نشرُ الولايات المتحدة لأكثر أنظمة الراجمات الصاروخية تطورا في التنف، يعكس حقيقة أنها ماضية في السير بعيدا في المواجهة مع إيران في سوريا
 

بعد تصريحات لوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، عن أن بلاده لن تتوانى عن شنّ المزيد من الهجمات “دفاعا عن النفس”، هاهي الولايات المتحدة تمد قواتها في قاعدة التنف بأحدث وأقوى أنظمة الراجمات الصاروخية “هيمارس”، الأمر الذي على إيران قراءته جيدا، وهي تخطو صوب الحدود العراقية السورية، على حد تعبير معارض للنظام السوري.

واستغلت إيران فتحها لثغرة على الحدود السورية العراقية في الأيام الماضية، للتسويق إلى أنها باتت المتحكم الفعلي في المنطقة، مسقطة من حساباتها أن هذا التقدم الجاري يمكن نسفه في ظرف ساعات قليلة.

وذهب علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى في إيران حد القول إن طهران أسقطت جميع الخطوط الحمراء الأميركية ووصف التطور بالإنجاز الاستراتيجي الذي سيتردد صداه في لبنان.

هل تجر تركيا الأكراد إلى معركة استنزاف
دمشق – يشهد ريفا حلب الشرقي والغربي توترا متصاعدا بين وحدات حماية الشعب الكردي وفصائل من المعارضة السورية.

ورغم أن الاشتباكات بين الجانبين ليست جديدة إلا أن حدتها وتوقيتها يدفعان البعض إلى التساؤل عما إذا كانت هناك نوايا تركية لجر أقدام الوحدات إلى معركة استنزاف في ريف حلب، خاصة وأن الفصائل التي تقود المواجهات منضوية ضمن قوات درع الفرات.

وأعلنت تنسيقيات المعارضة، أن الفصائل تصدت، الخميس لمحاولة جديدة من الوحدات الكردية التقدم باتجاه الباب في ريف حلب الشرقي. وجاءت المحاولة بعد اشتباكات بين الطرفين في ريف حلب الغربي، وتحديدا في محيط دارة عزة، حينما حاولت فصائل المعارضة التقدم في هذه المنطقة، وأدت تلك الاشتباكات إلى سقوط نحو 30 قتيلا.

ولا يستبعد محللون أن تكون المواجهات الأخيرة مقدمة لتصعيد بين الجانبين، خاصة وأنه من غير المرجّح أن تتغاضى أنقرة عن تعزيز الأكراد لنفوذهم في الشمال.

ومع انطلاقة معركة الرقة الكبرى التي تقودها الوحدات على الأرض، حذرت أنقرة من أنها لن تقف مكتوفة اليدين أمام النوايا الكردية، وأنها ستتدخل دون استشارة أي طرف (في إشارة إلى واشنطن وموسكو) في حال استشعرت أي تهديد.

وتخشى تركيا من أن تكون الوحدات الكردية الساكن الجديد للرقة بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها.

وسبق وأن قامت تركيا بقصف لمواقع للوحدات، في محاولة لجس نبض الولايات المتحدة التي سارعت إلى تحذير أنقرة من مغبة تكرار الأمر، ونشرت قوات أميركية على الحدود السورية التركية.

وأمام الفيتو الأميركي برفض التدخل المباشر ضد الأكراد، لا يستبعد خبراء عسكريون أن تزجّ أنقرة بالفصائل السورية الموالية لها في معركة استنزاف معهم.

ويقول مراقبون إن الأنظمة التي أعلن عن إدخالها إلى التنف، من شأنها أن تعزز القوة العسكرية الأميركية وتجعل من القوات السورية والميليشيات الإيرانية تراجع حساباتها هناك.

وكشف ثلاثة من المسؤولين العسكريين الأميركيين لوكالة “سي أن أن” الأميركية عن قيام الجيش الأميركي بنقل نظام الراجمات الصاروخية “هيمارس” إلى داخل الأراضي السورية للمرة الأولى منذ بدء العمليات الأمنية الأميركية في شرق البلاد وجنوبها، وتم نشرها قرب قاعدة التنف.

ولفت المسؤولون إلى أنها ليست المرة الأولى التي يُستخدم النظام في سوريا، إذ سبق لواشنطن أن لجأت إليه في شمال البلاد دعما لـ”قوات سورية الديمقراطية” في عملياتها ضد تنظيم داعش.

وأكد الجيش الروسي نشر الولايات المتحدة النظام الجديد، وشدد على أن المستهدف منه الجيش السوري، معتبرا أنه مس بالسيادة السورية.

ونظام “هيمارس”، هو أحدث نظام في عائلة أنظمة راجمات الصواريخ المتعددة “ميلرز” وهو نظام يتمتع بمرونة عالية جدا، ومن مهامه الاشتباك مع مدفعية الميدان، ووحدات الدفاع الجوي، والمدرعات، وناقلات الجند المدرعة، وتجمعات المشاة.

ومن شأن النظام أن يعزز التفوق العسكري للولايات المتحدة في هذا الشطر السوري الذي يشهد تنافسا قويا بين واشنطن وطهران التي تسعى إلى بسط سيطرتها على الحدود بين سوريا والعراق لتسهيل إمداد عناصرها التي تقاتل إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد بالدعم التسليحي واللوجستي والبشري، وأيضا لتكريس مشروع الحزام الأمني الرابط بين العراق وسوريا ولبنان كأمر واقع.

وتعتبر واشنطن أن تمكّن طهران من تحقيق هذا المشروع، سيؤجّج النزاعات في المنطقة، كما أنه يشكّل تهديدا جديّا لمصالحها ومصالح حلفائها.

ويرى مراقبون أن استقدام هذا النظام من الراجمات يؤكد نوايا واشنطن في السير بعيدا في وضع حد للطموحات الإيرانية على الاراضي السورية، رغم التصريحات الهادئة التي يطلقها من حين إلى آخر مسؤوليها.

ويقول المراقبون إنه كان بالإمكان أن تكتفي الولايات المتحدة بعقد اتفاق مع إيران عبر روسيا بعدم التعرض لقواتها في قاعدة التنف، وليس إرسال منظمات من نوع هيمارس لتلك الجهة السورية.

في المقابل يعتبر البعض أن إدخال مثل هذه الأنظمة قد يكون الهدف منه الضغط على روسيا حليفة طهران للوصول إلى تفاهم يقضي بتحجيم النفوذ الإيراني والحيلولة دون تمدده. وتجري في الفترة الأخيرة محادثات بين روسيا والولايات المتحدة في العاصمة الأردنية عمّان، لتضييق نقاط الخلاف بينهما. وتقول مصادر إن المباحثات تتركز اليوم على إقامة منطقة آمنة في الجنوب السوري، لا يكون لإيران أي حضور فيها.

ووقّعت روسيا وتركيا وإيران في اجتماع أستانة الأخير على اتفاق لتخفيف التوتر في أربع مناطق سورية، وهناك رغبة روسية واضحة في تنفيذ هذه الخطة، إلا أنها تلاقي صعوبات في تحقيق ذلك في ظل تحفظات أميركية أوروبية على الدور الإيراني.

والخميس، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه “يستحيل تسوية الأزمة السورية دون تعاون أميركي روسي بنّاء”.

وشدد الرئيس الروسي على أن بلاده تحاول جاهدة الدفع باتجاه التسوية السياسية “التي لا يمكن لها النجاح دون دعم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر”، والأطراف الثلاثة تجمع على أنه لا حل في ظل بقاء إيران في سوريا.