فيما يتعثّر الاتفاق بشأن قانون الانتخابات، في ظل استراحة تفاوضية بانتظار عودة الرئيس سعد الحريري من المملكة العربية السعودية، اتضح في الفترة الأخيرة، عدم حماسة حزب الله للدخول على خط التفاوض وحلّ الأزمات بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل. فقد اكتفى الحزب بتوجيه رسائل تعتبر من الثوابت على الجميع الإلتزام بها. رغم أن ما يجري لا يرضي الحزب، لا بل يزعجه، وإن بقي صامتاً عليه.

في غمرة انزعاج مختلف الأطراف من كلام باسيل "الطائفي"، وبعد إتهامه بأنه يريد الذهاب نحو خطوات طائفية وتقسيمية، بقي حزب الله على صمته، ولم يصدر عنه أي موقف، باستثناء المواقف التي تشدد على الحفاظ على الاستقرار والمؤسسات والدستور. عدا عن ذلك، بقي حزب الله على حسن علاقته بحليفيه، بري والتيار الوطني الحر. وفيما برزت آراء في الشارع الشيعي، معارضة لطروحات باسيل الطائفية وغير الطائفية، بدأت تطرح في الأوساط الشعبية أسئلة عن سبب سكوت الحزب على طروحات باسيل الطائفية. لكن جواب الحزب واضح وصريح، بأنه حريص على العلاقة الجيدة مع التيار، وعلى المسيحيين، وبأنهم مغبونون، وبحاجة إلى تحصيل حقوقهم، وما يقوله باسيل يهدف إلى إستعادة الحقوق وصحة التمثيل، خصوصاً أن كلامه الطائفي لا يستهدف أي طوائف أخرى، إنما يهدف إلى تعزيز الوضع المسيحي في البلد.

بالتالي، لا يعتبر حزب الله أن كلام باسيل يشكّل تهديداً لهذا التحالف. أما في شأن تفاصيل القانون والمفاوضات التي تتخذ طابع الجدل البيزنطي، فيفضّل الحزب عدم الدخول فيها، خصوصاً في هذا الوضع الدقيق الذي تمرّ به المنطقة، وينذر بتحولات كبيرة. وعلى هذه القاعدة، يستند حزب الله إلى أن حجمه النيابي وقوته لن تتأثرا مهما كان القانون. فهو يعتبر أن اتفاق الأفرقاء على قانون جديد للانتخاب أمر جيد ومفيد للعهد، ويعبر عن إنطلاقة قوية وأساسية له. أما في حال عدم الإتفاق، فالأمر لن يغيّر شيئاً لدى الحزب، لأن حصته ستبقى كما هي ولا خشية لديه من أي تغيير.

ما يرديه الحزب هو الإلتزام ببعض الثوابت، وأبرزها عدم حصول فراغ في مجلس النواب. وهنا، لا تخفي مصادر متابعة أن حزب الله، كما غيره من الأفرقاء، لا يستسيغ الطريقة التي تدار فيها المفاوضات بشأن قانون الانتخاب، والتي تدلّ نوعاً ما عن مراهقة سياسية، وتدلّ على أن ما يجري هو أقل من المستوى المطلوب، خصوصاً لدى تقديم أي طرف من الأطراف إلتزاماً بمسألة معينة، وفيما بعد يسحب موافقته ويضع شروطاً جديدة. والأهم بالنسبة إلى الحزب، هو ما تم إبلاغ باسيل به، والذي ينطلق من تفصيل دستوري أساسي بأنه بعد انتهاء ولاية المجلس، وعدم انتخاب مجلس آخر، فإن رئيس المجلس يترأس هيئة مكتب المجلس، وبالتالي يبقى يسيّر أعماله.

ينطوي هذا الكلام على خشية لدى الحزب من الذهاب إلى عدم التوافق على القانون الجديد. بالتالي، الذهاب نحو انتهاء ولاية المجلس النيابي. لذلك، وتجنبّاً للفراغ في السلطة الثانية والذي يؤدي إلى فراغ في المؤسسات كلها، فإن هيئة مكتب المجلس هي التي تسيّر أعمال السلطة التشريعية. وهناك من يعتبر أن لدى التيار أمنية في أن يرى بري رئيساً لمجلس منتهية ولايته. وقد يلجأ إلى هكذا مغامرة، تفضي إلى قانون الستين، من خلال دعوة الحكومة إلى الانتخابات.

وفي سياق متّصل، تؤكد مصادر متابعة، أن التيار أبلغ على لسان أحد مسؤوليه، بأنه لن يرضى السير بقانون تقدّمت به القوات اللبنانية، ويطلق عليه إسم جورج عدوان، خصوصاً بعدما كان باسيل تقدم بأكثر من صيغة تم رفضها. وتلفت المصادر إلى أن باسيل قد يخطو خطوة انتخابية جديدة تتخطى الخمس عشرة دائرة مع النسبية، بهدف تغيير شكل قانون الانتخاب وإسمه، ولكن بدون تغيير مضمونه والنتائج التي سيفرزها، بهدف حجب إسم القوات عنه. وتعتبر هذه المصادر أن الوقت الضيق لا يتيح للتيار التباطؤ أكثر، معتبرة أنه في اللحظة الأخيرة سيذهب إلى إقرار القانون الجديد، وهي تعوّل مجدداً على موقف حاسم يتخذه رئيس الجمهورية ميشال عون في الوقت المناسب لإنتشال العهد من مأزق الفراغ أو الستين.