تطرّق الكاتب الروسي فاسيلي كوزنيتسوف إلى العلاقات السعودية -الروسية وإنعكاسها على الأزمة الخليجيّة، في تقرير نشره موقع المونيتور
 

ولفت الكاتب إلى أنّ زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو في 30 أيار الماضي لم تتصدّر عناوين الصحف، لكن بالنظر إلى التطورات الراهنة في منطقة الخليج، أي في ما يخصّ قطع العلاقات مع قطر، فهذه الزيارة تكتسب أهميّة جديدة.

"يد روسيّة".. وعلاقات مع المملكة

ورأى الكاتب أنّه "حتى وقت قريب، كان يُنظر إلى "يد الولايات المتحدة الأميركية" وراء كلّ الأحداث تقريبًا في الشرق الأوسط. لكنّ الآن وبعدما تصاعد التواجد الروسي في المنطقة، تظهر "يد روسيا" في عدد من الأماكن".

وقال الكاتب إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رحّب بالأمير بحرارة عند قدومه الى موسكو، وأظهرت تصريحاتهما جوًا وديًا وهو الحال في إجتماعات كبار المسؤولين عادةً. وعند تطرّق موسكو للإتصالات العسكرية والسياسية، ذكّر الصحافيين بأنّ موسكو والرياض تبحثان عن طرق لحلّ الأزمات المعقدة خصوصًا في سوريا ولفت إلى أنّ إتفاقيات الطاقة مهمّة جدًا للبلدين.

من جهته، أكّد بن سلمان على التعاون في مجال الطاقة مع روسيا، وقال إنّ النقطة الرئيسية هي إنشاء أساس متين لتحقيق إستقرار سوق النفط وأسعار الطاقة. ووصف الحالة المرحليّة من العلاقة مع موسكو بأنّها "واحدة من أفضل المراحل".

وفيما لم تكن الفرص تسمح بإقامة علاقات إقتصادية بين الدولتين اللتين تقومان بإنتاج الطاقة، إلا أنّ التقارب موجود، بحسب الكاتب، الذي لفت إلى أنّ المسلمين الروس يقدّرون البيت الملكي السعودي عاليًا. وممثلو السلطات ذات الأغلبية المسلمة في روسيا يقومون بزيارات منتظمة الى السعودية حيث يلتقون كبار المسؤولين بمحاولة لتعزيز أوضاعهم في المجتمع الروسي المسلم.

سوريا والتناقض الإقليمي

وتستند العلاقات الوديّة بين البلدين الى إتفاقات عديدة. فموسكو والرياض لديهما وجهات نظر مختلفة على الساحة الدولية وحتى وقت قريب، وجدا أنفسهما على طرفي نقيض في معظم القضايا الإقليمية. ففي الوقت الذي تتناقض رؤية الرياض حول عملية السلام السورية والدور الإيراني الإقليمي إلا أنّهما تمكّنتا من إيجاد أرضية مشتركة. فقد لاحظ المراقبون أن موسكو خففت لهجتها حول اليمن والبحرين، وبدأت تعزّز العلاقات الودية مع مصر وتتعاون مع المملكة بما خصّ الحكومة الليبية وأخيرا، واجهت كل من روسيا والمملكة العربية السعودية مشاكل اقتصادية مماثلة ناجمة عن إنخفاض أسعار النفط، والتي مهّدت الطريق للتقارب ويحتمل أن تكون واعدة "تحالف النفط."

وعلى الرغم من النهجين المتناقضين في القضايا الإقليمية، فقد حاز فوز الحملة العسكرية الروسية في سوريا على احترام الرياض. وهكذا، بدأت المملكة برؤية موسكو في بعض الطرق كبديل محتمل لواشنطن التي أثبتت أنّه لا يمكن الاعتماد عليها في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما.

وفي هذا السياق، تكتسب اللقاءات المتكررة بين بن سلمان وبوتين أهميّة خاصّة، خصوصًا بعد وقت قصير من زيارة الرئيس دونالد ترامب للسعودية وعدم وضوح سياسته بشكل جيد في الشرق الأوسط. وبالرغم من أنّ سوريا كانت البند الأساسي على جدول إجتماعهما، إلا أنّهما لم يصلا الى ترتيبات رسميّة. وبحسب مصادر "المونيتور" فقد كان مقررًا أن يقضي الأمير محمد بن سلمان وقتًا أطول في روسيا، لكن التطورات الدراماتيكيّة في الخليج جعلته يقصّر إقامته.

سيناريو مصر.. وتطورات الخليج

وهنا يأتي دور مصر في سيناريو قريب. فبعض الخبراء في موسكو يؤكّدون أنّ مصر بحاجة للسلاح الروسي لكنّها غير قادرة على دفع ثمنه، والرياض قادرة على دعم مصر، المنخرطة في إقامة المناطق الآمنة في سوريا، الأمر الذي يظهر على أنّه وسيلة لكبح تطلّعات إيران في السيطرة على سوريا.

والتفسير الآتي يوضح التطوّرات في الخليج: روسيا على علاقة جيدة مع قطر وإيران - العدو اللدود للمملكة العربية السعودية. ومن خلال البيانات الصادرة عن وزارة الخارجية الروسية، فإنّ موسكو غير مستعدة للتدخل في الأزمة التي تجتاح قطر لكن هذا لا يعني تراجع الدعم الروسي لإيران، كما تريد روسيا أن ترى السعودية على أنّها الممثلة الرائدة لدول الخليج.

(Almonitor - لبنان 24)