أتظنون أننا سنرحل؟ أتخالون أننا سننتهي؟ إننا باقون بإذن الله عز و جل" ( رسالة الإرهابيين الصوتية).
كانت العمليتان الإنتحاريتان اللتان قامت بهما جماعة داعش في العاصمة الإيرانية ردًا واضحًا على السؤال الذي طرحه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد فيما إذا كانت إيران عدوة لداعش فلماذا لم تقم داعش بعملية تفجيرية في طهران؟ يبدو أن الإجابة كانت بلسان عربي مبين!
إقرأ ايضًا: داعش تضرب قلب طهران
الإرهابيون الذين خرقوا أسوار الأمن الفولاذية في العاصمة الإيرانية ينحدرون من مناطق إيرانية وفق معاون الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني رضا سيف اللهي وبطبيعة الحال كانوا من أهل السنة الذين يشكلون أغلبية السكان في ثلاث محافظات ولكنهم متعربون حيث أرسلوا رسالة صوتية باللغة العربية التي لا تخلو من لكنة إيرانية بينما أهل السنة في إيران ليسوا عربًا وهم في الأغلب من البلوش أو الأكراد أو التركمان والعرب الإيرانيين كلهم من الشيعة أو الصابئة، فكيف ولماذا أرسل الإرهابيون رسالتهم التي توعّدوا فيها بالبقاء باللغة العربية بينما هم يخاطبون الإيرانيين الفرس؟
هذا يعود إلى أنهم كانوا يتعمدون في إعلان ولائهم للدولة الداعشية التي تمثل العربية لغتها الرسمية.
إن تلك الرسالة موجهة إلى ما تبقى من هذه الدولة الإرهابية قبل أن تكون موجهة إلى النظام الإيراني، إنهم تدربوا فنون القتال باللغة العربية على يد الدواعش وقاتلوا معهم في العراق وسوريا وبعد تخريب أوكارهم في تلك المناطق لم تبق حيلة لهم إلا العودة حيث بقاؤهم هناك يؤدي إلى الموت حتمًا ولكن طريق العودة إلى حياتهم في إيران أيضًا مغلق ولم يبق لهم خيار إلا القيام بالعمليات الإنتحارية ولهذا ليس من المستبعد أن تشهد إيران المزيد من تلك التفجيرات.
تقول مصادر مطلعة إيرانية بأن المئات من أهل السنة الإيرانيين التحقوا بالدولة الإسلامية في العراق والشام خلال السنوات الثلاث الماضية وهم لا يشكلون عددًا كبيرًا ومنهم من قتل خلال المعارك في العراق وسوريا ويعزى سبب التحاقهم بالدولة الإسلامية إلى التمييز المذهبي وليس إلى تحقيق دولة إسلامية على غرار دولة داعش على الأراضي الإيرانية إلا كهدف بعيد المدى.
إقرأ أيضًا: إيران الممر الوحيد المتبقي لقطر
شهدت إيران موجة من العمليات الإنتحارية والتفجيرات في الثمانينات من القرن العشرين من قبل مجاهدي خلق وهي منظمة شيعية فارسية على عكس إرهابيي داعش السنة العرب أو المتعربة ولكنها فشلت في نهاية المطاف حصلت المؤسسات الأمنية الإيرانية على خبرة هائلة في مكافحة الإرهاب. وإذا الإرهاب الشيعي الفارسي الذي مارسته أكبر الأحزاب السياسية في إيران ( منظمة مجاهدي خلق) لم يّحقق شيئا وتبخّر هاربًا إلى الخارج فإن الإرهاب السني المتعرب أو العربي الوافد لن يتمكن من إنجاز ما حققته منظمة مجاهدي خلق ولو بنسبة خمسة في المائة.
عبر المرشد علي خامنئي عن العمليات التي قامت بها داعش يوم أمس في طهران بأنها لعبة الألعاب النارية وفعلا أنها كذلك مقارنة مع ما قامت بها مجاهدي خلق في الثمانينات.
إن تلك العملية ينبغي أن تجمع بين إيران وجميع الدول العربية والإسلامية التي تهدّدها الجماعات الإرهابية، ولكن مكافحة الإرهاب بحاجة إلى تعريف دقيق للإرهاب لا يُعجب الكيان الصهيوني ولا يُقصي من يتحاكم إلى صناديق الإقتراع كطريق وحيد لتداول السلطة.