تحت عنوان تعرّف الى الأميرين اللذين يعيدان تشكيل الشرق الأوسط، نشرت مجلّة بوليتيكو مقالاً للباحث المتخصص في شؤون دول الخليج العربي، سايمون هندرسون، تحدّث فيه عن العلاقة القويّة بين ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (31 عامًا) وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد (56 عامًا)، والتي اعتبرها أنّها الثنائية الأهم في المنطقة
 

علاقة بن سلمان وبن زايد

ولفت الكاتب إلى أنّ الجهود المفاجئة والدراماتيكيّة لعزل قطر تنبع من الرؤية المشتركة لهذين الأميرين، اللذين لا يتشاركان الرغبة بشنّ معارك مزدوجة ضد إيران والإسلام المتشدّد فقط، بل التقدير العميق للعلاقة مع الولايات المتحدة. وأوضح أنّ بن زايد، الذي يرى في بن سلمان ملكاً مقبلاً للسعودية، يسعى ليكون إلى جنب الأمير الشاب وتقديم المشورة له، فيما لا يمانع الأخير من ذلك.

وأشار الكاتب إلى أنّ الرجلين هما القوتان الكامنتان وراء عروش بلديهما. فبن زايد يقود أبو ظبي التي تحتوي على أكثر إحتياطات النفط في الإمارات العربية المتحدة. وبن سلمان عيّن وليًا لولي العهد بعد 3 أشهر من تنصيب والده ملكًا في 2015. وخلال عامين فقط، تمكّن من جمع سلطة تنفيذية توازي سلطة بن زايد، فالرجلان يمكنهما الحديث عن القرار السياسي لبلديهما.

وبحسب الكاتب، فالعائق الوحيد أمام تقدّم بن سلمان نحو العرش هو ولي العهد محمد بن نايف (57 عامًا)، وهو نجل الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز - شقيق الملك سلمان. وكشف الكاتب أنّ موقع وكيليكس كان سرّب وثيقة سخر فيها ولي عهد أبو ظبي من الأمير نايف بن عبد العزيز، لذلك يعمل بن زايد على الدفع ببن سلمان لمواجهة بن نايف.

 

قطر لن تستسلم

ويختلف الأميران بعض الشيء بما يخصّ قطر، ففيما يركّز محمد بن زايد على تعاطف الدوحة مع "الأخوان المسلمين" وتقديم الدعم للرئيس المصري السابق محمد مرسي خلال فترة حكمه القصيرة، يلقي بن سلمان ثقل تركيزه على إيران، والتي ينظر إليها كقوة لزعزعة الإستقرار في المنطقة. والأميران مستاءان من تقارب الدوحة من طهران، خصوصًا وأنّ البلدين يتشاركان بمساحات كبيرة من الغاز الطبيعي، بحسب الكاتب.

وترى أبو ظبي أنّ الأمير القطري تميم بن حمد هو وكيل والده الذي حكم قطر من العام 1995 وحتّى 2013. والتحالف السعودي الإماراتي لعزل قطر طُبخَ جيدًا، بالرغم من نفي قطر لكلام نُسب للأمير تميم عن إيران.

وقال الكاتب إنّ قطع العلاقات الديبلوماسية وإغلاق الحدود البرية والبحرية يطرح سؤالاً عمّا يريد الأميران تحقيقه. ويشير إلى أنّ موقف واشنطن لا يزال مشوشًا، ففي الوقت الذي اتهم الرئيس دونالد ترامب قطر بتمويل الإرهاب، حثّ وزير خارجيته ريكس تليرسون السعودية والإمارات على تخفيف الحصار والتهدئة. لكن ما هي نهاية اللعبة الأميركية؟ خبراء كثيرون في الخليج قلقون من أنّ قطر لن تستسلم وإيران سوف تجني مكاسب ديبلوماسية.

لاعبان رئيسيان وزيارة سريّة

وعدا عن الأميرين يوجد لاعبان رئيسيان هما سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة وصهر ترامب جارد كوشنير. والعتيبة هو رجل بن زايد واقترن إسمه بإقتراح الغداء بين بن سلمان وترامب في آذار الماضي. وهو من أكثر السفراء الذين نجحوا في تطوير العلاقات مع كوشنير، ودبّر الزيارة شبه السرية لبن زايد الى برج ترامب للقاء ترامب وكوشنير خلال الفترة الإنتقالية، الأمر الذي أنشأ علاقة بين جارد وبن سلمان أيضًا. ويرى الكاتب أنّ الإنفعالات السياسية لا تعود بالنتائج الناجحة دائمًا. وسرد بعض الأمثلة ثمّ سأل هل ستحقّق حملة بن زايد وبن سلمان ضد قطر نجاحًا سريعًا؟ وقال: "إنّ الأمير تميم ووالده يعلمان كيفية تغيير المواقف وفقًا لما تتطلبه الضغوط".

وختم بالقول: "مع إستمرار هذه الأزمة، فالأدوار القويّة المستقبلية للأميرين، على إنفراد أو معًا، في الشرق الأوسط ستُصبح أوضح. النجاح يعني إضعاف إيران وهزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية"، ولكنّ الثقة المفرطة ليست وصفة للإنتصار. فعلى القادة في الرياض أبو ظبي وواشنطن أن يستمعوا أيضًا، فالحسابات الخاطئة قد تقود إلى نتائج مروّعة في الشرق الأوسط والعالم ككل".

(Politico - لبنان 24)