يُعدّ الأمن الإلكتروني من أهم الموضوعات التي تشكل أساساً لإستراتيجيات الدول، لمواجهة مختلف المشاكل التي تهدّد إستقرار الفضاء الرقمي، والذي ينعكسُ سلباً على السلم الإقتصادي والإجتماعي.
تُعتبر التكنولوجيا القوّة التي تحرك التحوّل الجذري الذي نراه في كل مكان حولنا. فحلولها الذكية وضعت بصمات على عناصر حياتنا الشخصية والمهنية، حتى بتنا نتحدث أيضاً عمّا يُعرف بالأمن الإلكتروني الذي يحمي حياة الناس الرقمية. فقد وصلت تقنيات الإتصالات الرقمية الى جميع أمورنا الحياتية، بحيث أصبح كل شيء حولنا يعمل عن طريق عملية إرسال وإستقبال مستمرة للبيانات. فمع التطورات التكنولوجية الواعدة التي ظهرت في السنوات الأخيرة، باتت الحاجة الى حماية التقنيات الرقمية لتعزيز أمن المواطنين وتنظيم الإستخدام الرقمي مؤكدة.
إستراتيجية أمنيّة إلكترونية
على رغم اعتماد الجميع على التكنولوجيات المتطوّرة المتصلة، وما يحمله هذا التوجّه من إنجازات ونجاحات، إلّا أنه قد يكون محفوفاً بالمخاطر.
ويرجع ذلك إلى التهديدات الأمنية التي تتربّص بمستخدمي الإنترنت، نظراً لإتصال عدد هائل من الخدمات والأجهزة والشركات والمواطنين بالشبكة.
لذلك، يبدو أنّ أهم الأولويات التي من شأنها حماية المستخدمين هي ضمان إعتماد إستراتيجية أمنية إلكترونية مشدّدة وبناء إطار تنظيمي يلتزم به الجميع. لأنه إن لم تُتخذ خطوات جدّية في وقت سريع، يمكن أن تكون العواقب وخيمة ومدمّرة. وهذا على الصعيد الفردي.
أمّا على الصعيد العام، فتسعى الدول الآن للإنتقال الى مفهوم المدن الذكية التي تشمل الكثير من الأنظمة والأجهزة التي ترتبط عبر تقنيات مختلفة.
وبالتالي، إنّ كمية البيانات التي تولدها هذه النظم يمكن أن تكون ضخمة جداً. وفي حال لم يتم تحصين هذه الأنظمة والأجهزة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضرر وأخطار كبيرة. إذ إنّ البيانات ومعلومات المستخدم إذا كانت غير محميّة قد تسهّل حدوث الأنشطة التخريبية والجرائم الإلكترونية. فمن دون وضع تدابير السلامة الوقائية المناسبة، يمكن لأيّ مجرم إلكتروني أن يقوم بإختراق البرامج عن بعد وإدخال بيانات غير صحيحة للتلاعب بها، وسرقة بيانات المواطنين بسهولة.
وإذا أخذنا في الإعتبار أنه لا يوجد نظام إلكتروني في العالم لا يمكن إختراقه في الفترة الحالية، فيجب عندها أن يكون الأمن الإلكتروني جزءاً لا يتجزّأ من مفهوم الحياة الرقمية للمواطنين، لإنشاء شبكة محصّنة جيداً وغير قابلة للإختراق. فالأمن الإلكتروني هو ضرورة أساسية لحماية المواطنين مستقبَلاً، بالطبع مع المحافظة على خصوصية المستخدم التي نصّت عليها القوانين الدولية.