فتّحت الجرائم التي ارتكبت أخيراً، مثل القتل المتعمّد على الطرقات سواء بهدف السرقة أو بسبب الغضب واحتساء الكحول، الباب على تساؤلات حول السبب وراء ازدياد نسبتها والتنوّع اللافت في طرق ارتكابها.
أسباب زيادة الجريمة
تقف أسباب عدة وراء هذا الموضوع، أوّلها فقدان الدولة هيبتها، وثانيها أنّ قسماً كبيراً ممّن يقومون بهذه الأعمال هم من أصحاب السوابق، وهنا يقع حقٌ على الدولة حيث إنّ بعضهم يدخل السجن وهو صغير في السن فيتمّ وضعه مع من هم أكبر منه سناً فيتعلّم منهم الفكر الإجرامي، وبدلاً من أن يكون السجن مكاناً للتأهيل يصبح مكاناً لتحويل المساجين الى محترفي جرائم.
أما السبب الثالث فهو أنّ غالبية من يخرجون من السجن بعد ارتكابهم جرائم كبيرة ينتمون الى عشائر أو أحزاب وعائلات فاعلة يحسب لها الجميع حساباً، وأكثريتهم في مناطق نائية يصعب التعامل الأمني معها، ورابعاً هو أنّ قضية الملاهي والبارات باتت في حال فلتان، ولا يتمّ تنفيذ كل الإجراءات التي وُضعت في هذا الإطار.
إضافة الى ذلك، هناك نقص في العناصر لضبط هذه العمليات، ففي نهاية الأسبوع أحياناً يتطلّب الأمر أن تكون نسبة جهوزية الأجهزة الأمنية والعسكرية نحو 90 في المئة لضبط الأوضاع، وهو ما ليس سهلاً تحقيقه.
بطاقات مزورة
كذلك يُطرح سؤال: كيف يمكن لمطلوب بنحو 20 مذكرة توقيف أن يقود سيارة تضع زجاجاً عازلاً ومرخّصاً، أو أن يحمل سلاحاً ويتنقّل بين الحواجز؟ وما تبيّن في قضية مقتل الشاب روي حاموش الثلثاء الماضي أنّ سيارة القاتل حملت لوحة مزورة، كما أنّ الأوراق لم تكن صحيحة، وتبيّن أن الأشخاص الثلاثة كانوا يستعملون بطاقات وإخراجات قيد مزورة، وهو ما لا يمكن كشفه نتيجة غياب الآلات المختصة في هذا الأمر على الحواجز، إلّا إذا كان الشخص مرصوداً أو مُبلّغاً عنه.
روايات «مؤذية»
المشكلة الأساسية في هذا الموضوع هي غياب توعية المواطنين في ما يخصّ هذه الحوادث، وهو ما تدرسه الأجهزة الأمنية حالياً، أمّا الخطير بعد حصول أي حادثة فهو تَناقل عدد من الروايات على وسائل التواصل الإجتماعي والتي لا تَمتّ للواقع بصلة، فتؤزّم الأمور وتُخرج التحقيقات في بعض الأحيان عن اتجاهها الأساسي، وحتى أنها تصعّب على الرأي العام تقبّل الحقيقة عندما تظهر.
بعد حادثة مقتل روي، وصلت الأمور الى توزيع بعض البلديات والجهات الرسمية أرقام ضبّاط ومسؤولين للتواصل معهم في حال حدوث أي عملية، وهو ما يبعد عن العمل الأمني الجدي، والفعلي والذي دفع بالمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لإصدار بيان تؤكد فيه أنّ الجهة المعنية بأيّ حادث هي غرفة عمليات قوى الأمن الداخلي «112».
في حال حصول حادث
عند حصول أي حادث أو الشك في أي أمر مريب، على المعنيّ الإتصال بغرفة عمليات الأمن الداخلي «112»، وكل الكلام الذي يُحكى عن أنّ العناصر الموجودين في هذه الغرفة لا يردّون أو لا يهتمّون أو يتابعون الاتصالات التي تَردهم هو كلام غير صحيح، خصوصاً أنّ العناصر الموجودين فيها هم مِن رتَب معيّنة، ومدرّبون على كيفية التعامل مع المواطنين، كما أنّ المخابرات الهاتفية تُسجل كلها، أي أنه في حال تلقّي شكوى من أي مواطن عن استخفافٍ في التعامل مع أي حادث، يمكن للجهاز الأمني معرفة العناصر الذين كانوا في الغرفة وحقيقة ما حصل، وفي كل مرة كانت تَرد مراجعات في هذا المجال وتتبيّن صحتها، كانت تتخذ إجراءات في حق المقصّرين.
الخطوة التالية
أما إذا كان هناك حادث ثابت أو جريمة ما في منطقة معينة، فإنّ أقرب مركز جغرافي للـ«112» هو من يتلقّى المكالمة تلقائياً، علماً أنّ كلّ مركز من المراكز متصل بكلّ وحدات قوى الأمن الداخلي وبالأجهزة الأمنية والعسكرية الأخرى، والتحرّك يكون سريعاً خصوصاً أنّ الأمن الداخلي وَضع خطة انتشار لدوريّات وعناصر أمنية بلباس مدني أو عسكري في نقاط تعتبر أساسية وحيوية، ومنها يمكن التحرّك في أي اتجاه للوصول بسرعة الى أيّ شخص يطلب المساعدة.
أمّا الانتشار فيكون تحت الجسور الأساسية وعند التقاطعات والمفارق المهمة وفي المناطق الحساسة، وعند الاتصال بغرفة العمليات فإنها تلقائياً تعرف مكان الدورية الأقرب لمكان الحادث، وعلى هذا الأساس يتمّ التحرك.
طريقة «الهروب» من الحوادث
يمكن أحياناً تلافي مخاطر أيّ حادثة أو تخفيفها لنحو 70 في المئة، فبعد اتصال المواطن الملاحق بالـ112، عليه القيام ببعض الأمور توازياً، كتفاديه دخول شوارع ضيقة يجهل مسالكها.
كذلك، ومع ازدياد نسبة الجرائم، يجب على المواطنين التحلّي بالهدوء أمام أي شخص يظهر أمامهم غاضباً، لأنّ الإشكالات تكبر مع وجود الاحتقان، خصوصاً أنّ الشخص المقابل يمكنه أن يحمل سلاحاً ليس ظاهراً.
فقد أثبتت الإحصاءات أنّ معظم السوريين الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاماً ويُلقى القبض عليهم يحملون سكاكين في جيوبهم، لذا يجب تفادي الإحتكاك الجسدي في أيّ عراك إذا حصل، وأن يحتوي المواطن غَضب الآخر، إضافة الى تفادي الوجود في أماكن خالية من الناس لأنّ تجمّعهم في حال حصول أي حادث يردَع المعتدي بنسبة كبيرة. والأهم أن يبقى الشخص واعياً وألّا يفقد السيطرة على ما يحصل، وأن يذهب باتجاه مناطق يعرفها جيداً وألّا يأخذ الأمور بـ«تكبير رأس».
إذاً، قد تردع عودة عقوبة الإعدام المجرمين عن ارتكاب المعاصي وتخيفهم، وبينما تقوم الأجهزة الأمنية بكل جهدها لحماية المواطن، يتحتّم عليه في المقابل التحلّي بالوعي الكافي لأداء دوره في هذا الإطار.