كشفت الأنباء التي تتحدث عن مغادرة قيادات من حركة حماس قطر، وتصريحات بعض مسؤولي الحركة الفلسطينية عن استعداد للخروج الكامل من قطر لتخفيف الضغط عن الدوحة، عن مناورة جديدة تستخدمها قطر للالتفاف على الغضب الخليجي الراهن، والذي أدى إلى قطيعة غير مسبوقة وأزمة داخل مجلس التعاون الخليجي قد تأخذ أشكالا جديدة من التصعيد.
وكان أسامة حمدان، مسؤول العلاقات الدولية في حماس، قد أعلن، السبت، أن حركة حماس لا تمانع مغادرة قيادات من الحركة لقطر لتخفيف الضغط عنها. وزعم حمدان أن الأمر يتعلق بترتيب البيت الداخلي للحركة إثر الانتخابات الحركية الداخلية والتي أتت بإسماعيل هنية رئيسا للحركة ليخلف خالد مشعل في هذا المنصب.
وحاول موسى أبومرزوق، عضو المكتب السياسي لحماس، إظهار موقف محايد من الأزمة الخليجية معتبرا أن “حماس تتجنب الخلافات العربية وتدعو إلى الحوار لحل الإشكاليات”، وأن حركته “لن تكون طرفا في الصراعات الداخلية لأنها ملتزمة بالقضية الفلسطينية المحورية وبخيار المقاومة”.
غير أن مراجع خليجية متابعة لملف الخلاف الخليحي مع قطر ترى أن احتمال خروج قيادات حماس من قطر ينعطف على أنباء سابقة كانت قد تحدثت عن إعادة تطبيع الحركة علاقاتها مع إيران وعن قرار اتخذ في طهران لإعادة الدعم المالي إلى حماس بعد القطيعة الإيرانية الحمساوية في السنوات الأخيرة بسبب موقف حماس المعادي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، ناهيك عن استعداد رئيس الحركة الجديد إسماعيل هنية للقيام بزيارة طهران.
وتلفت هذه المراجع إلى أن قطر منعت حماس من استخدام أراضيها كمنبر وقاعدة لأي أنشطة ضد إسرائيل تجنبا لإغضاب تل أبيب وتماشيا مع توجهات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي توجه اتهامات لحماس بممارسة الإرهاب.
وأعلن أسامة حمدان في هذا الصدد أن وفدا من الحركة برئاسة هنية سيزور إيران قريبا ضمن جولة تشمل دولا أخرى لم يذكرها. وسيكون هنية أول رئيس لحماس يزور طهران منذ القطيعة بين الحركة وإيران منذ عام 2012. ومعلوم أن طهران شجعت على انتخاب هنية واستبعاد موسى أبومرزوق عن هذا الموقع بعد تسريب شريط صوتي له قبل سنوات يتهم فيه إيران بالكذب والخداع وادعاء المزاعم في دعم المقاومة.
ووصفت مصادر سياسية خليجية المناورة القطرية بنقل مقر حماس من الدوحة إلى طهران بـ”الحيلة القديمة” فقطر لا تضحي بحماس، وإنما تنقل مقراتها وقياداتها إلى إيران، مثلما سبق وأن فعلتها بنقل مقر الحركة من سوريا. وهكذا تحافظ على علاقتها بها من دون العبء السياسي المترتب على بقاء حماس على أرضها.
وقالت إن الموضوع مجرب من قبل في سوريا عندما تخلى الحمساويون عن بشار الأسد وعادوا إلى أصلهم الإخواني.
وتوقعت المصادر أن يكون الأمر معقدا هذه المرة لأن هناك عينا أميركية تراقب، والاتهام السعودي لقطر بدأ أول ما بدأ بالتعاون مع إيران. مؤكدة على أن نقل مقر وقيادات حماس إلى إيران سيعزز مفهوم “تحالف الإرهاب” ولا يقلله.
وتقول مراجع خليجية إن هذا التطور هو دليل آخر على حالة التكامل في أدوار إيران وقطر ومتانة علاقات الدوحة بطهران والتي لم تنقطع ولم تتأثر بالموقف الخليجي الحازم ضد إيران والذي عبرت عنه البيانات الرسمية لقمم مجلس التعاون الخليجي، وأن البلدين يتبادلان نفس الخدمات تلبية لنفس المصالح والأجندات، بحيث تعمل حماس تحت سقف قطر أثناء القطيعة مع إيران لتعود لتعمل تحت سقف إيران بعد أن أصبحت علاقات حماس مع الدوحة تسبب حرجا كبيرا، ليس فقط أمام دول الخليج، بل أمام المجتمع الدولي برمته.
وتتحدث بعض الأنباء عن أن من بين القيادات الحمساوية التي غادرت قطر عضو المكتب السياسي للحركة صالح العاروري الذي أبعدته تركيا عن أراضيها بضغط إسرائيلي. فيما أكدت مصادر إسرائيلية أن العاروري توجه إلى لبنان وسط تخوف لبناني من انتقال بعض قيادات حماس من الدوحة إلى بيروت، خصوصا وأن عودة العلاقات بين إيران وحماس ستفتح باب التعاون بين حماس وحزب الله والذي حافظ على حده الأدنى أثناء القطيعة السابقة من خلال القيادي الحمساوي أسامة حمدان.
لكن مسؤولين خليجيين يشككون في عزم قطر التخلي عن حماس، وهي الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين، كما عن أي فصيل من الإسلام السياسي. ويجمع هؤلاء أن الدوحة تعتبر الإسلام السياسي قاعدة لنظامها السياسي حتى لو أدى ذلك إلى غضب عربي إقليمي دولي ضد سلوكيات الدوحة الملتبسة في مكافحة فصائل الإرهاب.
ومهدت الدوحة نفسها لاحتمال إبعاد قيادات حماس عن قطر بتصريح لوزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رفض فيه اعتبار حركة حماس إرهابية، فيما صدر عن حماس تصريحات تبدي استعداد الحركة لسحب قياداتها من قطر، وهو ما اعتبره المراقبون استجابة مباشرة للمطالب التي عبر عنها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حين طالب قطر بقطع علاقاتها مع حماس.
بيد أن مصادر دبلوماسية غربية ترى أن المناورات القطرية الإيرانية باتت مكشوفة وتحت أعين كافة المؤسسات الأمنية والدبلوماسية التي تعمل في العالم لمكافحة الإرهاب، وأن نقل مقر حماس إلى إيران، كما احتمال إمكانية انتقال قيادات إسلامية أخرى إلى إيران، يقيم دليلا آخر على تحالف قطري إيراني لنصرة الإرهاب في مواجهة التحالف الدولي العربي الإسلامي لمكافحة الإرهاب والذي أفرجت عنه بوضوح القمم التي انعقدت في الرياض مع الرئيس الأميركي الشهر الماضي.