تحت عنوان "كارين رزق الله... خبيصة لآخر نفس" كتبت زينب حاوي في صحيفة "الأخبار": هي المصادفة التي أدخلت الكاتبة والممثلة كارين رزق الله إلى عالم السباق الرمضاني بعد مغامرة خاضتها مع lbci، قبل ثلاث سنوات من خلال مسلسل "قلبي دق". العمل اللبناني، جاء كخرق للمسلسلات العربية المشتركة والخليجية، وحقق نجاحاً بلغة الأرقام، بغض النظر عن مضمونه وحبكته.
كررت رزق الله مغامرتها على الشاشة عينها بمسلسل "مش أنا" العام الماضي. وقتها، خرج يورغو شلهوب من ملعب البطولة الثنائية ليدخل الممثل بديع أبو شقرا إلى هذه الحلبة، ويحقق مع شريكته في التمثيل أرقاماً عالية في لغة الإحصاء. النجاحان اللذان أدخلا العمل اللبناني إلى منطقة كانت بعيدة كلياً عنه، قطفت حصاده mtv، وأخذت على شاشتها عملاً ثالثاً للكاتبة اللبنانية في سباق هذا العام هو "لآخر نفس" (سيناريو وحوار كارين رزق الله- إخراج أسد فولادكار). أبقت رزق الله في ثنائية البطولة على أبو شقرا، واستعانت بالمخرج المعروف أسد فولادكار، وبالفنان رامي عياش لغناء الشارة (ربما حصل ذلك بعد نجاحه في غناء وتلحين شارة "أمير الليل" الذي عُرض قبل أشهر قليلة على lbci).
في "لآخر نفس"، بدت كارين رزق الله حاملةً رزمة كبيرة من القضايا والملفات الشائكة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، ووضعتها كلّها في عمل ينتهي عند الحلقة الثلاثين! في "مش أنا"، قاربت قضية العنف الأسري، حين جسدت شخصية امرأة مضطهدة ومعنفة من زوجها إلى أن يأتي "المخلص" (بديع ابو شقرا)، ويغيّر حياتها.
قضية العنف الأسري كانت مجرد منكّهات في هذا العمل، من دون التوغّل في خلفياته وسبل مناهضته. واليوم، ذهبت إلى ملعب آخر هو الخيانة الزوجية من خلال قصة شخصين متزوجين منذ أكثر من عشر سنوات، ويعاني كل واحد من الملل وفقدان الحب والمشاعر الجارفة التي اختبرها قبلاً مع شريكه. هزار البطلة المتزوجة (كارين رزق الله) وغسان (بديع شقرا) المتزوج أيضاً، يحاولان الخروج من مؤسستهما الزوجية، والسير بين ألغام المجتمع وقمع المشاعر الفردية، بعد مشاعر اعترتهما خلال لقاء جمعهما في دبي. نرى لاحقاً جهود غسان الرامية إلى الإتيان بهزار وعائلتها المؤلفة من زوجها نديم (رودني الحداد) وابنتيهما الى بيروت، عبر تأمين عمل للزوج وضمان عمل هزار في صحيفة "شمس بيروت"، التي يرأسها غسان، كمديرة للقسم التقني فيها.
لا شك في أنه موضوع قابل للجدل، يفتح إشكاليات عدة على رأسها التقاليد الاجتماعية، والإخلاص الزوجي، وانتفاء أي سبب لعلاقة خارج هذا الإطار، أقله من طرف البطلة التي تبدو على توافق مع زوجها. الى جانب هذه الحبكة، تطرح الكاتبة ــ دفعة واحدة ــ قضايا شائكة تحتاج إلى مساحات للمعالجة والإضاءة عليها. قدمت قضية الشاب الفلسطيني الذي يمنع من ممارسة الطب في لبنان، لكن بطريقة أتت مشوهة، من خلال تشويق ممتد على حلقتين. للحظة، يخال المتابع أن هذا الشاب الذي ستربطه لاحقاً علاقة بشقيقة البطلة (كارمن بصيبص) "مجرم"، أو له سوابق، والقصة فقط تنحصر بقضية لا ذنب له فيها. في "لآخر نفس"، طرح لمشكلة الصحافة الورقية والملكية الفكرية، والزواج من امرأة تكبر الرجل عمراً (تينا جروس مع دوري سمراني)، وقضية الإنجاب لامرأة على مشارف الأربعين من دون زواج (طرحته عبر شقيقة هزار الكبرى ـ تجسّدها ريتا عاد). لكن الطرح أتى أيضاً غير موفق، عبر حفلة كوميدية صاخبة، حدثت بعد إخبار جوليا والدتها (كاتيا كعدي) بأنها ستنجب طفلاً من دون زواج.
الى جانب سلة المواضيع المعاشة، استندت الكاتبة الى مجموعة أبحاث اجتماعية وميدانية. مررت قضايا أخرى تخص البيئة والوحدة والشيخوخة (غابريال يمين)، لكنها أبقت ــ من دون أن تجري نقداً ــ على منظومة التوريث في الصحف (صوّر العمل في مبنى "النهار")، من جهاد المؤسس إلى غسان، فنجل جهاد الشاب الذي لا يمتلك خبرة في هذا المجال، مروراً بزوجة غسان (صولانج تراك)، التي تتولى إدارة التحرير وشقيقها الذي يعمل محرراً أيضاً.
"عجقة" مواضيع وقضايا حسّاسة ومثيرة، افتقد أغلبها للمعالجة العميقة، فيما جاء أداء رزق الله ضعيفاً. مع ذلك، يحسب للعمل محاولة اقترابه من الواقع ولو هامشياً، في انتظار الحلقات القادمة.