نجح المسؤولون اللبنانيون في التوصل إلى قانون جديد للإنتخابات وبغض النظر عن الموقف من هذا القانون، إلا أن ذلك يشكل إنجازًا للطبقة السياسية، إذ أصبح اللبنانيون أمام قانون إنتخابي جديد، بصورة لم يعهدوها من قبل وباتت النسبية أمرًا واقعًا وهو ما كان يطالب به معظم الشعب اللبناني بكل أطيافه وألوانه، وبات صدور القانون يوم الجمعة المقبل عن مجلس النواب أمرًا واقعًا وان الجلسة التشريعية المقررة لذلك ستمر بهدوء، بإستثناء بعض الإعتراضات.
وإذا كان لبنان سيطلّ السبت على مشهد جديد فإنّ أولويات هذا المشهد تُخبر عن ذاتها بذاتها وتتبدّى في الملفات الساخنة وكيفية مقاربتها، إذ لم يعد، مسموحاً إغماضُ العين على كلّ الموبقات المشكو منها، وأوّلها الفلتان الأمني والقتل المجاني الذي يزهِق حياة الأبرياء ويدخِل كلّ المواطنين من دون استثناء في خوف على مصيرهم وخشية من أن يَخرجوا من بيوتهم ولا يعودوا، بل يسقطون في كمين لزعران الشارع والشبّيحة وتجّار الموت والعابثين بأمن البلد وهيبة الدولة.
إقرأ أيضًا: هذا أبرز ما تضمنه القانون الإنتخابي الجديد
وهنا تكمن المهمّة الأولى للدولة بكلّ أجهزتها السياسية والأمنية لإسترداد هيبتها التي عبَث بها الزعران، ولعلّ المهمّة الأهمّ تكون في صياغة الإستقرار الداخلي المهدّد من المجموعات الإرهابية الكامنة له عند كلّ مفرق وتتحيّن الفرصة للإنقضاض عليه وزرعِ الفتنة بين اللبنانيين، وشعارات التنبيه والتحذير لم تعد كافية، بل المطلوب العمل الجادّ والمسؤول ورفعُ الغطاء عن كلّ المحميات التي يلوذ فيها من يكنّون العداء للبنان وأهله.
أمّا وقد استغرقنا كلّ ما استغرقناه من وقتٍ لإنجاز قانون الانتخاب، فإنّ المهم بعد ولادة هذا القانون وبعدما صار الفول بالمكيول أن لا نجدَ أنفسَنا أمام محاولة العبثِ بالوقت من جديد ونهدرَ وقتاً إضافياً البلدُ بحاجة إليه.
إذ لا وقت للمزايدة ولتسجيل النقاط وعرضِ العضلات، بل إنّ الوقت هو للعقلانية، ولعلّ ما جرى على حلبة الإشتباك الأخير يشكّل حافزاً للقوى السياسية جميعِها بأن تدخل في مراجعة ذاتية لا بل مراجعة نقدية لكلّ الأداء ولكلّ ما حصَل وما نتج، وليس الاستمرار في المكابرة والطيش السياسي والثبات على المواقف التي كادت في لحظة معيّنة أن تدفع البلد إلى الهلاك.
وخَتم المرجع: «إذا افترضنا أنّ ما حصل إنجازٌ، فالكلّ شركاء في هذا الإنجاز، لقد انتهى اللعب على حافّة الهاوية وآنَ أوان اللعبِ على حافة الإنتقال إلى مرحلة تأسيس الدولة كدولة وترسيخِ إستقرارها، وهنا تتبدّى المسؤولية المشتركة للعمل الجادّ وليس فقط للتغنّي بالإنجاز وإطلاق الشعارات والكلام الكبير حول القانون، والتنافس على أبوّتِه.