شكل إتفاق الطائف عام 1989 محطة فاصلة في تاريخ لبنان الحديث أنهيت بموجبه الحرب الأهلية في لبنان وبدأت مرحلة السلم الأهلي والإعمار.
ولم يكن غريبا أن يكون أرباب الطوائف وزعماء الحرب الأهلية هم أنفسهم رواد مرحلة السلم الأهلي فثمن الحرب بالأخير يدفعه الفقراء والمساكين والمحرومين.
وكان لافتا في الإتفاق التمسك بالميثاق والديمقراطية التوافقية والتي بموجبها إمتلك زعماء الطوائف في لبنان حق الفيتو فتعطلت الإصلاحات وساد الفساد ونشأ نظام الزبائنية بتغطية من الوصايا السورية وأصبح كل زعيم طائفة بمثابة رئيس للجمهورية.
إقرأ أيضا : عباس زهري عن ورقة تفاهم حزب الله والتيار : بدي مسح ط.... فيها !
وتكرست هذه الحالة أكثر بعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري في 2005 وبعيد إنسحاب وزراء الثنائية الشيعية من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
فتحولت الحكومة بين ليلة وضحاها إلى حكومة غير ميثاقية وغير شرعية كونه لا يوجد فيها ممثلين عن الطائفة الشيعية.
هذا العرف الذي كرسه حزب الله وحركة أمل واجهوه لاحقا بتجربتهم مع التيار الوطني الحر الذي لعب نفس اللعبة معهم فإنقلب السحر على الساحر.
إقرأ أيضا : سامي الجميل يغادر قصر بعبدا غاضبا
فبمنطق الجميع لا يمكن إقصاء زعيم أي طائفة لأنه بحكم الطائف أصبح الممثل الشرعي لها وبالعرف الذي كرسته الحرب وحزب الله لاحقا، فنشطت دعوات الرئيس القوي وقانون إنتخابي يعيد حقوق المسيحيين والتمثيل الصحيح.
لذلك يرى البعض أن المشكلة ليست الآن في تغيير النظام أو بطىء النظام في العمل بل المشكلة الحقيقية في النكايات وعدم التفاهم.
وأكبر برهان على ذلك أن هؤلاء الزعماء المتخاصمون سرعان ما يتفقوا عندما يتوصلوا إلى تسوية فيما بينهم ويبدأون بمدح الطائف.
فهم يعرفون أن الطائف كرسهم أمراء مع حق الفيتو وما المشكلة إلا في تقاسم الغنائم والمكاسب والصفقات.