صحيفة "هآرتس" التي حصلت على نسخة من المواد المذكورة، أوضحت أنّ الاستخبارات الفرنسية وأجهزة استخبارات دول أخرى حليفة فحصت وتحققت من هذه الوثائق التي ارتكزت عليها فرنسا عند تأكيدها استخدام الحكومة السورية غاز الأعصاب على بلدة خان شيخون في نيسان الفائت أمام الأمم المتحدة.
وكشف "ميديا بار" أنّه في تموز العام 2011، أي فور انشقاق المجموعة الأولى من الجنود السوريين، أُمر المعهد 3000، الوحدة المسؤولة عن الأسلحة الكيميائية في مركز جمرايا، بتعديل القذائف والقنابل وحشوات الهاون لتصبح قادرة على احتواء غاز الأعصاب، لافتاً إلى أنّ التحضيرات لاستهداف المدنيين بدأت في أواخر العام 2009، وذلك عندما استقبلت قواعد القوات الجوية السورية كميات ضخمة من هذا الغاز.
في هذا السياق، نقل الموقع عن مدير الأبحاث في معهد 3000، الذي شغل منصبه حتى اندلاع الحرب في سوريا، تأكيده أنّه كان وفياً جداً للبرنامج الكيميائي السوري إذ كان يُروّج له على أنّه الطريقة الوحيدة للضغط على إسرائيل لإعادة الجولان إلى سوريا في أيّ مفاوضات ستجرى معها لاحقاً.
وتابع المسؤول السوري بالقول إنّه أدرك بعد سنوات أنّ الهدف الرئيس تمثّل بالتحضير لانقلاب محتمل عبر شن هجمات كيميائية على الشعب السوري، وذلك عندما طُلب منه تحضير أسلحة كيميائية مُصغّرة وتجهيز قواعد جوية محددة بها.
وشرح المسؤول بالقول إنّ مدارج القواعد الجوية هذه لم تكن طويلة بما فيه الكفاية لتمكين قاذفات السوخوي من طراز سو-22 أو طائرات الميغ-23 الإقلاع، لافتاً إلى أنّ إحداها ضم طوافات فحسب، ومشيراً إلى أنّ قاعدة في السويداء كانت قريبة جداً من الحدود مع إسرائيل، القادرة لو أرات استهدافها بقذائف الهاون.
وبعد توصل المسؤول إلى هذه الاستنتاجات، كشف أنّه أبلغ مديره المباشر بأن تخزين الأسلحة الكيميائية في هذه القواعد وبهذه الطريقة غير منطقي، مؤكداً أنّه كتب رسالة إلى رئيس الاستخبارات السورية علي مملوك، المسؤول عن مركز جمرايا آنذاك، استهجن فيها تلقيه أمراً عبثياً، ولافتاً إلى أنّه لم يدرك في تلك المرحلة أنّه يقف وراء فكرة استخدام غاز السارين ضد المعارضة.
وعندما واصل مهندسو المعهد 3000 طرح الأسئلة، اتخذ النظام إجراءات سريعة، ففي أيلول العام 2012، بعد شهر على استخدام السلاح الكيميائي للمرة الأولى في سوريا، خُطف بشار حموي، مدير برنامج تطوير الأسلحة الكيمائية الذي عمل على صناعة ألسحة كيميائية مصغرة وشكك بالعمل الذي أُسند إليه، بحسب ما أوردت "هآرتس".
في هذا السياق، نقل موقع "ميديا بار" عن مسؤول وحدة آخر في معهد 3000 قوله إنّ الحكومة السورية توصلت إلى الحل المناسب بعدما رفض الاستجابة للأوامر، فسرّبت اسمه للشعب أملاً في أن استهدافه من قبل المعارضة، ما دفعه إلى الفرار مع عائلته إلى أوروبا.
إلى ذلك، أكّد مسؤولون لـ"ميديا بار" أنّ معهد 3000 طوّر غاز أعصاب يتمتع تركيبة فريدة من نوعها يمكن التعرّف إليها بسهولة في الميدان، مشيرين إلى أنّ السارين يشكّل أساسه ويحتوي على الـ"diisopropyl methylphosphonate".
توازياً، كشف "ميديا بار" أنّ الاستخبارات الفرنسية توصلت إلى احتواء قنبلة لم تنفجر بعدما ألقيت من طوافة سورية على مدينة سراقب في نيسان العام 2013 تحتوي على تركيبة غاز الأعصاب التي طوّرها النظام السوري.
في ما يتعلّق بحال المركز اليوم، لفت المسؤولون إلى أن معهد 3000 شهد على تغييرات تنظيمية كبرى بعد اندلاع الحرب، فبات يرأسه ﺯﻫﻴﺮ ﻓضلوﻥ، موضحين أنّه غيّر اسم الوحدة ليصبح المعهد 5000 وفصلها عن القواعد القديمة في منطقة جمرايا.
كما وكشف المسؤولون أنّه تم نقل وحدتي الاستخبارات الجوية اللتين كانتا مسؤولتين عن تخزين غاز الأعصاب في قواعد القوات الجوية إلى المعهد 5000، حيث أصبحت هاتان الوحدتان جزءاً من مركز جمرايا.
يُذكر أنّ مركز جمرايا يضم حالياً 9000 موظف، يعمل 5500 منهم على تطوير الصواريخ والقنابل والقذائف، وأنّ وحدة الأسلحة الكيمائية تضم 350 مهندساً موزعين على قسمي التطوير والإنتاج، بحسب وثائق "ميديا بار".
( "لبنان 24" - Haaretz)