أكدت مصادر عربية رفيعة المستوى تفضيل الكويت عدم الدخول في وساطة بين قطر من جهة والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات من جهة أخرى في ضوء التطورات الأخيرة.
وتمثلت هذه التطورات بقطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع الدوحة في ضوء المواقف التي اتخذها أمير دولة قطر الشيخ تميم بين حمد آل ثاني من الأحداث التي تشهدها المنطقة وإصراره على أن تكون بلاده خارج السرب العربي والخليجي.
وذكرت أن الأحداث تجاوزت الوساطة القطرية التي كان الشرط الأوّل للكويت من أجل مباشرتها توقف الحملات الإعلامية المتبادلة. إضافة إلى ذلك، وجد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أمير قطر عندما استقبله قبل بضعة أيّام في أجواء لا تبشر بالخير بالنسبة إلى إمكان نجاح أي وساطة بين الدوحة وكل من الرياض وأبوظبي.
وكشفت أن الشيخ تميم تعمّد في اللقاء تجاهل أي من الممارسات القطرية المشكو منها في الدول الخليجية الأخرى مكتفيا بالدفاع عن موقفه بلهجة هجومية.
وأشار إلى أن قطر تتعرّض لحملات “ظالمة” متجاهلا علاقتها بمنظمات وصفتها القمم الثلاث التي انعقدت في حضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض بأنّها إرهابية. وبين هذه المنظمات حماس التي تستضيفها الدوحة وتؤمن لها كلّ أنواع المساعدات وحزب الله الذي اعتبره أمير قطر في تصريحاته الأخيرة، التي عاد وتراجع عنها، بأنّه “مقاومة”.
وذكرت المصادر ذاتها أن الشيخ تميم بدأ اللقاء مع أمير الكويت بالشكوى من أن الرئيس ترامب استقبله في الرياض بدعوته إلى “توقف قطر عن دعم الإرهاب”. وقال إنه أجاب الرئيس الأميركي: ما الأدلّة التي لديك على ذلك؟ وروى أمير قطر أن ترامب قال له “الجميع يقول ذلك. هناك دول عربية تقول ذلك أيضا”. وهنا، اعتبر الشيخ تميم أنّ موقف الرئيس الأميركي يؤكد وجود قوى عربية “تتآمر” على قطر في واشنطن و”تحرّض عليها”.
وشكا من طريقة التعامل معه في الرياض، خصوصا عندما أخذت الصورة التذكارية للمشاركين في القمة، كذلك عندما استُبعد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني عن اجتماع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بوزراء الخارجية الخليجيين الآخرين.
وأضافت المصادر العربية أن أكثر ما كان أمير قطر متضايقا منه هو الادعاء بأن السعودية والإمارات حذرتا الكويت من أن قطر تتدخل في شؤونها الداخلية وتعمل حتّى على إيجاد شرخ داخل أسرة آل صباح الحاكمة.
وأشار في هذا المجال إلى العلاقات العميقة القائمة بين الدوحة والشيخ أحمد الفهد الذي دخل في معركة مع الحكومة الكويتية أدت إلى إبعاد الكويت عن كلّ النشاطات الرياضية العالمية.
ولم ينف أمير قطر أن أحمد الفهد ساعد قطر في حملتها من أجل تنظيم كأس العالم لكرة القدم في السنة 2022، لكنه أكد في المقابل أنّ العلاقة معه “مقطوعة منذ عامين، وأبلغتكم أني مستعد لمنعه من دخول قطر”.
وانتقل من ذلك ليقول للشيخ صباح الأحمد وهو متوتر “هل هم حريصون على مصلحتكم أكثر منكم. إنّهم، والله، يتصرّفون (يقصد السعوديين والإماراتيين) وكأنهم الناطقون باسم كلّ دول الخليج”.
ولما سأله أمير الكويت عن مصر وليبيا والدور القطري في التحريض على مصر، قال “في موضوع مصر، أنا خففت على الآخر وتركت لكم ترتيب إعادة العلاقات تدريجيا. ولكن لا يمكن أن أتوقف (عن التصعيد) وغيري يردح ليلا نهارا”.
وأضاف “أمّا في موضوع ليبيا، فنحن نتدخل لأن قاعدة كبيرة من السياسيين والتيارات تعتمد علينا من أجل إعادة الأمن والاستقرار. ثمّ هل يحق لمن يتدخل في ليبيا من أجل طرد الإخوان ومساعدة مصر أن يعيب علينا تدخّلنا؟”. وختم كلامه عن ليبيا بالدعوة إلى خروج الجميع منها.
وأوضحت المصادر العربية التي اطلعت على فحوى ما دار بين أمير الكويت وأمير قطر أن أكثر ما أثار الشيخ تميم كان ما اعتبره “انحياز″ السعودية، ممثلة بولي العهد الأمير محمد بن نايف، ووليّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى دولة الإمارات، خصوصا في ما يتعلّق بمصر والإرهاب والإخوان.
ولخصت هذه المصادر مواقف أمير قطر بقولها إنّ رهانه كان على أن تغييرا سيحصل في السعودية لمصلحة السياسة القطرية عموما بعد أن خلف الملك سلمان الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لكنه فوجئ بأن الملك سلمان أكثر تشدّدا من الملك عبدالله خصوصا في ما يخص الإخوان المسلمين الذين يشكلون حصان طروادة القطري في غير بلد من بلدان المنطقة.