هل عرِفوا متى أحبَّوا لأولِ مرةٍ؟ متى بكوا أو خَسروا أشياءَ وأشخاصاً؟ متى تعرَّضوا للخداعِ من أَقرب الناسِ إليهم؟ هل انتبهوا أنه في سنّ الرابعة عشرة، للحظةٍ أرادوا الإنتحارَ؟ أن رفاقهُ في المدرسةِ نعتوهُ بالضعيفِ؟ أن رفاقها في المدرسةِ نعتوها بالسمينة البشعة؟ هل إنتبهوا يوم رجعوا من المدرسةِ لعلاماتِ التحطُّمِ والألمِ على وجوههم؟ هل عرفوا أنها أوَّل مرَّةٍ يكسِرُ الحبُّ الطفوليُّ فؤادهم؟ أم راقبوهم عندما كانوا يتحدَّثون بكلِّ شغفٍ وإندفاعٍ عن الأشياء البسيطة التي يُحبونها وتُسعدهم؟
هي الأشياءُ البسيطة التي تجعلُ حياة الإنسانِ كاملة. هي التفاصيلُ الصغيرةُ التي تجعل لكل شيء معنى، وفي معظم الأوقات ننساها.
تبلغ الفتاةُ السادسة عشرة وتتعالى الأصوات: "عليك بالزواج، متى ستتزوجين؟" البارحة كانت أكبر همومها لُعبتها المفضَّلة، واليومَ أدرج اسمها على لائحةِ "الطالبين للزواج". يا لسخرية الأيام!
"قطار الزَّواجِ سيفوتك"، عن أي قطارٍ تتحدّث وهي لم تتجاوز سنّ الإقتراعِ بعد؟
تبدأُ الفتاة بمرحلةِ صراعٍ بين ما تريده وما يريده المجتمعُ، وتقفُ طموحاتها عل حافةِ الإنتظارِ. "أُكمل دراستي، أم أتزوج وأُستَر؟ ومن هو الإنسان الذي سأتزوَّجه وأمضي حياتي معه وأنا لا أعرف ما هو الزواجُ؟ وكيف سأحبُّه وأنا لم أرَ الحبَّ أو كيف يكون مذاقه؟ الحبُّ في مجتمعنا كأحمرِ الشفاهِ في العزاءِ.
في مجتمعنا، تنقصنا ثقافةُ الحبّ وكيف يكون الحبُّ بين الرجلِ والمرأةِ. ويعود ذلك للتربية التي نتلقاها منذُ الصغرِ. معظم تربيتنا تخلو من أبسطِ أشكالِ الحبِّ خصوصاً بين الوالدين. من منَّا رأى أبوه يعانقُ أمّه في الصَّباحِ أو رأى إشاراتَ الحبِّ بينهما؟ من قُبلة، حُضن، تشابكِ اليدين، وغيرها؟ يتعوّد الأطفال على رؤية والديهما في النهارِ يعامل واحدهما الآخر بكل برودةٍ وجفافٍ، وتبقى أشكال الحبِّ الجسدية للَّيل في غرفةِ النومِ بين أربعة جدرانٍ. وما يترسَّخُ في عقولنا أن الحبَّ عيب ولا يُليقُ بالراشدينَ أو ربما لا يوجد حبٌّ بين المتزوجين.
من قال إن التعبيرعن الحبَّ جريمة؟ أو عيبٌ وقلّة حياء؟
الزواجُ ليس فقط حبراً على ورق. الزواجُ تواصُل، صدق، وولاء، ومنهم يُولدُ الحبُّ الذي مهما كبِرنا في العمرِ لن يَموت أبداً. ومن هذا المنطلقِ، يكون الحبّ حريّة يعبِّر عنها كل إنسان بطريقته المختلفة.
لذا، ليس هناك قطار زواج يجب عليك اللحاقَ به قبل فواتِ الأوان، بل هناك قرار مصيريٌّ عليك اتخاذه في الوقتِ المناسبِ ومع الشخصِ المناسبِ. لأنه في نهاية المطاف، سيعيشُ الإنسان نتيجة قراراته و ليس قرارات من حوله.