حين أطلّ تيم حسن بشخصية تيمور تاج الدين قبل عامين، كتبنا للمعجبات كلمات بعنوان "ماذا فعلتَ بقلوب النساء يا رجل؟". كانت المرّة الأولى والجرأة الأولى بإعلان الإعجاب. ماذا يُكتب اليوم عن جبل شيخ الجبل؟ يُكتب الكثير بالطبع. شخصية متمكّنة، أداء ناضج وحضور عميق. كاراكتير يجعلنا نؤكّد بضمير مرتاح أنّه نجم رمضان الأول. 

تيم حسن فنان تفاصيل، يطاردها من الجهات الأربع ويقبض عليها من دون رحمة. لا تفلت منه شاردة. هو في "الهيبة" (كتابة هوزان عكو- إخراج سامر البرقاوي، تعرضه "أم بي سي دراما" و"أم تي في")، كلٌّ متكامل: لباس أسود يكثّف أناقة الحضور، نبرة مُجرّدة من الرخاوة، وهدوء ينذر بإعصار. أعاصير الجبال لا تُبقي شيئاً على حاله. جارفة بهديرها وتأثيرها وسطوتها على العناصر. هكذا هو جبل، إن غضب حَسَم، وإن أحبّ فاض الحبّ من ملامحه، كما يفيض نبعٌ بعد انحباس الماء وحقلٌ بالأعشاب الخضراء وبراعم الولادة بعد السبات. الشخصية محبوكة بإتقان، يدرك حسن كيف يكون سيّدها؛ صفاتها الحميدة وضميرها. ماهرٌ حتى العظم في التحوّل من كاراكتير إلى آخر. وفي الكاراكتير الواحد، يتفوّق بصناعة لحظات فارقة، بالنظرة حين تحسم الموقف، بلغة الوجه، بالوقوف والجلوس والسير في اتجاهات واضحة.

دخل جبل المنازل وشكّل في القلوب حالة فريدة. ما سرّ الرجل؟ إنّها الموهبة المصقولة بالنضوج والخيار الصحّ. والكاريزما والتركيبة الدرامية المتمكّنة جماهيرياً (لنا عودة لاحقة للمسلسل). خلف كلّ نجاح، ثمة ممثل واثق بأنّه ملك الدور دون سواه من البشر، لا يغامر قبل التأكّد من أوراقه، ولا يرمي النفس في الهاوية. ليس الحظّ (وحده) رافع تيم حسن إلى مجد التمثيل العربي. المحظوظون كثر والمميزون قلّة. ومَن يكثّفون الضجيج الجميل من حولنا قلّة، فيختمرون مثل عنب لمّاع تحت شمس من ذهب.

لجبل أسلوب في اللفظ، يرفع الكلام العادي إلى الجمالية. "إمّك بدّا ياني جبلك ولد"، تقول عليا (نادين نسيب نجيم بدور لنا عودة إليه). "أنا جاهز"، يجيبها. (النبرة- الصوت- الوجه- العينان- في كلمة واحدة). تردّ بـ"Fine"، فيجيب بـ"فاينان"! كلٌ متكامل، نكرر ثانية. هذا ليس إفراطاً مجانياً بالإعجاب ولا كلام عواطف من دون بنية منطقية. الحقيقة كما هي وكما يفرضها. تيم حسن الأول رمضانياً. "لا تهكلوا للهم" من فمه تستحقّ جائزة!