قرّرت السعودية ومصر والبحرين والإمارات العربية، الإثنين، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وإغلاق حدودها أمام رحلاتها ومواطنيها، واتهمت الدوحة "بدعم الإرهاب"، وأعلنت الدول الخليجية الثلاث إغلاق أجوائها مع قطر وأمهلوا الزائرين والمقيمين القطريين 14 يوماً للمغادرة. كما أنهى التحالف بقيادة السعودية في اليمن مشاركة قطر فيه.
وفي أول ردّ رسمي من الدوحة، أعربت الخارجية القطرية عن "أسفها" أن الدول الخليجية الثلاث "لم تجد بهذه المرحلة تحديا أهم من التعرض لقطر"، واعتبرت أن هذه الإجراءات "غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة"، وأنها تهدف "إلى فرض الوصاية علينا وانتهاك سيادتنا كدولة وهذا أمر مرفوض قطعياً".
وأضاف بيان الخارجية القطرية أنه "من الواضح أن الحملة الإعلامية فشلت في إقناع الرأي العام في المنطقة وفي دول الخليج بشكل خاص وهذا ما يفسر التصعيد"، مؤكداً أن هذه الإجراءات "لن تؤثر على سير الحياة الطبيعي للمواطنين والمقيمين"، وأن قطر ستسعى "لإفشال محاولات التأثير على المجتمع والاقتصاد القطريين".
وتحت عنوان "حماية الأمن الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف"، قالت وكالة الأنباء السعودية إن الرياض "قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية مع قطر"، ونقلت عن مسؤول سعودي تبريره القرار "بالانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة سراً وعلناً، طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي".
واتهمت السعودية قطر "بالتحريض للخروج على الدولة والمساس بسيادتها واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة منها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم".
كما اتهمتها "بدعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف (السعودية)" وفي البحرين و"وبتمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج".
وحذت البحرين حذو السعودية، معلنة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة بسبب "إصرارها على المضي في زعزعة الامن والاستقرار في مملكة البحرين والتدخل في شؤونها". واتهمت البحرين قطر "بالاستمرار في التصعيد والتحريض الاعلامي ودعم الانشطة الارهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بأيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في البحرين".
وأعلنت الإمارات قطع علاقاتها مع قطر بسبب "مواصلة دعمها وتمويلها واحتضانها للتنظيمات الارهابية والمتطرفة والطائفية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيم داعش والقاعدة عبر وسائل اعلامها". ونشرت وكالة أنباء الإمارات بياناً اتهم قطر "بايواء متطرفين ومطلوبين أمنياً (...) وتدخلها في الشؤون الداخلية لدولة الامارات وغيرها من الدول واستمرار دعمها للتنظيمات الارهابية مما سيدفع بالمنطقة الى مرحلة جديدة لا يمكن التنبؤ بعواقبها وتبعاتها".
مصر أيضاً أعلنت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة بسبب "إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معاد لمصر (...) وفشل كافة المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي".
واتهم بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية الدوحة "بالترويج لفكر تنظيم القاعدة وداعش ودعم العمليات الإرهابية فى سيناء (...) وإلاصرار على التدخل فى الشؤون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومى العربي وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية".
في غضون ذلك، أعلنت قيادة "التحالف العربي"، الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن، إنهاء مشاركة قطر في هذا التحالف "بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب ودعمها تنظيماته في اليمن ومنها القاعدة وداعش وتعاملها مع المليشيات الانقلابية في اليمن".
ويُعدّ هذا "الزلزال الدبلوماسي" أخطر أزمة في مجلس التعاون الخليجي منذ انشائه في 1981، مع العلم أن آخر أزمة مفتوحة بين الطرفين تعود إلى 2014، حين قطعت السعودية علاقاتها مع قطر لمدة 8 أشهر، غير أن هذه الإجراءات تُعدّ أكثر تشدداً، إذ أن الأجواء لم تغلق آنذاك ولم يتم طرد القطريين.
ويحلّ هذا التصعيد بعد مرور أسبوعين على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية. وفي أول تعليق أميركي، دعا وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون دول مجلس التعاون الخليجي على حل خلافاته والحفاظ على وحدته، معرباً عن استعداد واشنطن للعب أي دور يمكن أن يعالج هذه الخلافات. واستبعد تيلرسون أن يؤثر القرار الخليجي-المصري على مسار مكافحة الإرهاب، قائلاً "لا أتوقع أن يؤثر هذا كثيرا، أو على الإطلاق، في الحرب الموحدة على الإرهاب في المنطقة أو عالميا".
وتأتي هذه التطورات بعدما أعلن مصدر قطري أن محققين من مكتب التحقيقات الفدرالي الاميركي "اف. بي. آي" يساعدون قطر في تحديد مصدر "القرصنة" التي تعرضت لها وكالة الانباء القطرية الرسمية، ونشر تصريحات نُسبت إلى الى أمير قطر وتضمنّت انتقادات لموقف السعودية ودول الخليج من ايران، مما أدى إلى تأجيج التوتر مجددا بين دول الخليج.
وقال مصدر قطري رسمي أن قطر "طلبت مساعدة الأميركيين وهناك فريق (من اف بي آي) موجود في الدوحة منذ الجمعة الفائت. انه يعمل مع وزارة الداخلية". وتتعاون في هذا التحقيق ايضا دولتان لم تحدد هويتهما ويرجح أن تعلن نتائجه الأسبوع المقبل.