من السابق لأوانه بعد، تقويم مدى نجاح خطة المناطق الأربع في سوريا والتي أطلقت عليها صفات تخفيف التصعيد، والهادئة، من أجل أن يطالب لبنان بعودة آمنة للاجئين إليها. ولبنان يستطيع المطالبة بعودة آمنة وبشروط توفر الأمن وليس بعودة قسرية.
ليست هناك من مؤامرة دولية لإبقاء السوريين النازحين في لبنان وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع، ولكن توجد مصالح دولية وغربية، إنطلاقاً من أن هذا الشعب الذي غادر أرضه، فإن الطريقة الأسلم للتعاطي مع الموضوع هي أن يبقى هؤلاء في دول الجوار وليس أن يلجأوا إلى دولهم. ذلك أن نحو مئة ألف لاجئ سوري موجودين في أوروبا «خربطوا» الأمور، فسقطت حكومات، وتطرف أكثر المرشحين للرئاسة، واهتزت سياسات خارجية، وتحالفات إلى حد ما. وبالنسبة إلى الأوروبيين، فان أهون الشرين أن يبقى النازحون في لبنان وتركيا والأردن.
ولا تخفي المصادر، أن لدى لبنان، هاجس من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى توطين مقنع وهو أمر مرفوض، لذلك يستمر لبنان لاسيما وزارة الخارجية، في التأكيد أن مشكلة النازحين يجب أن تحل ولا تنتظر حلاً للأزمة السورية بكاملها، مع أن لبنان متمسك في موقفه حيال الوضع السوري، بالدعوة إلى الحل السياسي، انما يفترض أن لا تنتظر مسألة النازحين وإعادتهم إلى بلادهم هذا الحل. وتقول المصادر، انه بالتوازي مع المساعي القائمة للحل السياسي السوري يجب أن يبحث لبنان مع المجتمع الدولي في العودة الآمنة، لأنها تتكامل مع الحل السياسي وتؤدي إلى إنجاحه، وهذا ماينعكس إيجاباً على مجمل الوضع السوري لاسيما على عودة
السوريين إلى ديارهم.
وسمع لبنان إشارات من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول ضرورة إيجاد المناطق الآمنة. ذلك أن المجتمع الدولي بدأ يصل إلى قناعة بأن الإستقرار في سوريا لابد منه، وأن المناطق التي حددت بوصفها مناطق تخفيف التوتر أو مناطق التهدئة. تشكل مدخلاً فعلياً للحل السياسي.
ولبنان لا يزال يدعو إلى العودة الآمنة كحل وحيد مستديم لا خطر فيه، ولكن ليس من مهمته توصيف هذه المناطق، أو السعي الى تهدئتها، أو غير ذلك انما هي مهمة المجتمع الدولي، الذي يجب أن يأخذ في الإعتبار عودة النازحين إلى سوريا من الدول المضيفة لهم لاسيما لبنان، الذي لن يقبل ببقائهم ليس من جراء هاجس التوطين فحسب، وانما من أجل بناء الدولة السورية، التي لايمكن أن تتكون من دون شعبها. ولا يمكن إعادة إعمارها من دونه.
حتى الآن ليست هناك بوادر مشجعة على صعيد إيجاد حل لمشكلة النزوح السوري الموجود في لبنان. ولكن وفقاً للمصادر، على لبنان الإستمرار في التمسك بخطابه نظراً الى أن وجوده على المحك. ويفترض الآن أن تتفق الأطراف الدولية والإقليمية المهتمة بالشأن السوري على من سيراقب المناطق الهادئة، أكان الروس والإيرانيون أم أية جهة أخرى. وهناك اجتماعات تعقد لإيجاد الآلية اللازمة للمراقبة. وإذا حققت جدية، فإنه لا يستبعد أن تطرح في نيويورك في مجلس الأمن الدولي، إذ لا يكفي إحاطة الموفد الأممي للحل السوري ستيفان دي ميستورا بموضوع المراقبة.
وهناك على ما يبدو رغبة من الأفرقاء السوريين كافة في السعي الى خفض حدة التوتر. وليس للبنان حالياً أي
موقف من هذه المناطق، في إنتظار إكتمال خطة المراقبة والقوة التي ستراقب. وسيتضح بعد ذلك أيضاً الدوران الأميركي والروسي في مستقبل تلك المناطق. فإذا اتفقا على ذلك، يعني أن هناك نية للتسوية، وإذا لم يتفقا، فإن الأمر يعني أن الرغبة موجودة لإضاعة الوقت، وعندها ستكمل الحرب.
ثريا شاهين