وبموازاة الضغوط التي تمارس على قطر للتخلي عن دعمها للتيارات الإسلامية، تستمر التحركات في أميركا لإصدار قوانين جديدة من قبل الكونغرس الأميركي لاستهداف حزب الله وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي والإخوان المسلمين، إن من خلال إصدار تشريعات جديدة لمحاصرة هذه القوى ماليا، أو من خلال التأكيد على اتهامها بأنها حركات إرهابية واعتبار كل من يدعمها إرهابيا، وهناك خلط واضح لدى المسؤولين الأميركيين بين القوى الإسلامية المقاومة وبين التيارات المتطرفة، كما يتم العمل لتوصيف الإخوان المسلمين بأنهم حركات إرهابية رغم المواقف المتكررة لحركات الإخوان للتنديد بالأعمال الإرهابية التي تجتاح العالم.
وفي محصلة ما يجري من تطورات خطيرة في المنطقة وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، فإنه يمكن التأكيد أن القوى الإسلامية بكافة تنوعاتها هي المستهدفة اليوم، وأن إحدى التهم الأساسية الموجهة لدولة قطر: استمرار علاقتها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ورفضها الانصياع للسياسات الهادفة لتشكيل حلف عربي- إسلامي ضد إيران وحرصها على الدعوة للحوار مع إيران لحل مشاكل المنطقة ووجود تنسيق إيراني- قطري – تركي– روسي لمعالجة الأزمة السورية.
وقد يختلف البعض مع هذا الرأي في توصيف الأزمة القائمة بين قطر من جهة وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وقد يحمّل هؤلاء المسؤولية لقطر بدعم بعض المجموعات المتطرفة، أو يعتبرون أن الدور القطري المتعاظم هو السبب الأساسي وراء التطورات الجارية وأن الهدف الأساسي مما يجري تحجيم دور قطر أو ابتزازها كي تدفع المزيد من الأموال للأميركيين، مع الإشارة لوجود قاعدة أميركية كبيرة في قطر ووجود العديد من الملاحظات على السياسة القطرية أو على سياسة قناة الجزيرة أو وسائل الإعلام الممولة من قطر.
لكن هناك وجهة نظر أخرى تقول: إن الهامش الذي كانت تتمتع به قطر خلال السنوات الماضية كان مفيدا للحركات الإسلامية سواء حزب الله أو حماس أو الجهاد الإسلامي أو الإخوان المسلمين، كما أن إيران استفادت من العلاقة الايجابية مع قطر وسلطنة عمان والكويت، وكل ذلك كسر حالة الحصار التي كانت تفرض على إيران أو القوى الإسلامية، ولا يمكن لأي متابع أن ينسى الدور المميز الذي لعبته قناة الجزيرة خلال حرب تموز عام 2006 وخصوصا المقابلة الشهيرة مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال العدوان، إضافة للدعم الكبير الذي قدمته قطر للشعب اللبناني بعد العدوان من اجل إعادة إعمار ما تهدم.
وقد يكون صحيحا أنه حصل بعد الأزمة السورية خلاف واضح بين كل من إيران وحزب الله من جهة وبين قطر وحماس والإخوان المسلمين من جهة أخرى، لكن رغم هذه الخلافات فان هناك علاقة كانت قائمة بين هذه الأطراف طيلة السنوات الماضية.
وفي الخلاصة فإن أحد أهداف استهداف قطر اليوم هو استهداف للقوى الإسلامية وخصوصا الإخوان المسلمين وحماس، وبالمقابل فإن الإدارة الأميركية والسعودية وبعض دول الخليج تستهدف حزب الله والقوى المقاومة، وكل ذلك يطرح على القوى الإسلامية السؤال الشهير الذي طرحه لينين: ما العمل؟
فهل يعي الإسلاميون خطورة ما يجري ويدرسون كيفية مواجهة هذه الأزمة الجديدة؟ أم يضعون أنفسهم في التراب ويقولون أننا لسنا معنيين بما يجري، أو كما يقول المثل الشعبي: فخار يكسر بعضه؟
إن التطورات المتسارعة منذ وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية وما جرى من تطورات في سوريا وما يجري اليوم في الخليج وما يتم التخطيط له للتضييق على القوى الإسلامية، كل ذلك يؤكد إننا اليوم أمام مرحلة جديدة الهدف منها تصفية قوى المقاومة والقوى والحركات الإسلامية في المنطقة بعد كل الانتشار الذي حققته طيلة السنوات الماضية واستفادتها من المتغيرات المختلفة ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية، ولذا فإن على هذه القوى أن تدرك حجم المخاطر المقبلة وأن تتخذ المواقف والقرارات التي تكون على مستوى هذه المواجهة.