استنجدت قطر بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لتحريك وساطة جديدة مع السعودية، على أمل وقف التصعيد في الإجراءات التي لا تزال الرياض مستمرة فيها بشكل تصاعدي لإحكام عزل قطر وإجبارها على التراجع عن سياساتها المثيرة للجدل داخل مجلس التعاون الخليجي وخارجه، وفي وقت أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن عزل قطر بداية نهاية الإرهاب، موضحا أن "كل الدلائل تشير إلى قطر" في تمويل التطرف الديني. لم تظهر الدوحة أي تراجع عن موقفها عندما استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمس الداعية يوسف القرضاوي في إشارة إلى استمرار دعم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين المصنف من قبل السعودية والإمارات إرهابيا.
وقال مصدر كويتي مطلع إن أمير قطر أبلغ أمير الكويت قبيل توجهه إلى السعودية بأنه لن يقبل إملاءات سعودية عليه. وهدد بالانسحاب من مجلس التعاون الخليجي.
وقالت مصادر سعودية مطّلعة إن المملكة، التي وصلها الثلاثاء الشيخ صباح الأحمد، ترحب بأي دور كويتي، لكنها تريد أن تبادر قطر لإعلان اعتذار واضح، وفي خطاب رسمي، عن مواقفها في القضايا الخلافية بين الدوحة وجاراتها في دول الخليج.
وكشفت هذه المصادر عن أن الدول الخليجية الثلاث (السعودية والإمارات والبحرين) تريد أن ترى على الأرض إجراءات ملموسة من قطر وخطوات واضحة في ملف دعم المجموعات المتشددة مثل التبرؤ العلني من أي دعم مستقبلي لجماعة الإخوان المسلمين، وما يستتبع هذا التبرؤ من خطوات بينها طرد العناصر الإخوانية الموجودة في الدوحة، والتي دأبت على مهاجمة بلدانها الأصلية من منابر قطرية، وخاصة قناة الجزيرة، وأن يكون ذلك متبوعا بالاعتذار والتعهد بعدم استقبالهم مستقبلا وتحت أي داع أو مبرر.
ونشرت وزارة الخارجية السعودية عبر حسابها الرسمي على تويتر قائمة بالعهود التي سبق أن نقضتها الدوحة، والتي عليها أن تنفذها كإجراءات سريعة شرطا لأي وساطة، وعلى رأسها وقف التدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون والدول العربية.
وضمت المطالب السعودية كذلك طرد جميع المعادين لدول الخليج، وعدم تجنيس أي مواطن من دول مجلس التعاون، فضلا عن وقف دعم الإخوان واحتضانهم على أراضي قطر، ووقف التحريض الإعلامي ضد دول المجلس ومصر، وخاصة تحريض الرموز الدينية، في إشارة إلى قادة وأعضاء اتحاد علماء المسلمين، الواجهة الإخوانية، والذي يرأسه رجل الدين المصري الهارب يوسف القرضاوي.
وكانت الإمارات اشترطت الثلاثاء أن يكون أي حل للأزمة مع قطر مرفقا بضمانات.
وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش على حسابه على تويتر “بعد تجارب الشقيق السابقة لا بد من إطار مستقبلي يعزز أمن واستقرار المنطقة”، مضيفا “لا بد من إعادة بناء الثقة بعد نكث العهود، لا بد من خارطة طريق مضمونة”.
وحثت مراجع خليجية على التشدد في مراقبة تطبيق التعهدات القطرية، مقترحة أن تقابل الرياض وأبوظبي كل خطوة تخطوها الدوحة بجدية، ببند واحد من بنود المقاطعة، وألا يتم الاكتفاء بالوعود العامة التي دفنتها قطر يوم لم تلتزم باتفاق الرياض في 2014.
عودة القرضاوي
وأشارت هذه المراجع إلى أن لا حل لمشكلة قطر دون إدراكها أن الخليج تغير بنسب عالية فيما بقيت قطر كما هي منذ عشرين عاما، لافتة إلى أن السياسة السعودية صارت تتسم بالحزم الشديد تجاه القريب والبعيد، وأن المملكة التي قادت عاصفة الحزم في اليمن، ووقفت بندية كبيرة في مواجهة إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أساليب قطرية تهدد وحدة مجلس التعاون الخليجي.
ويرى متابعون للشأن الخليجي أن الحل بيد قطر وحدها، وهي من تختار التصعيد وتتحمل نتائجه، أو تختار الاستجابة لمطالب جيرانها وتمضي في تنفيذها دون إبطاء. ولاحظت أنه إلى الآن لا مؤشرات جدية قطرية على الظهور بمظهر التهدئة، وأنه لا يسمع منها شيء إلى اليوم غير التصعيد.
وقال مصدر كويتي مطلع إن أمير قطر أبلغ أمير الكويت قبيل توجهه إلى السعودية بأنه لن يقبل إملاءات سعودية عليه، وهدد بالانسحاب من مجلس التعاون الخليجي.
وبالتوازي، تسعى الدوحة إلى اللعب على شق الصف السعودي الإماراتي، بأن تكيل المديح للرياض وتوجه اللوم لأبوظبي، وهو منطق يتنافى مع الرغبة في التوصل إلى حل.
وحذر المتابعون من أن هذا الأسلوب سيزيد من تعميق أزمة الدوحة في ظل التداعيات المتسارعة لإجراءات المقاطعة الخليجية على الاقتصاد القطري، وأن لا مؤشرات على نجاح أسلوب قطر في ربح الوقت خاصة أن السعودية والإمارات لا تبدوان بصدد التراجع.
وما يعقد أزمة قطر أن ملف دعم الإرهاب بدأ يخرج عن الدائرة الخليجية إلى بعد دولي. فقد جاهرت الولايات المتحدة بوقوفها إلى جانب السعودية ضد سياسة قطر في تصريح لأحد المسؤولين الأميركيين البارزين. وقال المسؤول “هناك إقرار بأن بعض السلوكيات القطرية تثير القلق ليس فقط لدى جيرانها الخليجيين ولكن لدى الولايات المتحدة أيضا”.
وقال جان مارك ريكلي رئيس تحليل المخاطر العالمية في مركز جنيف لسياسة الأمن إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب “يعارض بقوة الإسلام السياسي وإيران”.
وأضاف “إنه منحاز تماما لأبوظبي والرياض اللتين لا تريدان أيضا التوصل إلى حل وسط مع إيران أو الإسلام السياسي الذي ترعاه جماعة اِلإخوان المسلمين”.
وتجسد الموقف الأميركي بوضوح من الأزمة المتصاعدة مع قطر عبر تغريدة للرئيس دونالد ترامب أكد فيها أن عزل قطر بداية نهاية الإرهاب، وأن بلاده عارضت خلال قمم الرياض قيام قطر بتمويل أي من المنظمات الراديكالية.
وقال في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر “أثناء الحديث عن ضرورة قطع تمويل الإرهاب في قمة الرياض أشار الزعماء الحاضرون إلى الدور القطري”.
وارتفعت أصوات دولية تطالب بإعادة تقييم العلاقة مع قطر في ضوء الاتهامات حول صلاتها بالإرهاب، وهو ما قد يهدد استضافتها لكأس العالم لكرة القدم 2022 الذي أحاطت به الكثير من الشبهات والمشاكل منذ البداية بسبب شكوك حول الرشى والعمولات مقابل الحصول على حق استضافته.
وأعرب راينهارد جريندل، رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، عن اعتقاده بأنه لم يعد من المستبعد مبدئيا مقاطعة كأس العالم 2022 في قطر وذلك بعد الاتهامات الأخيرة الموجهة للإمارة الخليجية بدعم الإرهاب.