وزير الخارجية القطري يقول إن بلاده لن تتنازل أو تستسلم، والتعنت القطري يمكن أن يحول المقاطعة إلى حصار
 

قال مسؤول قطري إن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رفض دعوة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحضور محادثات في واشنطن للوساطة في الخلاف المتصاعد مع دول خليجية، وأكد أن “الأمير ليست لديه خطط لمغادرة قطر والبلاد تحت حصار”.

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه تركيا لإرسال جنود إلى قاعدتها في قطر.

وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن بلاده ليست على استعداد للاستسلام ولن تكون مستعدة مطلقا للتنازل عن استقلال سياستها الخارجية.

وأضاف إن قطر تواجه العزلة بسبب نجاحها وتقدمها وأنها منتدى للسلام لا للإرهاب. وأضاف أن النزاع الحالي يهدد استقرار المنطقة بأسرها.

ودعت مصر مجلس الأمن الدولي للتحقيق في اتهامات بأن قطر دفعت فدية تصل إلى مليار دولار لمنظمة إرهابية تنشط في العراق.

يأتي هذا في وقت أعلن فيه أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أن أي خطوات أخرى يمكن أن تأخذ شكل نوع من الحصار على قطر.

واعتبر المراقبون أن الموقف التركي هدفه الإيحاء للدوحة بدعم خارجي، تتشارك فيه أنقرة مع طهران، ما من شأنه تعقيد الموقف ورفع مستوى التعنت القطري بما يتناقض مع الدعوات التركية المزعومة (وقبلها الإيرانية) لإيجاد حل سلمي للقطيعة التي أعلنتها السعودية والإمارات والبحرين مع قطر.

ووافق برلمان تركيا، الأربعاء، على نشر قوات في قاعدة عسكرية تركية في قطر. واعتبرت هذه الخطوة مؤشرا على الدعم التركي لقطر، وتطبيقا لاتفاق دفاعي يجيز نشر قوات تركية في قطر أبرم في 2014.

وتم بموجب هذا الاتفاق فتح قاعدة عسكرية تركية في قطر والقيام بتدريبات عسكرية مشتركة، كما ينص الاتفاق على إمكانية نشر قوات تركية على الأراضي القطرية.

واستغربت مصادر خليجية مسارعة البرلمان التركي للمصادقة على مشروع القرار، ما اعتبره مراقبون أتراك أسرع مصادقة في تاريخ البرلمان التركي، والتلويح بخيارات عسكرية لم تتطرق إليها دول الخليج لا على المستوى الرسمي وعلى المستوى الإعلامي.

ولم يحدد مشروع القرار الذي وافق عليه البرلمان عدد الجنود الذين سيتم إرسالهم إلى القاعدة أو موعد إرسالهم.

وذكر سيزغين تانريكولو النائب من حزب الشعب الجمهوري المعارض أنه تم إرسال 80 عسكريا إلى القاعدة لإعدادها لتصبح أول منشأة عسكرية تركية في منطقة الخليج.

وتساءلت مراجع دبلوماسية عربية عما إذا كان الموقف التركي هدفه صب الزيت على النار ودفع الأزمة الحالية نحو أبعاد دراماتيكية ليست في حسابات الخليجيين.

ورأت هذه المراجع أن تركيا تتشارك مع إيران في القلق من التحولات الدولية الكبرى منذ انعقاد قمم الرياض الثلاث مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبالتالي فإن لها، كما لإيران، مصلحة في تقويض الانسجام الأميركي الإقليمي الذي أفرجت عنه زيارة ترامب للرياض، من خلال العمل على رفع مستوى المواجهة الخليجية الداخلية.

واعتبرت أوساط خليجية مطلعة أن موقف تركيا الذي يعبر عن قلق من ارتفاع مستوى التوتر في المنطقة بسبب الأزمة الخليجية الراهنة يتناقض تماما مع اللغة العسكرية التي تستخدمها.

وقال وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذه المشكلة.

وترى السعودية وحلفاؤها أن على قطر تغيير سياستها والالتزام بأمن واستقرار منطقة الخليج.

وتواصل الإمارات ضغوطها على قطر، متهمة إياها بلعب “دور المروج الرئيسي للتطرف والإرهاب في المنطقة”.


أنور قرقاش: فرض المزيد من القيود على قطر لا يزال خيارا مطروحا
وقال قرقاش إن احتمال فرض المزيد من القيود على قطر لا يزال خيارا مطروحا وإن على الدوحة أن تعلن التزامها الكامل بتغيير سياسة تمويل المتشددين الإسلاميين.

وأضاف أن تفكيك التشابكات التجارية “المتنوعة للغاية” بين قطر وجيرانها سيكون مهمة معقدة جدا، لكنه أشار إلى أن ذلك قد يكون ضروريا.

وأوضح “لا يمكن استبعاد اتخاذ المزيد من الإجراءات. نأمل أن يسود الهدوء والتروي وأن تسود الحكمة وألا نصل إلى ذلك”.

وترى الأوساط الخليجية نفسها أن دعم قطر بجنود أتراك قد يصل إلى ثلاثة آلاف عنصر لن يغير من مواقف الدول الخليجية إزاء العلة القطرية، علما أن للولايات المتحدة داخل قاعدتها العسكرية في العديد في قطر عشرة آلاف جندي ومع ذلك فإن ذلك لم يغير شيئا من قرار قطع العلاقات الذي اتخذ مؤخرا مع الدوحة.

ولا تملك أنقرة اتخاذ مواقف تناقض مواقف الدول الخليجية، إذ ستسعى بصعوبة لإيجاد توازن في علاقاتها الخليجية وستعمد إلى إخراج صيغ لبقية الدول الخليجية تبرر بها جهدها العسكري باتجاه قطر.

ويأتي الموقف التركي في سياق ارتباك عام للسياسة الخارجية التركية التي أوصلت أنقرة إلى أزمات ثقة مع روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على نحو لا يتسق مع رصانة دبلوماسية دولة كبرى كتركيا.

وتعتبر مراجع كويتية مراقبة أن القرار التركي يتنافى مع روحية الوساطة التي يقوم بها أمير الكويت الشيخ صباح الجابر الأحمد الصباح، وأن الاتصال الذي أجراه الرئيس التركي رحب طيب أردوغان، مساء الأربعاء، مع أمير الكويت لا يمكن أن يكون مساعدا على إنجاح المساعي الكويتية طالما أنه متواكب مع مزاج تركي يقارب الأمر من مدخل قاعدة أنقرة العسكرية في قطر.

وقالت أوساط سعودية مطلعة إن دول مجلس التعاون الخليجي حريصة على أن يكون حل النزاع خليجيا وألا يتم تدويله تجنبا لتعقيدات لا تريدها العواصم الكبرى في العالم، وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في برلين الأربعاء.

وأضافت هذه الأوساط أن كافة المواقف الدولية، حتى تلك التي تواصلت مع الدوحة والرياض وأبوظبي، أجمعت على النأي بنفسها عما هو شأن خليجي بامتياز داعية إلى ضرورة إيجاد حل سريع يحمي وحدة مجلس التعاون الخليجي، فيما يأتي الموقف التركي خارج هذا السياق منتهجا طابعا يقوم على التدخل سواء في إظهار انحيازه السياسي أو من خلال التلويح بالورقة العسكرية الباهتة.

وأوضح مسؤول خليجي كبير لوكالة الصحافة الفرنسية أن الأزمة ناتجة عن “التأثير” المستمر للأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (65 عاما) على نجله الشيخ تميم الذي تنازل له عن الحكم في العام 2013.

وترى مصادر دبلوماسية أوروبية أن الموقف التركي يعبر عن ضيق من الضغوط التي تتعرض لها قطر بسبب دعمها للإسلام السياسي، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين، كما يعبر عن قلق من أن قرار مكافحة التطرف والإرهاب ووضع حد لداعمي الجماعات الجهادية في العالم، سيضع تركيا، في موقف حرج تحاول أنقرة تأجيله من خلال الدفاع عن الحليف القطري.