من المرجح أن تحول الحكومة اللبنانية اليوم قانون الإنتخابات الجديد إلى مجلس النواب ليقره في جلسة الجمعة.
هذا القانون الذي إنتظره اللبنانيون منذ 2005 أبصر النور أخيرا وجاء على شكل صفقة بين أطراف السلطة اللبنانية .
لكن على الرغم من ذلك يحتوي هذا القانون على بعض من الإيجابية التي يمكن البناء عليها من أجل مشروع التغيير وإصلاح النظام اللبناني في المستقبل.
إقرأ أيضا : هذه هي بنود قانون الإنتخابات الجديد
الإيجابية في القانون الجديد :
لا شك أن إعتماد النسبية بشكل كامل وسقوط مشاريع الإنتخابات على أسس الأكثرية والمختلط والتأهيلي يعد أهم إيجابية في القانون الجديد.
فتثبيت النسبية في هذا القانون هو بداية لبحث حقيقي في إصلاح النظام اللبناني وأي تغيير سيطرأ على قانون الإنتخابات في المستقبل ستكون النسبية فيه أصلا غير قابل للتفاوض.
لذلك ستساهم النسبية في هذا القانون الأقل سوءا من الستين إلى فتح الباب أمام قوى وشخصيات سياسية لتتمثل في البرلمان الجديد في حال عرفت هذه القوى المعارضة كيف تستثمر هذه الفرصة وتوحد جهودها بخطاب واقعي يحاكي هموم ولغة الشارع بعيدا عن المثاليات المفرطة.
ومن هنا أهمية النسبية التي ستعزز ثقافة المشاركة والمحاسبة أكثر من الواقع الحالي ولو أنها ليست على قدر طموح اللبنانيين إلا أنها الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل للتغيير في حال وجود قوى معارضة فاعلة.
إقرأ أيضا : المرشح خلدون شريف لموقع لبنان الجديد: أنا خصم مع كل من يمنع الإنماء عن بعلبك الهرمل
نسبية مشوهة:
لكن من الجانب الآخر هناك سلبيات كثيرة لا تعد ولا تحصى في القانون الجديد أهمها تصغير الدوائر إلى 15 دائرة ما سيكرس قيام خطاب طائفي ومناطقي أكثر.
كذلك فإن حصر الصوت التفضيلي سيمنع خصوصا الصوت المسيحي في العديد من المناطق كبنت جبيل من التصويت لنوابهم ما يسقط شعارات :" حقوق المسيحيين " و " العدالة " التي رفعها التيار الوطني الحر كونه هو من أصر على حصر الصوت التفضيلي في القضاء لا الدائرة.
إضافة إلى ذلك ، إن القانون أعدته أحزاب لبنان المشاركة بالحكومة ما كفل بطريقة ما مصالح هذه الأحزاب فهي بالأخير لن تقبل بقانون يضر مصلحتها وكان من الأفضل أن تقوم هيئة حيادية تضم خبراء ومختصين بذلك.
لذلك شوهت هذه السلبيات وغيرها النسبية وفرغتها من معظم مضمونها إلا أنها لم تقض عليها نهائيا فتركت مساحة معينة من الأمل لوصول قوى معارضة للسلطة.
إقرأ ايضا : عبارة قالها باسيل وأغضبت بري
الصفقة بين السلطة :
أما وأن القانون قد إتفقت عليه هذه القوى فإنه يلحظ 11 بندا هم بمثابة جولات تفاوض ساهمت في تأخير ولادته.
ويصعب أن تحدد من ربح أو خسر في هذه الصفقة لكن سهل أن تعرف أن جميعهم كسب بالأخير ولو بنسب متفاوتة.
فبدءا بالنسبية الكاملة كأول بند فهذا إنجاز إستطاعت حركة أمل وحزب الله فرضه على الجميع وهو يعتبر مكسبا لهم في المفاوضات لكن بالمقابل تراجعت الثنائية الشيعية عن طرحي النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة والنسبية على أساس المحافظات الست وقبلت بشرط القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بتقسيم الدوائر إلى 15 دائرة وهذا مكسب للثنائية المسيحية.
إضافة إلى ذلك إستطاع جبران باسيل فرض شرط حصر الصوت التفضيلي بالقضاء لا الدائرة وهو مكسب لسعد الحريري أيضا لكنه عجز عن إقناع الثنائية الشيعية بأن يكون صوت طائفي فتحرر الصوت على مستوى وطني وهذا مكسب للثنائية الشيعية والقوات.
إقرأ أيضا : قانون على قياس البترون
وقد كسبت القوات اللبنانية معركة نقل مقعد مسيحي وهو للأقليات من دائرة بيروت الثانية إلى دائرة بيروت الأولى.
فيما إستطاع حزب الله منع مشاركة المغتربين في هذه الدورة الحالية وكذلك في إعطاء حق التصويت للعسكريين لكن التيار كسب شرط مشاركة المغتربين في دورة 2026 على أن ينقص عدد النواب بمعدل 6 ويكونوا للمغتربين وربحت حركة أمل شرط زيادة 6 نواب إلى ال 128 في دورة 2022.
أيضا خسرت الثنائية الشيعية معركة تخفيض سن الإقتراع إلى 18 وحقق الحزب التقدمي الإشتراكي الإنجاز الوحيد في هذا القانون وهو جمع دائرتي عالية والشوف في دائرة واحدة.
وفي حال الإتفاق على التمديد التقتي لمدة سنة فهذا سيعد مكسب لسعد الحريري.
إقرأ أيضا : لا إنتخابات بلا مالٍ سياسي.. والمحادل راجعة!
أما البطاقة الممغنطة فجاري النقاش حولها وهي مطلب للتيار الوطني الحر وحركة أمل.
وبموجب هذا القانون سيرتاح جبران باسيل في دائرة البترون من الأصوات التفضيلية التي كانت ستصب ضده من قضاء زغرتا بعد أن تم الإتفاق على أن يكون التفضيلي على مستوى قضاء لا دائرة.
لكنه خسر في معركة رفع الشعارات الكبيرة من التأهيلي والأرذودكسي ومجلس الشيوخ ونقل المقاعد وكلها شعارات لم يتحقق منها أي شيء.
بالمحصلة إستطاعت قوى السلطة تمرير صفقة القانون بأقل الخسائر لضمان مصالحها الخاصة لكن باب الأمل غير مغلق تماما أمام أي تمثيل لقوى جديدة وهذا متوقف على طريقة تعامل المعارضة مع الإنتخابات المقبلة.
الخريطة المرفقة بالمقال إعداد : سنان عيسى ونقلا عن جريدة الأخبار .