدفع لهم، فهم يعرفون فريستهم تمامًا وتعد الأماكن الراقية الأكثر رغبة لديهم.
ومن جهة ثانية إن خصوصية الشهر الفضيل والمعاني الدينية والروحية القائمة على الإحسان والتّراحم تضاعف إنتشار هذه الفئة، فتُعد فترة إستثمار وكسب جيدة لتضاعف دخلهم وكسبهم غير المشروع.
وللأسف تحول التّسول في لبنان إلى مهنة وإحتراف، وطريقة عملها تتراوح بين الإحتيال والسرقة والمسكنة، ويتظاهر المتسولون بالفقر من خلال إرتداء ملابس رثة كي يظهر لك أنهم مساكين، ومنهم نساء يحملن أطفالًا صغارًا لإثارة عطف الناس وشفقتهم، ومنهم من يتظاهر بإعاقة في جسده ويجلس على كرسي مدولب يجره شخص آخر، وبعد فترة من الزمن تجد الشخص نفسه يتجول على رجليه ويتسول بإحدى الأسواق.
إقرأ أيضًا: 7 ضحايا للسلاح المتفلت في أسبوع واحد.. الجرائم في لبنان تزداد فإلى متى؟
وأخيراً، لابد من تسليط الضوء على ظاهرة التسول التي تتفشى وبكثرة في لبنان، وتتحول إلى لعب وغش وتمثيل لاسيما في شهر رمضان.
ومن هنا على المسؤولين في الدولة اللبنانية لاسيما وزارة الشؤون الإجتماعية، الوعي تماماً لمدى خطورة هذه الظاهرة والتّعاطي معها بجدية، نظراً لإنعكاساتها الخطيرة على المجتمع اللبناني، وإيجاد الحل لمعالجتها قبل إستفحال خطر التّسول أكثر وأكثر.