اعتبر وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت أن على الرئيس السوري بشار الاسد وقف المجازر واعمال القتل لأنها تدفع العالم، وخصوصاً الاتحاد الأوروبي، الى اعادة النظر في قرار حظر توريد الاسلحة الى سورية. ودعا من جهة ثانية المعارضة في البحرين الى فصل نفسها عن المجموعات التي تمارس العنف، مشدداً على ضرورة استمرار الحوار الوطني في هذا البلد.
وقال بيرت في حوار مع «الحياة» في مكتبه بوزارة الخارجية البريطانية ان «القرار الذي اتخذه الاتحاد الاوروبي في شأن تعديل العقوبات على سورية يتيح للمملكة المتحدة وآخرين مرونة في تقديم مساعدات واسعة النطاق، ومنها على سبيل المثال مواد دفاعية لم تستطع إرسالها من قبل لوجود حظر على توريد الأسلحة» الى سورية.
وأوضح ان «وجهة النظر الأوروبية والبريطانية بالنسبة الى هذا الموضوع هي أن إرسال المزيد من الأسلحة الى سورية في وضعها الذي يشهد أعمال عنف شرسة جداً لن يساعد، ولكننا في الوقت نفسه ننظر الى اتخاذ خطوات واسعة النطاق ستقول للأسد أنه لا يستطيع الاعتماد على هذا الموقف الى الأبد».
وأضاف: «على الأسد أن يعلم أن لا شيء يقوم به الآن يمكن أن يستمر، فاستمرار المذابح والقتل أمر غير مقبول نهائياً. والنظام يعلم هذا، ويستطيع وقف المجازر، ونحن نعتبره المسؤول الأول عن كل ما يجري، وعليه حل القضية سلماً وليس من طريق القتل. ثم انه من الواضح اليوم وجود إعتراف صريح بأن الوضع في سورية يزداد سوءاً، ولذا أعتقد أنه لا يمكن استبعاد اجراء الاتحاد الأوروبي تغييرات في سياسته هذه».
وتابع الوزير البريطاني: «هناك رسائل واضحة للأسد بأن الخناق يضيق وأفضل شيء يمكنه فعله هو أن يقبل بسرعة بالحلول المقدمة من الأمم المتحدة».
وأشار الى ان هيغ «سيعلن بعد التشاور مع رئيس الوزراء (ديفيد كاميرون) عن تقديم مساعدات واسعة النطاق وجديدة، منها حزمة مواد دفاعية، لم نستطع ارسالها من قبل».
وفي ما يتعلق بالتدخل الايراني في سورية والبحرين والعراق ولبنان، أكد الوزير البريطاني أن «هناك صراعاً حقيقياً بين الايرانيين وآخرين حول النفوذ في المنطقة، ونحن نعتقد أن النفوذ يجب ممارسته من أجل خير سكان المنطقة، ومن خلال العمل يداً بيد في مجالات العمل والتجارة والاقتصاد، وكذلك من خلال دعم الحكومات التي تمر بمرحلة انتقالية مثل اليمن، ونحن ندين بقوة أي نشاطات تقوض الاستقرار والأمن في دول المنطقة».
وأضاف: «من الواضح أن ايران تتعرض للكثير من الانتقادات، ونحن قلقون جداً من تصرفاتها العدائية، وعلى سبيل المثال فإن تصرفات طهران في سورية غير مقبولة. كما نعتقد أن على ايران عدم ممارسة أي ضغوط ينتج منها زعزعة الاستقرار في لبنان الذي حافظ على أمنه خلال السنتين الماضيتين».
ويضيف من جهة أخرى أن «استئناف الحوار مع ايران حول برنامجها النووي مهم جداً، خصوصاً أنه حقق بعض التقدم من خلال الاتفاق على لقاء آخر للخبراء التقنيين». وشدد على أن «هناك الكثير من الآراء حول نشاطات ايران في المنطقة، والحقيقة أننا حذرون جداً من النشاطات الايرانية التي قد تقود الى عدم الاستقرار، ولكننا نريد الاستمرار اليوم في الحوار معها، ونرى أن هذه أولوية ستساهم في التخفيف من مخاطر النشاطات الايرانية في المنطقة».
ورداً على سؤال حول زيارة هيغ لبنان والوضع الأمني المتردي والسياسي المحتقن فيه، رأى بيرت أن لبنان «أثبت أنه مستقر حقاً وبشكل واضح خلال الفترة القصيرة الماضية، وهذا نتيجة لجهود الحكومة اللبنانية التي قاومت جميع محاولات جرها الى الفتنة من الخارج، ولأن اللبنانيين يعرفون المخاطر. هذا لا يعني أن الوضع ليس صعباً، ولكنني أعتقد أن لا أحد يريد العودة الى زمن العنف. ومن هنا صمود الوضع في لبنان حتى الآن».
وشدد على أن زيارة هيغ لبنان «كانت جزئياً من أجل دعم اولئك الذين يدعمون السلام والاستقرار فيه، وكذلك من أجل تقديم المزيد من الدعم والتدريب للجيش اللبناني الذي برهن على فاعليته في الحفاظ على السلم الأهلي».
وبالنسبة الى مؤتمر «أصدقاء اليمن» الذي سيعقد في لندن في السابع من الشهر الجاري، وامكان توصله الى حلول لمشكلتي الجنوب والشمال وعدم الاستقرار في اليمن والتدخل الايراني فيه بالسلاح والمال، شدد الوزير البريطاني على أنه «لا توجد دلائل جدية على احتمال تعرض اليمن للتقسيم، بل أنه لو تمت مقارنة الوضع فيه مع دول المنطقة الأخرى، لوجدنا أن المرحلة الانتقالية مرت، وللعجب، من دون نزاع يذكر، وهذا جاء نتيجة لدعم دول مجلس التعاون الخليجي والضغوط الديبلوماسية، وكذلك التوافق بين الفرقاء الاساسين، الى جانب انتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي».
واعترف الوزير بأنه لا يمكن حل كل مشاكل اليمن من خلال مؤتمر، مشدداً على أن «الهدف منه دعم الحوار الوطني وتشجيعه، إضافة الى التأكد من أن الدعم الذي قدم لليمن خلال مؤتمرات سابقة وبلغ 7.9 بليون دولار، سينفق على مشاريع محددة ومدروسة. والسبب في عدم ارسال هذه الاموال الى اليمن في السابق كان رغبة الدول المانحة في صرف هذه الأموال على مشاريع محددة وليس لخزانة الدولة مباشرة، بعد أن نهبت وتبخرت هذه الأموال في السابق».
وحول زيارته بعد أيام الى البحرين، لحضور فعاليات مجموعة العمل البريطانية - البحرينية المشتركة، شدد بيرت على أهمية عمل هذه المجموعة التي تشمل شتى مفاصل العلاقات بين البلدين.
ورداً على سؤال حول الحوار الوطني في البحرين وإمكان إستمراره مع تواصل العنف، قال بيرت: «العنف مرفوض، بل أن العنف في شوارع البحرين لن يحل المشاكل السياسية التي تواجهها المملكة. ما يحل هذه المشاكل هو الحوار الذي يدور الآن، ومن الضروري استمراره».
وأضاف «نحن رحبنا بموقف منْ نبذ العنف من أعضاء المعارضة، وعليهم الاستمرار في هذا الموقف، بل عليهم أن يفصلوا أنفسهم كلياً عن أولئك الذين يملأون الشوارع بالعنف. وأكرر: نأمل بألاّ يتوقف الحوار ونحن ندعمه».