لم تنتكس «الأجواء الإيجابية» التي أشار اليها الرئيس سعد الحريري من بعبدا، بعد لقاء الساعة ونصف مع الرئيس ميشال عون.. لكن اشارة الى وجوب «الاسراع في إنجاز قانون جديد للإنتخابات في أسرع وقت ممكن» أرخت ظلالاً من التخمين والتشكيك بأجندة الأسبوع من الأربعاء الى الجمعة، من دون ان يعني ذلك «انتهاكاً لحرمة الرهان الإيجابي على ما تم انجازه من مسودة قانون الانتخاب، وان الكفة ما تزال ترجح اقراره يوم الجمعة المقبل، وفقا لتوقعات النائب جورج عدوان.
وهذه المقاربة، بلغة الترجيحات، دفعت الرئيس نبيه بري الى ضرب أخماسه بأسداسه، كما يقال، والتفكير ببدائل، لا سيما وان الوقت بات أكثر من داهم، إذ نسب الى اوساطه انه سيعمد الى إلغاء جلسة الجمعة وعقد جلسة الاثنين في 19، قبل يوم واحد من نهاية ولاية المجلس، اذا لم تسر الأمور على ما هو مرسوم ومنشود إيجاباً.
لا توحي مؤشرات المواقف بما ينبئ بتطورات سلسلة خلال الفترة الممتدة من اليوم الاثنين الى الجمعة، وبدا السباق بين نفاد الوقت وإمكان تثبيت التفاهمات الانتخابية بأن دخل حافة الهاوية فعلاً.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مطلع لـ «اللواء» ان الاتصالات ستشهد زخماً قوياً حتى ليل غد، فإذا اسفرت عن اتفاق، يذهب الوزراء الى جلسة بعبدا لإقراره، والا فلا حاجة لجلسة، يخوض فيها الوزراء في جدالات، قد تقودهم الى استقطابات، او خلافات علنية، او حتى تصويت، ليس من اليسور السير به..
لقاء عون – الحريري
واوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس في بعبدا ناقش النقاط التي لا تزال عالقة في مشروع قانون الانتخاب وهي: الصوت التفضيلي ومقاعد المغتربين والتأهيلي .
وذكرت أن الرئيس الحريري وضع رئيس الجمهورية في أجواء الاتصالات حول المشروع وأنه سيعمل على تذليل النقاط التي لم يتم التفاهم حولها. وأكدت أن الرئيسين أبديا إصرارا على عرض المشروع في جلسة مجلس الوزراء بعد غد الأربعاء من أجل إقراره وإحالته على مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية.
وأفادت أن هناك تعويلا على الاتصالات التي تعقد في اليومين المقبلين للوصول إلى تفاهم، لكن المصادر نفسها لم تستبعد إقرار المشروع في مجلس الوزراء على أن تبقى نقطة أو اثنين تدرس لاحقا، او ربما تناقش في جلسة مجلس النواب التي ارجئت من اليوم الى الجمعة في 16 حزيران الحالي، علماً ان الرئيس نبيه بري كان شدد في آخر لقاء لنواب الاربعاء على وجوب اقرار قانون الانتخاب بمادة وحيدة، للحيلولة دون اطالة المناقشات.
والى ذلك، ناقش الرئيسان عون والحريري، في لقائهما الذي استغرق ساعة ونصف الساعة الى جانب النقاط التي ما زالت تعيق وضع مشروع القانون، موضوع التمديد التقني، في ضوء التباين في وجهات النظر حيال هذا الامر، بين من يريد اجراء الانتخابات في الربيع المقبل بسبب التحضيرات اللوجستية، غير ان الرئيس عون يريد الا يتعدى التمديد الاربعة اشهر والا يتأخر عن شهر تشرين، وقالت ان الامر يبحث مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من اجل بت المهلة المطلوبة والتفاهم على التمديد التقني. علماً ان الوزير المشنوق سبق ان اعلن انه يحتاج الى قرابة سبعة اشهر ليتمكن من اجراء الانتخابات، خاصة وانها ستجري وفق قانون جديد هو النسبية والذي يحتاج الى تدريب واعداد وإفهام سواء للموظفين الاداريين او حتى الناخبين، فضلا عن طباعة اللوائح الانتخابية، وما يتصل بكل احتياجاتها اللوجستية.
وكانت دوائر رئاسة مجلس الوزراء، دعت السبت الى عقد جلسة لمجلس الوزراء تعقد في بعبدا قبل ظهر الاربعاء، ووزعت مع الدعوة جدول اعمال يتضمن 47 بنداً، احتل مشروع قانون الانتخاب بنده الاول.
غير ان الوزراء لم يتسلموا حتى الساعة اي مشروع يتصل بقانون الانتخاب، وفق النظام الداخلي الذي يفترض توزيع اي مشروع على الوزراء قبل 48 ساعة، مما يشير الى أن اليوم يفترض ان يكون المهل المتاحة قانوناً لوضع مشروع القانون، وهو ما شدد عليه الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون، اذ قال انه «يجب الانتهاء من صياغة القانون قبل جلسة مجلس الوزراء.
مجلس الوزراء
اما جدول اعمال الجلسة فلا يتضمن قضايا مهمة، باستثناء البند 33 الذي يلحظ تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء لدراسة مسودة ملف التلزيم العائد لمناقصة التفكك الحراري وتحويل النفايات الى طاقة والذي اعده الاستشاري «رامبول» واعداد الاقتراحات المناسبة ورفعها الى مجلس الوزراء خلال مهلة شهر واحد، على ان تستعين اللجنة عند الاقتضاء في انجاز مهمتها بمن تراه مناسباً.
– مشروع مرسوم النظام الداخلي لمجلس التعليم العالي.
– طلب وزارة الزراعة اجراء مباريات لملء المراكز الشاغرة في ملاك التعليم الزراعي.
– طلب وزارة الثقافة تسمية الدكتور محمّد امين فرشوخ كممثل للبنان في المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو).
– مشروع قانون يرمي الى الاجازة للحكومة ابرام التعديلات التي اجريت على الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الاموال العربية في الدول العربية التي أقرها مؤتمر القمة العربي الحادي عشر في عمان بتاريخ 26/11/1980 والتي اصبحت نافذة اعتبارا من 7/9/1981.
عدوان
وكان النائب عدوان قد جزم امس بأنه سيكون هناك قانون انتخاب، مشيرا الى ان هدف «القوات» ان يكون هناك قانون انتخاب يراعي التمثيل والعدالة، لافتا الى انه اذا لم يقر مجلس الوزراء القانون الاربعاء، فيمكن تقديم اقتراح قانون معجل مكرر على جلسة مجلس النواب والتصويت عليه، لكنني لا افضل هذا الامر.
وبالنسبة لمقاعد المغتربين، لفت عدوان إلى أن الجميع يسلم بعدم إمكانية تطبيق بند تمثيل المغتربين في الدورة الحالية، لذلك يمكن تأجيل خوض هذا النقاش إلى حين انتخاب مجلس نواب جديد، وبالنسبة للصوت التفضيلي على اساس الدائرة او القضاء فقال إذا لم نتوصل الى اتفاق فلا خيار الا بالتصويت، لافتاً إلى أن القوات مع الدائرة في الصوت التفضيلي، فيما «التيار الوطني الحر» مع القضاء.
باسيل
اما الوزير جبران باسيل، فاوضح في الكلمة التي مثل فيها الرئيس عون في افتتاح سد القيسماني في فالوغا والممول من الصندوق الكويتي للتنمية، ان عمل الخير ينطبق على الانماء وعلى السياسة، مشيراً الى انه عندما يقر قانون الانتخاب يصبح ملكاً لكل اللبنانيين حتى ولو قدمه فريق معين ووافق عليه أربعة فرقاء، مذكراً باتفاق الطائف الذي فرض على بعض اللبنانيين بقوة السلاح لكن عندما اصبح دستوراً ارتضاه كل اللبنانيين.
ولاحظ أن النسبية بحاجة إلى ضوابط حتى تؤمن الديمومة طالما لبنان بلد تعددي محكوم بالديمقراطية التوافقية، لافتاً إلى ان العدالة لا تتجزأ، وهو المفهوم الذي على أساسه نحن نقول أن القانون بحاجة إلى ضوابط واصلاحات حتى يصبح مكملاً ويعطي الحقوق كاملة.
الحريري:
لا لازدواجية السلاح
وكعادته في إفطارات رمضان، لم يشأ الرئيس الحريري الحديث في قانون الانتخاب، مكتفياً بالحديث عن مشاريع المناطق التي يزورها، الا انه لدى تناوله موضوع الأمن في بعلبك وفي البقاع بشكل عام، شدد على ان الأمن لا يحتمل أي ازدواجية، لا ازدواجية السلاح ولا ازدواجية السلطة، غامزاً من سلاح «حزب الله» من دون ان يشير اليه بالاسم، مؤكداً أن مشروعه سيبقى حصرية السلاح وحصرية السلطة بيد الدولة والدولة فقط، لافتاً إلى ان الجيش وقوى الأمن وكل أجهزة الدولة تقوم بواجباتها وتقدم التضحيات لكن هذا الامر لا يكفي المنطقة من شر حفنة من الزعران والخارجين على القانون، كاشفاً بأن الدولة ستقوم بعمليات نوعية بحق المخلين بالأمن، وعلى كل واحد تحمل مسؤوليته.
ولفت انتباه المراقبين في كلمتي الرئيس الحريري في افطار «المستقبل» للبقاع الأوسط وبعلبك غروب السبت، وللبقاع الغربي وراشيا وعرسال أمس في شتورة، اشادته بنواب «المستقبل» في البقاع، بما يؤشر إلى استمرار ترشحهم عن التيار في الانتخابات المقبلة، وكذلك تأكيده بان الاعتدال قوة وليس ضعفاً، وان التسويات لمصلحة الوطن ليست تنازلات والبطولة لا تكون بالمزايدات أو التفريط بالثوابت، لكنه لفت، في سياق تذكره للذكرى العاشرة لاستشهاد النائب وليد عيدو الى ان تيار «المستقبل» يتعرض لمحاولات اغتيال سياسي عبر فبركة الاخبار عنه وعن «التيار»، مشيراً الى أن الوفاء بات قليلاً في السياسة خاصة ممن كانوا معه وتحديداً من التيار، الا انه لم يسم أحداً، ودعا لهم بالتوفيق.
فرنجية
اما رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية فكانت له كلمة مطولة، بعد القدّاس الذي اقيم في دارة الرئيس الراحل سليمان فرنجية في اهدن لمناسبة الذكرى 49 لمجزر اهدن التي ذهب ضحيتها النائب طوني فرنجية وزوجته فيرا وطفلتهما جيهان و31 من أبناء المنطقة، لم تخل من رسائل مبطنة وواضحة تجاه خصومه لا سيما المسيحيين والحلفاء أيضاً.
واتسمت الكلمة والتي ألقاها للمرة الأولى منذ سنوات في مثل هكذا احتفال، بسقفها العالي، بالنسبة للمواقف التي أطلقها والتي طاولت تحديدا «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» من دون أن يسميها بالاسم.
ولفت فرنجية إلى انه منذ 39 سنة ولغاية اليوم نفتخر اننا ما زلنا نتكلم اللغة السياسية ذاتها، موضحاً أن المراكز لن تجعلنا ننحني، فالشخص هو الذي يعطي قيمة للمركز لا العكس، مشدداً على أن الوجود المسيحي يكون بالانفتاح والانصهار وعدم المتاجرة بمسيحيي الجبل، ومشيراً إلى ان المسيحيين كانوا دائماً أساس الاعتدال والانفتاح والتجذر.
وبالنسبة لمجزرة اهدن قال أن المسيحي الحقيقي هو الذي يغفر ويسامح، ونحن سامحنا في بكركي وسامحنا في السياسة لكنهم انقلبوا على بكركي وعلى ما اتفقنا عليه، لافتاً إلى اننا نحيي اليوم ذكرى مجزرة من إنتاج مخلصي المسيحيين، في إشارة واضحة إلى «القوات» وإلى رئيسها سمير جعجع شخصياً.
وختم معلناً بأنه سيخوض معركة الانتخابات بمرشحين وداعمين لفرقاء وحلفاء، ونتمنى أن ينجح كل حليف قبل نجاحنا، مشيراً إلى ان تحالفاته ثابتة مثل قناعاته، لكنه أعلن في النهاية انه يمد يده للجميع، للحلفاء وللخصوم، قائلاً: «الذي يريدنا يعرف العنوان».