دولة قطر، دولة صغيرة تفتقد إلى العمق الإستراتيجي بجوار دولة قوية متنازعة معها على الحدود والأيديولوجيا، إن تلك الدولة تستعيض بالأدوار الدبلوماسية والقوة الإعلامية والثروة البترولية عن عناصر القوة التقليدية، وتمكنت قطر بفضل ثروتها البترولية وديبلوماسيتها الإعلامية المتمثلة بقناة الجزيرة من أداء دور الوسيط أو طرف للنزاع في أكثر من ملف اقليمي للنزاع، كما شاهدنا في دارفور وفلسطين واريتريا والصومال واليمن وسوريا، وبفضل طاقاتها المالية والإعلامية تمكنت من الحصول على إستضافة مونديال 2022.
إقرأ أيضًا: الأم تيريزا الإيرانية أفرجت إيران عنها من سجون الهند
وبموازاة تلك الأدوار والمناورات حاولت قطر إيجاد علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة وإستضافت العديد من أكبر القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة.
وفي نفس الوقت فتحت قطر أبوابها على قيادات إسلامية راديكالية ثم تلك القيادات المصنفة والمعروفة بالارهابية.
وبينما أصبحت قطر ملجأ أساسي للكثير من الإسلاميين المتطرفين الا أن ذلك لم يحل دون لبرلة المجتمع والتعليم وشهد أوضاع المرأة تحسنًا واضحًا خلال العقدين الأخيرين، وقام الامير بالتبرع لبناء كنائس في بلد يبدو أنها فارغة من مواطن مسيحي واحد.
وهكذا يبدو أن قطر تحاول الجمع بين أدوار متناقضة وتلك الأدوار المتناقضة جعلتها محشورة في الزاوية.
فعلى سبيل المثال انها تتقرب من طهران الدولة الشيعة المعادية للكيان الصهيوني وفي نفس الوقت تفتح علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني عكس التيار السائد العربي مما يعني بأنها تلعب أدوارًا خارج الإطار العربي وتحرص على أن تبقى دومًا في طليعة كل شيء.
إقرأ أيضًا: أين السعودية من تفجيرات طهران الارهابية؟
ومما يترتب على العلاقة المتينة مع ايران والعلاقة الحسنة مع إسرائيل أنها تخسر ثقة جيرانها العرب ولم تكسب ثقة إيران لأن إيران لو تتغاضى عن علاقة دولة علمانية تركية مع الكيان الصهيوني التي لها تاريخ طويل الا أنها تنظر إلى العلاقات الودية بين قطر وإسرائيل بعين الإرتياب.
ولهذا يبدو أن وقوف إيران بجانب جارتها الجنوبية في المأزق الذي وقعت فيه لن يتجاوز تامين المواد الغذائية بالرغم من أن أنها تخاصم أو تعادي السعودية ولكنها تنظم علاقاتها على أسس إستراتيجية متينة وليست عاطفية، حتى الأتراك لن يكونوا قادرين على إستبدال السعودية بقطر وليست مستعدة لدفع تكاليف باهظة على وقوفها بجانب قطر، أما الأمريكيون فإنهم طرف في الصراع مع قطر وليسوا في موقع الدفاع عنها ولا الحياد في النزاع بينها وبين جيرانها العرب.
تدفع قطر حاليًا ثمن تناقضاتها التي أوصلتها إلى ضيق خناق إستراتيجي مأزق جيوبوليتية.
باحث ايراني