تتعرض جزيرة أميركية لخطر التلاشي تدريجياً، ويأتي هذا مع تزايد أخطار الاحتباس الحراري، وانسحاب أميركا من اتفاقية باريس للمناخ.
وراء منزل الصياد ويليام إسكريدج، تتقدم طوافة داخل خليج تشيسابيك، وهي البلدة الصغيرة التي يحبها سكان العاصمة واشنطن. ها هو الصياد ينظر إلى المياه وهي تلتهم حديقته بشكل خطير، قائلاً إن "مساحة لا تقل عن 30 متراً اختفت من حديقته، بسبب تآكل التربة، والأمر يزداد خطورة كل سنة".
لقد جاءت عائلة إسكريدج واستقرت في جزيرة تانجي قبل حوالى 200 سنة، ولكن أطفال ويليام إسكريدج على الأرجح لن يكون بإمكانهم العيش هنا في السنوات القادمة. فجزيرة تانجي بأكملها باتت مهددة بأن يلتهمها التصحر بسبب زحف المياه، الذي زادت وتيرته بفعل الاحتباس الحراري وارتفاع مستوى سطح البحر، بحسب تقرير صحيفة La Depeche الفرنسية.
وفي الوقت الحالي، لم يبق إلا ثلث المساحة التي كانت عليها الجزيرة في سنة 1850. وفي غضون حوالى 40 سنة، ربما ستختفي جزيرة تانجي كلياً إذا لم تتصرف السلطات حيال هذا الأمر.
لقد قرر سكان الجزيرة، البالغ عددهم 450 إنقاذ الأرض التي ورثوها عن أجدادهم. إذ أن تانجي مصنفة على لائحة التراث العالمي ضمن الأماكن التاريخية في الولايات المتحدة. أما بالنسبة للميناء الذي يمثل شريان الحياة الاقتصادية لكل العائلات التي تعيش من صيد السلطعون، فقد بات هو أيضاً مهدداً بشكل مباشر بفعل زحف المياه، إذ أن الجهة الغربية من الميناء قد تآكلت، وأصبحت أكثر عرضة للعواصف.
على ضوء ما تواجهه الجزيرة من مخاطر، يعتقد عمدة الجزيرة، جيمس إسكريدج، أن بناء سد جديد قد يحمي الجهة الغربية، حيث قال: "ظل هذا المشروع محل جدل وأخذ ورد منذ حوالى 20 سنة، وخلال هذه المدة اتسعت رقعة تعرية التربة في الجزيرة بشكل جعل هذا المشروع في نسخته الأصلية غير قابل للتنفيذ في الوقت الحالي".
وبالتالي، أثارت هذه التعقيدات القانونية والعراقيل الإدارية غضب سكان الجزيرة، الذين نفذ صبرهم وهم يرون أرضهم تتآكل أمام أعينهم. ومؤخراً، تم الاتفاق على إنجاز هذا السد في سنة 2018، ولكن هذا المشروع سيكون فقط حلاً مؤقتاً.
وفي هذا الوقت، جاءت الأخبار حول إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه على الانسحاب من اتفاقية باريس حول المناخ، وتوعده بإلغاء كل القوانين التي تهدف لحماية البيئة، وهو ما خلق ردود فعل متباينة في صفوف سكان جزيرة تانجي. والجدير بالذكر أن 87% من سكان هذه الجزيرة قد انتخبوا ترامب، لذلك يبدو جلياً أنهم لا يفهمون بشكل واضح علاقة الاحتباس الحراري بالمشكلة التي يعانون منها.
وفي هذا الصدد، أشار بروس، وهو أستاذ متقاعد من سكان الجزيرة، إلى أن "ما نعاني منه لا علاقة له بارتفاع مستوى سطح البحر، أنا واثق من أن ذلك الأمر سيؤثر علينا في يوم ما، ولكننا اليوم، على المدى القصير، نعاني فقط من تآكل الأرض طيلة العقود الأخيرة الماضية".