ما يحصل في سوريا، وتحديداً عند الحدود العراقية السورية، يوحي وكأن الهلال الإيراني يعود، ويتأكّد. ليس هناك ما يحول دون سيطرة الإيرانيين وحلفائهم على تلك المنطقة. ها هم يتقدمون، وقد وصلوا إلى الحدود من شقيها السوري والعراقي. وأدى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الصلاة على الحدود قبل أيام. ليس مشهوداً أي تحرك أميركي على الأرض هناك لمنع هذا التقدم الإيراني، رغم إعلانهم أنه تم نقل بعض الأسلحة والصواريخ إلى قاعدة التنف، لكن أوضح موقف أميركي جاء على لسان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، الذي اعتبر أن هذه التحركات هي في إطار الدفاع، بمعنى أن ليس هناك خططاً هجومية أميركية في تلك المنطقة.
ثمة ثوابت أصبحت بديهية بالنسبة إلى الإيرانيين، أولها أن بشار الأسد باق في السلطة، وثانيها أن الهلال الممتد من إيران إلى العراق وسوريا فلبنان، أصبح ثابتاً بحسب الإيرانيين وحزب الله، على المدى المتوسط على الأقل. وهناك من يعتبر أن إيران تعوض فقدانها البنية الحاضنة الاجتماعية السورية، من خلال التغلغل داخل مؤسسات النظام السوري، ومن خلال تثبيت المواقع العسكرية.
ويقول قيادي بارز إن كل الخطوات لقطع الطريق انتهت. وما يتم الآن ويجهد حزب الله وحلفاؤه لإرسائه، هو توسيع الرقعة الجغرافية في النقاط الحدودية التي وصل إليها. إذ إن الوصول تم بالخطوط الطولية، وعبر أكثر من معبر وممر. أما الهدف الآن فهو توسيع رقعة الوجود بالعرض. والأهم بالنسبة إلى القيادي أن الرسالة المراد إيصالها إلى الجميع، تم تحقيقها. وهي موجهة بشكل مباشر إلى الولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تعارض ذلك، وتراهن على التدخل الأميركي لقطع هذه الطريق. ومضمون الرسالة هو أنه في إمكان القوات الأميركية شن غارات وقصف قوافل، ولكن ليس بإمكانها إيقاف السيطرة الميدانية. الأساس الآن، هو تثبيت المواقع بشكل دائري، لأجل إبقاء أكبر قدر من الخطوط مفتوحة.
لا يعتبر حزب الله أن هناك خطط مواجهة أميركية لهذا التقدم ولما يحققه مع إيران من إنتصارات هناك. وتقول مصادر متابعة إنه لن يكون بمقدور الأميركيين فعل شيء، وإذا ما تم إبعاد القوات من مكان، "فبإمكاننا الإلتفاف عبر خطوط كثيرة، في الصحراء. وهناك إمكانية للوصول إلى سوريا عبر العراق، أو العكس. وفي الحالتين فإن الطريق ستبقى مفتوحة. وتلفت المصادر إلى أنه لا يمكن القول إن معركة السيطرة على البادية ووصل الحدود إنتهت، وإنما ما تم تحقيقه هو إنجاز لمنع إقفال الحدود بين سوريا والعراق. وهذا المسير قد بدأ، ولن يتراجع.
عليه، فإن حزب الله يركّز تحركاته العسكرية بالتعاون مع الجيش السوري وحلفائهما في أكثر من منطقة، لأجل ربط عدد من المحاور والمناطق الرئيسية ببعضها البعض، لاسيما في ريف حمص باتجاه تدمر والبادية، أو في منطقة الرصافة في الرقة. فيما المعركة الأساسية بالنسبة إلى الحزب ستكون، في الأيام المقبلة، هي منطقة السخنة، التي تقع شمال تدمر، وفي الجهة الجنوبية الغربية لدير الزور. ما يجري في تلك المنطقة، يبدو أنه تقاسم لمناطق النفوذ، بين الإيرانيين والأميركيين، خصوصاً في ظل غياب أي استراتيجية أميركية واضحة لمنع إيران من وصل سوريا والعراق، فيما الذريعة التي يعلنها أكثر من طرف، بأن ليس هناك بديل جاهز ليتسلّم تلك المناطق من داعش، وكأنه تبرير لما يحصل في الأيام المقبلة، لجهة إصرار طهران على وراثة الأرض من تنظيم داعش.