علاقات معقدة، هكذا يصف الأتراك علاقتهم مع الولايات المتحدة، فمن جهة تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، وفيها قاعدة ضخمة يستعملها الحلف والأميركيون، وهي كانت خلال الحرب الباردة الدولة الأبعد في منظومة الحلف وقرب حدود الاتحاد السوفييتي
 

أما الآن فيرى الأتراك والأميركيون أن هذه العلاقة مفيدة وثابتة لكن كل شيء آخر يهتزّ بين أنقرة وواشنطن، ولأسباب كثيرة، أهمها سياسات تركيا في ظل الرئيس رجب طيب أردوغان وما يريده من الولايات المتحدة وما لا تلبّيه واشنطن من مطالب لأردوغان.

اتهام حرس أردوغان

يوم أمس الخميس، أكدت شرطة مدينة واشنطن أنها توجّه اتهامات إلى 12 شخصاً من حماية الرئيس التركي، لأن تسجيلات الفيديو أثبتت أنهم استعملوا العنف ضد متظاهرين أكراد وأرمن أمام مقر أردوغان خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن.

وفي أول ردّ فعل على توجيه الاتهامات، استدعت الخارجية التركية السفير الأميركي وقالت إنها تريد أن تشرح له أن السبب في كل هذه القضية هو تقصير شرطة واشنطن في القيام بمهامها.

فقد طلب الأتراك أن تمنع الشرطة في مدينة واشنطن المتظاهرين من الاقتراب من مقر أردوغان أو من موكبه خلال الزيارة وإقفال الطرقات. نجحت في ذلك خلال زيارة أردوغان للبيت الأبيض، حيث شدّد "الحرس السري" الأميركي من إجراءاته وأبقت القوة الأمنية المنوطة بحماية الرئيس الأميركي ومحيط البيت الأبيض المتظاهرين على مسافة من موكب الرئيس أردوغان وهو يدخل ويخرج من البيت الأبيض.

لكن شرطة واشنطن رفضت إقفال المنطقة القريبة من مقر أردوغان، وسمحت للمتظاهرين "بممارسة حرية التعبير" مقابل المكان. اعتبر الأتراك أن المسؤولية تقع على شرطة واشنطن، لأنها فشلت في ضبط المتظاهرين، ومنهم عناصر من حزب العمال الكردستاني المصنّف إرهابياً أو من التنظيمات الأرمنية في.

غولن والصداع الحقيقي

الآن تحوّلت شتائم المتظاهرين والاتهامات المتبادلة إلى مشكلة تسبب صداعاً للطرفين، لكنها ليست الأهم، فقضية فتح الله غولن أكبر وأخطر برأي حكومة أردوغان، وقد حاولت الحكومة التركية مرات عديدة إقناع الحكومة الأميركية بتسليم الرجل بعدما اتهمته أنقرة بتوجيه محاولة الانقلاب الأخيرة، لكن واشنطن لم تقتنع بعد.

وطلبت الحكومة التركية من واشنطن تقييد حركة ونشاطات فتح الله غولن لكنها رفضت، ويبدي القريبون من الرئيس التركي خشية خاصة من أن الرجل المقيم في ولاية بنسلفانيا لديه القدرة على تحريك الاضطرابات مرة أخرى، ويستطيع أن يطلب من مؤيديه القيام بتمرّد أو انقلاب آخر في تركيا، ومع ذلك لم تقتنع واشنطن.

أوباما "لم يسمع ولم يفعل"

إضافة إلى ذلك، واجهت تركيا أيضاً فشلاً ميدانياً ودبلوماسياً مع الأميركيين، فقد طلب الأميركيون لأشهر طويلة منذ صعود تنظيم داعش، أن يقفل الأتراك حدودهم أمام المتطوعين الجدد، لكن أنقرة تلكأت في ذلك.

كما فشل المشروع المشترك التركي ـ الأميركي لتدريب آلاف المعارضين السوريين على أراضي تركيا، ثم فشلت أنقرة في إقناع البنتاغون بعدم التعاون مع الأكراد السوريين لاستعادة الرقة واستبدالهم بالأتراك والمعارضة المؤيّدة لها.

يعتبر الأتراك أن كل هذه الأمور دفعتهم للذهاب والمشاركة في مسار أستانة، ويصف رسميون أتراك الأمور بالقول إن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كان "لا يسمع ولا يفعل"، وتسببت إدارته للأزمة السورية بترك الانطباع لدى الأتراك أن عليهم أن يتصرّفوا في غياب الشلل الأميركي وهم مجبرون على التعاون مع روسيا وإيران.

 

(العربية)