نشرت صحيفة الإيكونوميست تقريرا تحدثت فيه عن أن الولايات المتحدة لم تعد ضامة لاستقرار منطقة الخليج العربي
 

وجاء في التقرير أنه "في الشهر الماضي، انسجم الرئيس ترامب مع العاهل السعودي الملك سلمان إلى حد كبير، لدرجة أنه تبنى أهداف السياسة الخارجية للملك السعودي".

وأضاف أنه "معروف أن المملكة العربية السعودية السنية تكره إيران الشيعية، خصمها الإقليمي الأكبر. وهذا هو بالضبط ما يشعر به دونالد ترامب تجاه إيران. كما أنه يشاطر السعوديين رؤيتهم في أن أفظع ممول للإرهاب في الشرق الأوسط هي مشيخة قطر الصغيرة؛ ولذلك عبر عن تأييده للإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة حينما بادرت في الخامس من حزيران إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأغلقت معها المنافذ البرية والبحرية والجوية".

وتابع التقرير شارحا: "ثم أعطت هذه الدول الخليجية المواطنين القطريين مهلة مدتها أربعة عشر يوما للمغادرة. وبسخافة متناهية أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة أن كل من ينشر ما يمكن أن يعتبر دعما لقطر، يمكن أن يتعرض للسجن لمدة قد تصل إلى خمسة عشر عاما. يومها غرد الرئيس ترامب قائلا: "لعل هذا يشكل بداية نهاية الرعب الذي يسببه الإرهاب".

وبين أنه "على الرغم من أن قطر صغيرة إلا أنها مهمة، فهي أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، وباتت محطة ضخمة للطيران الترانزيت، كما أنها مقر قناة الجزيرة الفضائية التي تعتبر أقرب شيء في الشرق الأوسط إلى الإعلام المتحرر من الرقابة (طالما أنها لا تتعرض بالنقد للمملكة القطرية)".

كما أشار إلى أن لدى قطر "علاقات جيدة مع إيران، التي تشترك معها في حقل هائل للغاز الطبيعي. كما أن دولة قطر تدعم جماعة الإخوان المسلمين (السنية)، التي تعتبر الوجه الأكثر شعبية في المنطقة للإسلام السياسي. كل هذه الأمور أسباب تجعل السعودية تمقتها".

وقال: "لقد حاول النظام السعودي في الماضي لي ذراع قطر وإخضاعها لإرادته ولكنه فشل. يذكر أنه يوجد في قطر قاعدة أميركية ضخمة، ولد وجودها حتى الآن شعورا بالأمن والاطمئنان لدى القطريين، ولكن بوجود ترامب داخل البيت الأبيض، لم يعد أحد يعرف تماما ما الذي يمكن أن تؤول إليه الأمور".

وبين أنه "لم تقدم أسباب مقنعة تبرر وضع قطر على القائمة السوداء، وإن كان ثمة الكثير من القال والقيل عن أن القطريين الأثرياء يمولون الإرهاب، ولكن لا يوجد ما يثبت هذه التهمة، التي بالمناسبة توجه إلى السعوديين الأثرياء أيضا، وإن كانت صحيفة الفاينانشال تايمز ذكرت في تقرير لها بأن قطر دفعت مليار دولار لإيران وأحد منتسبي القاعدة، مقابل الإفراج عن أعضاء في العائلة الحاكمة القطرية كانوا قد أخذوا رهائن بينما كانوا في رحلة صيد داخل العراق".

وقال إن "المشاحنة أدت إلى شق مجلس التعاون الخليجي، الذي كان يشكل حتى وقت قريب عاملا من عوامل الاستقرار في منطقة يعوزها الاستقرار. وقد ينجم عن ذلك أن تلجأ قطر، وكذلك الكويت وعمان – البلدين الآخرين في مجلس التعاون الخليجي – اللتان رفضتا تأييد الخطوة السعودية ضد قطر، إلى الارتماء في أحضان إيران. قد تهدأ الأمور بعد حين، ولكن يعبر بعض المراقبين عن خشيتهم من أن تكلفة تراجع المملكة العربية السعودية عن هجمتها على قطر، ستكون إسكات صحفيي قناة الجزيرة الذين يشكلون مصدر إزعاج للسعوديين".

وبين أنه "ما من شك في أن دعم ترامب للإجراءات السعودية سيقوض مصداقية الولايات المتحدة الأميركية، حيث سيفهم من سلوكه ذلك أن هذه القوة العظمى يمكن أن تتخلى عن حلفائها بعد دردشة بسيطة يجريها رئيسها مع أعدائهم. في السادس من حزيران غرد السيد ترامب قائلا: "خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، قلت بأنه لا يجوز أن يستمر بعد الآن تمويل الفكر المتطرف. فأشار القادة إلى قطر – وقالوا انظر." إثر ذلك سارع المسؤولون الأميركيون المختصون بالسياسة الخارجية إلى التقليل من خطورة هذه الكلمات التي أبعد ما تكون عن الدبلوماسية، وسعوا إلى التهدئة من روع الناس. ولربما أدرك فيما بعد السيد ترامب جسامة ما ارتكبه من خطأ فبادر في اليوم التالي إلى عرض خدماته للتوسط بين أطراف النزاع".

وقال التقرير إنه "كما قرر عبد الفتاح السيسي أن السيد ترامب هو الرئيس الأميركي الذي سيسمح له بالتنكيل بخصومه دونما إعاقة. ففي الثالث والعشرين من أيار، أي بعد يومين فقط من لقاء الرجلين وتبادلهما المدائح في الرياض، أمر السيد السيسي باعتقال أحد خصومه السياسيين بحجة أنه عمل بيده، ما اعتبر حركة غير مؤدبة في أثناء مشاركته في مظاهرة قبل خمسة شهور".

وفي البحرين قتلت السلطات خمسة أشخاص واعتقلت 286 آخرين في أثناء مداهمة قامت بها قواتها لمنزل أحد علماء الدين الشيعة، وبادرت مباشرة بعد ذلك بحل الحزب السياسي الممثل للمعارضة العلمانية الرئيسية في البلاد.

وختم بقوله: "كانت أميركا في الماضي تعرب عن احتجاجها على كل هذه الإجراءات والتصرفات. لكنها الآن لم تعد تعبأ، وهذا يعني أن الشرق الأوسط سيصبح أقل استقراراً".

 

(عربي 21)