ربما تكون مقاطعة إمارة قطر خطوة غير مسبوقة وإستثنائية في التجربة العربية إذا ما إستثنينا أيضاً النظام السوري المُقاطع عربياً والمشطوب عملياً من الجامعة العربية وثمّة مشابهة ما بين مقاطعة " إسرائيل " ومقاطعة قطر من خلال لائحة كبيرة من المحظورات والممنوعات التي جعلت من قطر عدواً كما هو حال العدو الإسرائيلي.
يبدو أن شيوخ المملكة العربية قد جنوا من الشيخ القطري وبلغ سيل الخلافات معه الزُبى وما عاد بالإمكان تحمل ما تدفع به قطر من مواقف مؤثرة على السياسة العربية الرسمية وعلى الأمن العربي من خلال تغذية من هم أعداء المقاطعين لقطر من جماعة الإخوان ومن تربطهم بالجماعة أواصر رحم وود ومنهج تفكير من التكفيريين إلى المتبرئين من الارهاب كمصدر وتجربة كما هو حال فروع كثيرة من شجرة الاخوان.
إقرأ أيضًا: أموال النبي وعلي تُدفع لترامب وبوتين
بغض النظر عن تحميل قطر وحدها مسؤولية الإسلاميين المتشددين والتكفيريين لأن الإرهاب صناعة عامة لمجموع الشركات العربية والإسلامية وسلعة تاجر ويتاجر بها الجميع دون إشتثناء كونها تلبي إحتياجات كثيرة لهذه الدول في هذه الحرب أو تلك أو في الأعمال الأمنية المتعددة والتي تبغي التخريب فقط دون قصد أهداف أمنية مباشرة، تبقى قطر إمارة معنية بدعم التنظمات ذات الإتجاهات الإسلامية المتشددة من تنظيم الدولة إلى النصرة السورية عوضاً عن التسهيلات والخدمات الجبارة التي توفرها القيادة القطرية لجماعة الإخوان إلى الحد الذي أصبحت فيه قطر دولة للإخوان من المرشدين الى المستثمرين السياسيين وتجار السوق السوداء.
ما قامت به المملكة ومن معها من التابعين والمتضررين من الإخوان المسلمين من مصر إلى البحرين وليبيا واليمن بحق قطر قد سهل للإمارة أن تشق طريقها بإتجاه إيران مباشرة ودون تسلل أو خيفة وهذا ما سيعزز من العلاقة النشئة والقائمة ما بين إيران والإخوان المسلمين لتدخل قطر في محاق الهلال الشيعي كما يعبر أعداء إيران من العرب كي تتمكن من مواجهة خطوات المقاطعة العربية وهذا ما ستستفيد منه إيران في لحظة إقتصادية خانقة للجمهورية الإسلامية وهنا سيسهم المال القطري في إنعاش وتغذية حروب المنطقة ولكن من أبواب أخرى بعدما كانت ترمي بأموالها للمسلحين في سوريا والعراق وليبيا.
طبعاً إيران تصطاد جيداً في الماء العكرة فكيف إذا كانت الماء قطراً صافياً فإنها ستعبُ الماء عباً وستمتص خيرات وبركات قطر جيداً وستوظف ذلك في مشروع قوّة إيران ونفوذها في منطقة تستند فيها إلى المال والدم والاخوان الآن هم المال والدماء القادرة على إحداث تغيرات أمنية اذا ما باعت الجماعة قوتها للعقل الإيراني المتمكن من زعزعة الأمن في أيّ بلد كونه يملك مهارات كافية وحرفة عالية خبرتها أميركا جيداً والدول الغربية لسنوات طوال عندما إجتمعوا لحصار الثورة الإيرانية والعدو الإسرائيلي يعلم تماماً وعلم اليقين قدرة العقل الإيراني على الإبداع في تجربة المقاومة.
إقرأ أيضًا: من يواجه بري يصبح زعيمًا (حزب الله – التيّار الحرّ ) نموذجًا
هناك من يراهن على عودة قطر الى الحضن الخليجي والسعودي تحديداً لعدم قدرة قطر على تحمل عبء المواجهة مع المملكة وهناك من يعتبر أن قطر ماضية في إخوانيتها ولا مجال للرجعة كون أميركا معها في أن تكون شيطان الأخوان المسلمين بالنسبة للأنظمة العربية لأن أميركا مازالت تنظر الى الجماعة كفرصة للحكم كونها تتمتع بشرعية شعبية وبإمكانية أكيدة لتهدئة جموح الفرس الإسلامي ولجمه إضافة إلى أن الاخوان في الإستراتيجية الأمريكية سبباً كافياً لعدم تقدم العرب والمسلمين وبقائهم أسرى زنزانة الماضي.
بين الرهانين تبدو قطر في خطر وإمكانية أن تكون ساحة للعب فيها قد بدأت بعد أن كانت تلعب بأمن الآخرين وهذا ما سيضع قطر على لائحة الدول المهتزة أمنياً ولا مجال لإخراج الإمارة مما هي فيه ومما ستكون عليها الاً بإنقلاب أبيض يطيح بالشيخ الشاب الذي إستهوته لعبة الكبار فترك لعبته وتمسك بألعابهم المدمرة.