إشتداد الازمة السياسية مقدمة للحل , يليها إنهيارات للزعامة التقليدية
المستقبل :
بما قلّ ودلّ، وبعبارات تعرّي المفسدين القدماء ـــ الجدد من أصحاب «القروش» المكتسبة من مال البلد، ردّ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس على المحاضرين بالفساد وهم من أربابه متعهداً بمحاربتهم «لآخر دقيقة»، فقال خلال مأدبة إفطار بيت الوسط التي أقامها على شرف عائلات وشخصيات بيروتية: «هناك موضة جديدة تُطل علينا، بحيث تقوم جماعة جديدة بإعطائنا دروساً بالفساد على أساس أنهم لم يستفحلوا بالفساد في السابق، فيجيؤون اليوم ويخبروننا عن سبل محاربة الفساد، في حين أننا أكثر من يُحارب الفساد وأكثر من اتُّهمنا به»، وأردف مستطرداً: «نعم أنا من المفلسين الجدد ولكن من المستحيل أن أعمل أي قرش من هذا البلد، غيري يكسب وكسب في السابق قروشاً من هذا البلد وسأحاربهم لآخر دقيقة، ومن يريد أن يتعاطى معي على هذا النحو «فليبلّط البحر» أنا اسمي سعد رفيق الحريري، لم آتِ لأستفيد من هذا البلد بل جئت لأعطيه كما أعطاه رفيق الحريري ومستعد أن أعطيه ما أعطاه إياه الرئيس الشهيد».
أما في جديد ملف قانون الانتخاب، فمزيد من التأكيدات الرئاسية والسياسية على اتجاه الملف
نحو خواتيمه التوافقية المنشودة، إذ وإلى تطمينات الحريري على مائدة إفطار الأمس بأنّ الفراغ التشريعي ممنوع «لأن الوصول إلى الفراغ هو فعلياً الدخول في المجهول ومن ثم إلى المجلس التأسيسي»، وإبدائه على طاولة مجلس الوزراء التفاؤل بإنجاز القانون الجديد خلال الـ19 يوماً المتبقية من عمر المجلس النيابي الحالي، جزمت مصادر رفيعة مواكبة للنقاش الانتخابي لـ«المستقبل» بأنّ «الاتفاق على النظام النسبي بات عملياً في حُكم المنجز في إطاره العام ودخل الآن في مخاض النقاش التقني»، كاشفةً أنّ النقاشات والاجتماعات المتتالية التي تُعقد بين الأفرقاء أصبحت تتمحور فعلياً حول بلورة عدد من النقاط التي تُشكل «ضوابط» النسبية وهي:
- آلية فرز الأصوات وكيفية تحديد الفائز أفقياً أم عمودياً على لوائح المرشحين.
- عتبة التأهيل بمعنى الاتفاق على معدل الأصوات المؤهلة للفوز (بالاستناد إلى تجارب يتم اعتمادها في دول تعتمد النظام النسبي كإيطاليا وتركيا).
- تثبيت المناصفة في نص الدستور.
- ومسألة نقل المقاعد التي لا تزال قيد البحث رغم صعوبة التوافق عليها.
واليوم، وبينما توقعت المصادر أن يمنح لقاء الرؤساء الثلاثة خلال مأدبة إفطار بعبدا دفعاً قوياً لملف قانون الانتخاب وتزخيماً للدعوة إلى فتح العقد النيابي الاستثنائي تمهيداً لإقرار القانون الجديد، نقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«المستقبل» تأكيده أمس أنّ النقاش في القانون الانتخابي انتقل إلى مرحلة «البحث في التفاصيل»، مشيراً في هذا السياق إلى أنّ اللقاء الثلاثي الذي سيجمعه إلى كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء على هامش إفطار بعبدا سوف يركز على «المبادئ العامة» في قانون النسبية ولن يغوص في التفاصيل التي سيُترك موضوع بتها إلى الخبراء التقنيين، مع تجديده التشديد في المقابل على كون مسألة نقل بعض المقاعد النيابية من مناطق إلى أخرى «لم تعد واردة على الإطلاق».
الديار :
إذا لم تطرأ مفاجآت غير سارة، حتى غروب اليوم، فان مشروع النسبية على اساس 15 دائرة سيكون «الطبق» الاساسي و«الاشهى» في حفل الافطار الرمضاني الذي يقيمه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، في حضور رئيسي المجلس والحكومة نبيه بري وسعد الحريري وعدد كبير من الشخصيات السياسية والدينية والدبلوماسية والاجتماعية.
ولما كان شهر رمضان المبارك لا يشكل بطبيعته «بيئة حاضنة» للشياطين، فمن المفترض الا يُجهض الخلاف حول بعض التفاصيل اصل «المشروع النسبي» المتفق عليه، بل هناك من توقع ان يزف عون الى اللبنانيين في خطابه اليوم بشرى الاتفاق على قانون الانتخاب، اقله بخطوطه العريضة، على ان يُستكمل البحث في آلياته الاجرائية خلال الايام القليلة المقبلة.
ومن المتوقع ان يُعقد قبل الافطار او بعده لقاء بين عون وبري والحريري، لمتابعة النقاش في الملف الانتخابي ولعرض ملابسات الاحتكاك الاخير في «الاسلاك الدستورية» تحت وطأة الاجتهادات المتباينة، فيما كان لافتا للانتباه ان الاشارات الصادرة عن بعبدا وعين التينة والسراي، أمس، تقاطعت عند ترجيح كفة الايجابية، من دون ان يعني ذلك انها اصبحت «طابشة» تماما، خصوصا ان رئيس المجلس يفضل ان يبقى متحفظا الى حين ان يصبح «الفول في المكيول».
ولعل التزامن بين الافطار الجامع في بعبدا، وانتهاء العقد العادي لمجلس النواب، سيشكل حافزا او ضغطا للدفع في اتجاه انجاز التفاهم النهائي على قانون الانتخاب، باعتبار ان الوقت لم يعد يسمح بترف المناورة، خصوصا انه لم يعد يفصل المجلس النيابي عن نهاية ولايته سوى 19 يوما فقط، سيدخل بعدها لبنان في نفق طويل ومظلم، إذا لم يتم التقاط آخر الفرص السانحة لتفاديه.
وما عزز حجة المتفائلين بقرب التوصل الى اتفاق هو ان الاشتباك المستجد بين عون وبري، حول «الدورة الاستثتائية» والمادة 59 من الدستور، بقي تحت السيطرة الى حد بعيد، ولم يفجر مشروع التسوية المتداول، الامر الذي يؤشر وفق هؤلاء الى ان الجميع يتهيب احتمال الفشل ويحاول تجنبه، لا سيما مع بدء العد العكسي لنهاية ولاية المجلس.
وعُلم ان السقف السياسي لخطاب عون سيتحدد تبعا لما ستؤول اليه الاتصالات السياسية التي استمرت طوال امس، وستتواصل حتى ما قبل ساعات قليلة من موعد الافطار، وبالتالي فان الخطاب سيعكس نتائج تلك الاتصالات ومسارها العام.
ولكن التفاؤل السائد لا يعني بالضرورة ان قانون الانتخاب الجديد سيُقر في الجلسة النيابية التي دعا اليها بري في 5 حزيران، إذ الارجح ان عون لن يمنح هذه «الهدية» الى رئيس المجلس بعد مؤتمره الصحافي الشهير الذي وجدت فيه اوساط بعبدا محاولة للانتقاص من صلاحيات رئيس الجمهورية، إلا إذا نجح افطار بعبدا في اطلاق دينامية سياسية، تختصر المراحل.
وفي حال لم تُعقد جلسة 5 حزيران، ترجح مصادر واسعة الاطلاع ان تنطلق آلية تطبيق التسوية المفترضة بدءا من منتصف الاسبوع المقبل، بحيث يبادر مجلس الوزراء الى اقرار مشروع التفاهم الانتخابي، تمهيدا لاحالته الى مجلس النواب واصداره في قانون، وذلك في حال أمكن خلال الايام المقبلة الانتهاء من معالجة تفاصيل اساسية تتعلق بالصوت التفضيلي وعتبة التأهيل وطريقة احتساب الفائزين وحساب الكسور اضافة الى نقل المقاعد.
جنبلاط: «صار لازم نخلص»
وعلى طريقته الخاصة، عبّر النائب وليد جنبلاط عن الواقع، بقوله لـ«الديار»: عندما كنت في ايطاليا تناولت باستا مكونة من خلطة دقيقة ومدروسة.. ليتهم هنا ينجزون الباستا الانتخابية، ونتصور معها، «لانو صار لازم نخلص»، وننتهي من هذه المسألة.
وأمل جنبلاط في ان يحمل افطار قصر بعبدا الفرج الانتخابي، لافتا الانتباه الى ان المشكلة لم تعد عنده، لا سيما بعد التوزيع المقترح للدوائر في اطار النسبية.
افطار بعبدا
وفي سياق متصل، اكدت اوساط عون ان حفل الافطار سيكون جامعا وحاضنا بامتياز على المستوى الوطني، أما على المستوى السياسي فان حصيلة المشاورات السياسية المتواصلة ستترك اثرها المباشر على محتوى كلام رئيس الجمهورية وحدوده، لافتة الانتباه الى انه قد يتوج خطابه بمواقف نوعية إذا اسفرت تلك المشـاروات عن نتائج ايجابية.
وتشير الاوساط الى ان النقاط العالقة في المفاوضات الانتخابية باتت قليلة ومحددة، الامر الذي من شأنه ان يسهل معالجتها، وإن تكن ليست بسيطة.
وتشدد الاوساط على ان عون لا يزال عند طرحه المبدئي بالربط بين فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، والاتفاق على ركائز قانون الانتخاب، موضحة انه ربما يعلن عن شيء في هذا الصدد، في حال صار الاتفاق على القانون شبه مُنجز خلال الساعات القليلة المقبلة.
«القوات» متفائلة
أما مصادر «القوات اللبنانية»، فقد أكدت ان الاتفاق السياسي على جوهر قانون الانتخاب تم عمليا، والتفاصيل العالقة لا تشكل عائقا امام عبور الامتار الاخيرة، مشيرة الى ان هناك قرارا كبيرا بإنجاز التسوية الانتخابية، على غرار القرار الذي سمح بإتمام الاستحقاق الرئاسي في اللحظة الحاسمة.
وتشدد المصادر على ان مطلب نقل بعض المقاعد المسيحية لا يهدف سوى الى تحسين التمثيل المسيحي تحت سقف النسبية في 15 دائرة، وليس صحيحا انه يرمي الى الفرز او التقسيم او التخلي عن مسيحيي الاطراف، «والدليل على ذلك ان ما نقترحه هو نقل عدد قليل من المقاعد فقط، ولاسباب موضوعية وديموغرافية ملحة تتصل بمناطق محددة حصرا، في حين ان الانتشار النيابي المسيحي يمتد من الشريط الحدودي في اقصى الجنوب الى عكار في أقصى الشمال ولسنا في صدد العبث به، ملمحة الى ان معراب ربما لا تستمر في التمسك بهذا الطرح إن شعرت بانه سينسف أصل الاتفاق.
وتنبه المصادر القواتية الى ان العودة الى المربع الاول، في هذا التوقيت الحساس ستكون انتحارا سياسيا، لانه لا يوجد بديل عن المشروع الحالي، ولان المهلة الفاصلة عن تاريخ 19 حزيران لم تعد تسمح باستئناف النقاش مجددا من نقطة الصفر.
وتوضح المصادر ان رئيس «القوات» سمير جعجع وافق على النسبية وفق 15 دائرة، في اعقاب خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي ابدى فيه الانفتاح على اي قانون انتخابي تتوافق حوله القوى السياسية، بعدما كان الثنائي الشيعي يتمسك في السابق بالنسبية على قاعدة الدائرة الواحدة او الدوائر الست، وهو الامر الذي لم يشجع «القوات» حينها على القبول بمبدأ النسبية الكاملة، مفضلة عليه «المختلط».
وتتابع المصادر: عندما بات موقف الثنائي الشيعي اكثر مرونة حيال مسألة الدوائر، وجد جعجع ان اللحظة باتت مؤاتية لملاقاته في مساحة مشتركة وتأييد النسبية في 15 دائرة، وبالتالي طلب من النائب جورج عدوان اطلاق المبادرة التوفيقية.
السنيورة: هذه حقيقة موقفي
وفيما يتردد ان هناك خلافا بين الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة حيال قانون الانتخاب، قال السنيورة لـ«الديار»: ليس صحيحا انني اعارض الاتفاق على اعتماد النسبية وفق 15 دائرة، ولم يسبق ان صدر عني اي موقف في هذا الاتجاه.
ويؤكد ان ما يهمه هو احترام الديموقراطية والدستور وضمان حق المواطن اللبناني في الاقتراع واختيار ممثليه في المجلس النيابي، وإذا كان التفاهم حول النسبية الكاملة يمكن ان يقود الى اجراء الانتخابات النيابية.. فليكن. ويضيف: صحيح، ان النسبية الشاملة على اساس 15 دائرة قد تكون خطوة الى الوراء من حيث نتائجها ومفاعيلها، لكن إذا كانوا متفقين عليها فلا بأس، وهذا الخيار يظل افضل من عدم حصول الانتخابات.
ويلفت السنيورة الانتباه الى ان خياره الاصلي هو تطبيق اتفاق الطائف الذي يلحظ انشاء مجلس للشيوخ يحترم ارادة الجماعات، وانتخاب مجلس للنواب خارج القيد الطائفي يتولى متابعة شؤون الناس وقضاياهم، لافتا الانتباه الى ان هذه المعادلة ليست مهمة لنا فقط، بل هي تصلح ان تكون نموذجا لكل الدول العربية التي يوجد فيها تنوع ايضا.
ويؤكد السنيورة انه يعارض مطلب نقل بعض المقاعد المسيحية النيابية بشدة ويرفضه مئة بالمئة، منبها الى ان هذا الطرح لا يخرّب عقول اللبنانيين وحسب، بل الاخطر من ذلك انه يمهد لـ«ترانسفير» داخلي.
وينفي السنيورة وجود اي خلاف مع الحريري حول الملف الانتخابي، قائلا: هناك من يصر على الايقاع بيننا ويحاول ان يروّج بأننا على خلاف، وهذا غير صحيح.. نعم، احيانا نتباين في وجهات النظر، كما حصل عند الاستحقاق الرئاسي ومعارضتي ترشيح العماد ميشال عون خلافا لرأي الرئيس الحريري، إلا انني وفور انتخاب عون سارعت الى تهنئته كما تقتضي الاصول الديموقراطية، وبالتالي طَويتُ مرحلة ما قبل الانتخاب
الجمهورية :
موجة التفاؤل التي تلفح الملف الانتخابي تكبر إعلامياً فقط، وأمّا على أرض الواقع فإنّها لم تجرف العقَد الماثلة في طريق ولادة القانون وفق الصيغة المتداولة على أساس النسبية في 15 دائرة. وإذا كان هناك من يقارب اللقاءَ الرئاسي المرتقب على هامش إفطار بعبدا بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، كحدثٍ استثنائي يَملك مفتاح الحلّ للأزمة الراهنة ويفكّ عقَدها، إلّا أنّ الأجواء السائدة عشيّة هذا اللقاء لم تحمل سوى الإثارة الإعلامية، ولم تقدّم ما يؤشّر إلى أنّ هذا اللقاء سيشكّل قوّةَ دفعٍ في اتّجاه توافقٍ سريع على قانون.
اللقاء الرئاسي الثلاثي على جانب كبير من الأهمّية، كما تقول مصادر وزارية بارزة، لتزامُنِه مع علاقة متوتّرة بين الرئاستين الأولى والثانية. وقد يشكّل فرصةً لـ«غسل قلوب» بين عون وبري.
ومن شأن ذلك أن يسحبَ نفسَه على القضايا المشتركة وفي مقدّمها القانون الانتخابي. إلّا إذا كان اللقاء الرئاسي مجرَّد لقاء بروتوكولي محكوم بشكليات لا أكثر، فهذا معناه أنّ الأزمة مفتوحة.
وفي معلومات «الجمهورية» فقد أنجز رئيس الجمهورية خطابه الذي سيلقيه في حفلِ الإفطار، ويتناول فيه المناسبة الرمضانية وما يميّز لبنانَ بين محيطه كمركز للحوار بين الحضارات والأديان.
ويشدّد على وحدة الموقف اللبناني في ظلّ التحدّيات الكبيرة التي يواجهها لبنان. كما يشدّد على أهمّية مقاربة قانون الانتخاب من الزوايا الوطنية التي تحصّن لبنان وتعزّز التمثيل الصحيح لكلّ الشرائح اللبنانية، والابتعاد عن المصالح الشخصية الضيّقة.
وفي جزءٍ من الخطاب سيجدّد عون التأكيد على ثوابت لبنان في علاقاته الخارجية والعربية تحديداً، وكذلك تأكيد التزام لبنان بالقرارات الدولية، سواء المتعلقة بلبنان أو بالقضايا العربية والفلسطينية.
إتصالات
أجواء الاتصالات في الساعات الأخيرة أبقَت على الإيجابية المتمثّلة بموافقة القوى السياسية، على اختلافها، على القانون النسبي في 15 دائرة، لكنّها لم تصل بعد إلى بتِّ التفاصيل العالقة، وإلى التقريب بين الرافضين لطرح نقلِ المقاعد، وهو ما يصِرّ عليه بري، وبين القائلين بالضوابط الشاملة للنسبية وفق ما يؤكّد «التيار الوطني الحر».
توحي هذه الأجواء بأنّ الأمور ما زالت في نقطة البداية، والتفاصيل الخلافية ما زالت تهدّد بوضع القانون في مهبّ السقوط، فيما تُثار في الأجواء السياسية أسئلة كثيرة تتجاوز مسألة نقلِ المقاعد، وتتركّز بشكل أساسي حول معرفة كيفية تطبيق قانون النسبية، وكيفية إجراء الانتخابات واحتساب الأصوات وتحديد الرابحين والخاسرين، وكذلك حول عتبة الفوز وكيفية تحديدها، وأيضاً حول جدوى الصوت التفضيلي في دوائر شِبه صغيرة، بمعزل عمّا إذا كان هذا الصوت على أساس وطني خارج القيد الطائفي أو على أساس مذهبي.
يأتي ذلك بالتزامُن مع محاولات حثيثة مِن قبَل قوى سياسية مختلفة لفهمِ القانون كما يجري تقديمُه حالياً، إذ إنّه معقّد في نظر من يَجهله، وفي نظر من أعدَّه، وكذلك في نظر من يَطرح إضافاتٍ عليه تحت عنوان الضوابط والإصلاحات، وهذا معناه أنّه يحتاج إلى وقتٍ للتعريف به أوّلاً للناخب والمرشح في آنٍ معاً، ولتدريب المعنيين على كيفية تطبيقه وإجراء الانتخابات على أساسه، وهذا يعني أنّ ذلك يتطلّب تمديداً تقنياً لمجلس النواب يمتدّ لسِتّة أشهر بالحد الأدنى إنْ لم يكن أكثر وصولاً إلى سنة، مع الإشارة إلى أنّ هذا الأمر تحدّثَ عنه وزير الداخلية نهاد المشنوق على هامش جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في السراي الحكومي برئاسة الحريري.
وكرّست جلسة مجلس الوزراء أجواءَ التهدئة وعكسَت مناخاً إيجابياً رافقَ ما سَبقه من جرعات تفاؤلية بقربِ ولادة التفاهم حول قانون الانتخابات، حيث أكّد الحريري أمام الوزراء أنّ الاتفاق أصبح على قاب قوسين وأنه يَعمل ليل نهار من أجل تذليلِ العقبات المتبقّية أمامه، داعياً إلى ضرورة تنازلِ الأفرقاء بعضهم لبعض، لِما فيه مصلحة الوطن.
إنفراجات قريبة؟!
وعلى هامش الجلسة، أجمعَ الوزراء على بروز إيجابيات تتعلق بالقانون، وتحدّثَ المشنوق عن انفراجات قريبة. وقال: «العودة إلى الستّين أصبحت صعبة ولكي أكون دقيقاً أقول صعبة لكنْ ليست مستحيلة طالما القوى الوازنة في البلد أعلنَت أنّها ضدّ الستين ومع القانون الجديد».
وذهب المشنوق بواقعيته إلى حدّ التأكيد أنّ مهلة الـ 3 أشهر ليست كافية لإجراء انتخابات في حال تمَّ التفاهم على قانون النسبي مع 15 دائرة، فيما أوضَحت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أنّه وعند الاتّفاق على قانون يرسِل وزير الداخلية كتاباً إلى مجلس الوزراء يحدّد فيه المهلة التي يحتاجها لإجراء الانتخابات، متوقّعةً أن تكون عاماً على أساس القانون الجديد.
وعلمت «الجمهورية» أنّ بري لم يتلقَّ بعد أجوبةً من «التيار الوطني الحر» على النقاط العالقة، وهي العتبة الوطنية وآلية احتساب الأصوات، علماً أنّ نقلَ المقاعدِ لا يزال قيد البحث رغم رفضِ بري وقوى سياسية أخرى له رفضاً قاطعاً.
مصادر مواكبة
وكشفَت مصادر مواكبة لـ«لجمهورية» أنّ ما تمَّ الاتفاق عليه حتى الآن هو النسبية الكاملة والدوائر الـ 15، أمّا باقي التفاصيل فلا تزال كلّها قيد البحث والأخذِ والردّ، وكلّ نقطة من النقاط تؤثّر على مسار الاتفاق.
ودعَت المصادر إلى عدم المغالاة في التفاؤل لأنّ الأمور ليست سهلة كما يتوقّع البعض أو يحلو له أن يشيع. وقلّلت من إمكانية أن يُحدِث إفطارُ بعبدا خرقاً كبيراً باستثناء لقاءات ربّما تريح الأجواءَ بالشكل، بما ينسحب على مسار التفاوض. وأكّدت أنّ الاجتماعات لا تزال ضمن المقلبَين ولم يحدّد أيّ اجتماع موسّع للأطراف المتفاوضة يمكن التعويل عليه.
أمّا مسألة تخفيض المقاعد فأكّدت المصادر أنّها سُمعت فقط همساً أو عبر الإعلام، ولم تُطرَح في النقاشات الدائرة، ما يرجّح احتمالَ استخدامها لرفعِ سقوف التفاوض. وكشفَت المصادر أنّ المشكلة في مكانٍ أكبر من نقلِ مقاعد أو احتساب أصوات أو دورة استثنائية، وهي تحتاج إلى وقتٍ لحلّها.
إجتماع تنسيقي
إلى ذلك، شهدت وزارة الخارجية أمس، اجتماعاً تنسيقياً بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، حضَره رئيس التيار الوزير جبران باسيل والنوّاب جورج عدوان وألان عون وابراهيم كنعان.
وفيما عكسَ النائب عدوان بعد الاجتماع أجواءً مريحة بقوله «الأجواء إيجابية وأتصوّر أنّ اللقاء في بعبدا سيَحمل أجواء إيجابية وسيَفهم الجميع أنّنا نتوجه نحو الخطة الثابتة لإقرار قانون الانتخاب»، علمت «الجمهورية» أنّ الاجتماع تخلّله نقاش تفصيلي، اتّفق خلاله المجتمعون على مقاربة جديدة للضوابط والإصلاحات المطلوبة في القانون، بالإضافة الى مسألة الفرز و«العَتبة» ونقل المقاعد ووضع تصوّر عملي للقانون يبدأ من الحكومة وصولاً إلى المجلس النيابي مروراً بالدورة الاستثنائية. ومن المتوقع أن يشكّل لقاء بعبدا على مائدة الرئيس عون اليوم فرصةً لدفع الأمور إلى الأمام.
«المردة» لـ«الجمهورية»
وتخوّفَ تيار «المردة» من دخول البلد في الفراغ، والذهاب إلى قانون الستّين وفق ما يدلّ مسار الأمور». وتحدّثت مصادره لـ«الجمهورية» عن سعي «التيار الوطني الحر» للفراغ «على رغم كلّ تأكيداته المتكرّرة على خلاف ذلك، فهناك أقوال وهناك أفعال، وحتى الآن أفعاله تدلّ على الرغبة بالذهاب إلى الستّين عن سابق تصوّر وتصميم». وقالت إنّ «عدم فتحِ دورة استثنائية يعني عدم إعطاء الفرصة للحلّ والوصول إلى قانون انتخابي جديد ورغبة بالذهاب إلى الستين».
وتوقّفت المصادر عند السجال الدستوري الأخير في ما يتعلق بموضوع الدورة الاستثنائية وتعيين جلسة وتحديد جدول أعمالها. واعتبرَت أنّ إثارةَ صلاحيات رئيس الجمهورية «معركة في غير زمانها ومكانها، ومن الخطأ اعتبار أنّ رئيس مجلس النواب يتعدّى على هذه الصلاحيات، والدليل إلى ذلك حصول اتّفاق سياسي على فتحِ الدورة وتوقيع رئيس الحكومة مرسوم فتحِها.
ثمّ إنّ هذه الصلاحيات لا تمارَس بهذه الطريقة، فرئيس الجمهورية لا يجب أن يكون طرفاً سياسياً، بل إنّه حَكمٌ يلتجئ إليه الجميع، ويشكّل الحلَّ وليس العائق.
وحتى الآن نرى أنّ «التيار الوطني الحر» هو طرَف لديه أزمات سياسية مع كلّ الأفرقاء. واعتبرَت المصادر أنّ ادّعاء «التيار» على نواب وإعلاميين وناشطين مؤشّر إلى عدم سعةِ الصدر، ورغبة في كمِّ الأفواه وعدم الاتّعاظ من تجارب الماضي»
اللواء :
ثلاثة انتظارات تكشف المستور وراء العجز في إنتاج قانون انتخابات جديد، وتكشف كذلك أن لعبة الوقت تكاد تنتهي بقدر ما كانت ملهاة بمأساة، يفيق معها اللبنانيون، ذات الصباح، وربما في 19 حزيران، ولا انتخابات، ولا مجلساً نيابياً وحتى ولا دولة، وربما ولا جمهورية.
الانتظار الأوّل في بعبدا: فالرئيس الذي يقيم الإفطار الرئاسي السنوي، الذي اعتاد أن يقيمه رؤساء الجمهورية كل رمضان من كل عام، ينتظر التوافق على صيغة قانون الانتخاب حتى يصدر مرسوم الدورة الاستثنائية، فيتحول المجلس الى خلية بامكانها العودة إلى التشريع، بما في ذلك اقرار قانون الانتخابات.
والانتظار الثاني في عين التينة، حيث يفيد نواب الأربعاء نقلاً عن الرئيس نبيه برّي نتائج الاتصالات الجارية بشأن قانون الدوائر الـ15.
والانتظار الثالث، في السراي، حيث ينتظر الرئيس سعد الحريري الاتفاق، لإنقاذ الثقة بحكومة «استعادة الثقة»، وهو على الرغم من تكراره أن المهل تداهمنا، لكنه يُشير كذلك إلى اننا أصبحنا على قاب قوسين أو أدنى من الاتفاق على القانون مبدياً تفاؤله بالوصول إليه قبل 19 حزيران الجاري.
وسط أزمة ثقة تعبّر عن نفسها، لا سيما بين كتلتي «التنمية والتحرير» و«الاصلاح والتغيير»، يبدأ شهر حزيران اليوم الأوّل بمحطة تعتبرها الدوائر العونية مناسبة وطنية، اعربت مصادر نيابية من ان تكون محطة تتجاوز التعويل عليها، باعتبارها مناسبة تختلف هذا العام بالظروف السياسية المحاطة بها.
افطار بعبدا
سياسياً، أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن مناسبة الإفطار التي دعا إليها الرئيس عون اليوم في قصر بعبدا ويشارك فيها رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وشخصيات سياسية ودبلوماسية وقضائية ودينية هي مناسبة قائمة بحد ذاتها وأن ما من شيء مبرمج أو مخطط فيها.
وأوضحت المصادر نفسها أن هذه المناسبة غير مخصصة لوضع مشروع قانون الانتخابات، لكنها أعربت عن اعتقادها بان الاجتماعات التي ستعقد على هامش الإفطار ستساعد على تعزيز المناخ الايجابي الذي يؤدي الى جو توافقي يسهل ولادة الاتفاق على القانون الانتخابي.
وشددت على أن القصر الجمهوري ليس المكان لولادة الاتفاق إنما هو المكان لتسهيل التوافق على الاتفاق، ورفضت أي ربط بين المناسبة وصدور القانون الانتخابي الذي يتطلب اما قرار الحكومة أو اقتراح قانون في مجلس النواب.
ولفتت إلى أن أي لقاء مرتقب بين الرئيسين عون وبري من شأنه ان يرطب الأجواء بينهما.
وقالت أن سلسلة مواضيع قد تكون حاضرة في هذا الاجتماع ومنها قانون الانتخاب ومرسوم الدورة الاستثنائية وغير ذلك. ولفتت إلى ان كلمة رئيس الجمهورية ستكون شاملة ومتضمنة للأوضاع الداخلية واهمية التعايش والنظرة إلى الحكم واولويات الهم السياسي والالتزام بما ورد في خطاب القسم، وبطبيعة الحال لن يغيب عنها قانون الانتخاب لجهة التأييد على المبادئ والثوابت وتصحيح التمثيل.
وفي المعلومات أن النائب وليد جنبلاط سيحضر افطار بعبدا اليوم، وهو أكّد حضوره، مثلما فعل الرئيس برّي، لكن لم يعرف ما إذا كان النائب سليمان فرنجية سيلبي الدعوة التي وجهت إليه.
الثنائي المسيحي
وكشفت المصادر أن الاجتماع الذي عقد مساء أمس في مكتب وزير الخارجية جبران باسيل، وبحضوره إلى جانب أمين سر تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب إبراهيم كنعان ونائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان والنائب آلان عون، هدفه وضع أسس التصور المشترك «للثنائي المسيحي» للتفاصيل المتعلقة بقانون الانتخاب والمرتبطة بالضوابط التي يطالب بها، تمهيداً لحملها لاحقاً من قبل عدوان لطرحها على الرئيسين برّي والحريري والنائب جنبلاط.
وتتعلق هذه الضوابط أو الملاحظات والتي يجب أن ترتبط بالنسبية الكاملة على أساس 15 دائرة بالصوت التفضيلي في القضاء ونقل عدد من المقاعد المسيحية، أو خفض عدد النواب من 128 إلى 108، وكيفية احتساب الأصوات وطريقة احتساب نسبة الفرز، وكلها نقاط لم يتم الاتفاق عليها بعد بين كل القوى السياسية، ولا سيما ما يختص «بالعتبة الوطنية» أو نسبة الاصوات التي يفترض ان ينالها المرشح للفوز.
ولم يشأ النائب عون التأكيد بنعم أم لا على سؤال «اللواء» عمّا إذا كانت ملاحظات «التيار الوطني الحر» أصبحت واضحة على النسبية في اجتماع الخارجية، لكنه اعتذر عن الجواب، الا انه وصف اللقاء بحد ذاته بأنه عامل مساعد، ويصب في الاتجاه الصحيح.
وعما إذا كان القانون الانتخابي سيولد بناء على الاجتماع الذي سيحصل في بعبدا اليوم على هامش الإفطار، أجاب عون: «ليس من الضروري».
اما النائب كنعان فقد شدّد على أن الطرح الذي تقدّم به النائب عون بخصوص النسبية على أساس 15 دائرة، هو مبادرة مشتركة ومنسقة بين «التيار» و«القوات»، وهو موجود على طاولة التفاوض منذ اكثر من شهرين الى جانب التأهيلي.
ولفت كنعان إلى أن الاجتماع ليس للاتفاق بين التيار و«القوات» على صيغة مشتركة بل نبحث أجوبة ومواقف كل الأطراف الآخرين من نقل المقاعد والعتبة والضوابط والتفاصيل الأخرى من إصلاحات وضمانات، مشيراً إلى أن من حق كل طرف أن يطرح افكاره، ومن حقنا السعي إلى تفاهم، والاجتماع هو لبلورة تفاهم مشترك.
ومن جهته، اعتبر عدوان أن افطار بعبدا سيحمل إلى اللبنانيين اجواء إيجابية، والجميع سيفهم اننا نتجه بخطى ثابتة لإقرار قانون انتخاب جديد، لافتاً إلى أن «الغيوم بدأت تتبدد»، موضحاً أن التيار يريد قانون انتخاب ووافق على الدوائر وعلى الصوت التفضيلي، اما بموضوع نقل المقاعد فلديه وجهة نظر.
تفاؤل يحتاج لترجمة
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، أن المفاوضات على التفاصيل، والتي تكمن في داخلها الشياطين، يفترض ان تبدأ خلال اليومين المقبلين، بعد أن تم التوافق مبدئياً على القانون الانتخابي، وهي النسبية الكاملة على اساس الدوائر الـ15.
ولفتت إلى أن الجميع في انتظار الموقف الرسمي للتيار الوطني الحر والذي لديه ملاحظات عن القانون لم يكشف عنها بعد، معربة عن اعتقادها بان اجتماع الخارجية يفترض أن يكون قد حدد هذه الملاحظات، والتي سيتولى عدوان نقلها الى الآخرين.
وكانت مصادر سياسية رفيعة المستوى في تيّار «المستقبل» ومواكبة لعملية إنتاج القانون، اعتبرت أن موضوع نقل المقاعد النيابية سقط لأنه من الصعب السير في ظل المعارضة السياسية الكبيرة عليه، ولفتت الى ان الأمور ما زالت تحتاج إلى مزيد من التشاور.
وأكدت هذه المصادر انه سيتم فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي، وتوقعت ان يُصار إلى ذلك، بعد افطار بعبدا اليوم.
ومن جهته، أعلن الرئيس برّي انه ينتظر نتائج الاتصالات الجارية في شأن قانون الدوائر الـ15، معرباً، خلال لقاء الأربعاء النيابي عن أمله في التوصل إلى توافق على القانون في أقرب وقت ممكن.
إلى ذلك، عوّل زوّار عين التينة، على افطار بعبدا اليوم، وتحدثوا عن أجواء إيجابية في موضوع الانتخاب، ولفتوا إلى ان العقد التي لا تزال تعترض قانون الانتخاب هي في كيفية احتساب النتائج وعتبة التمثيل للائحة وحماية المناصفة بالنتائج.
الحريري
اما الجلسة العادية لمجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الكبير قبل ظهر أمس، برئاسة الرئيس الحريري، فلم تسجل اي مواقف سياسية بارزة من المستجدات السياسية ولا سيما الانتخابية، باستثناء ما أعلنه الرئيس الحريري في مستهل الجلسة من كلام مسهب حول ضرورة إنتاج قانون انتخابي وطني يراعي كل الفئات اللبنانية ولا يخدم فئة دون أخرى، كما تحدث رئيس الحكومة بشكل مفصل عن هذا الموضوع وضرورة ايجاد حل لتوافق الجميع عليه وبذل الجهود وتقديم التضحيات، لا سيما ان المهل الدستورية أصبحت تداهمنا، مشيراً الى اننا اصبحنا على قاب قوسين من الاتفاق على القانون مبدياً تفاؤلاً بالوصول إليه قبل 19 حزيران المقبل.
وبعد ذلك، تحدث الرئيس الحريري عن موضوع القمح والصعوبات التي تواجه هذا القطاع، متمنياً وضع الدراسات اللازمة واعطاء التسهيلات الضرورية للمزارعين لزيادة الإنتاج كي يستطيع لبنان الاكتفاء بانتاجه من دون الحاجة إلى الاستيراد من الخارج.
ثم طلب الرئيس الحريري البدء بدراسة جدول الاعمال الذي يتضمن 32 بندا واقر معظم بنوده، واجمع الوزراء «للواء» ان الجلسة لم تناقش اي مواضيع خارج الجدول، ووصفت الجلسة بأنها كانت هادئة جدا ومنتجة ولم يتم خلالها اثارة اي مواضيع خلافية.
وفي خلال الافطار الذي اقامه غروب امس في «بيت الوسط» على شرف عائلات وشخصيات بيروتية، شدد الرئيس الحريري على ضرورة الوصول الى وضع قانون جديد للانتخابات لنخلص البلد من فكرة الفراغ التي يمكن ان يصل اليها المجلس النيابي، لافتا الى ان الفراغ يعني فعليا الدخول في المجهول، ومن ثم الي المؤتمر التأسيسي، وخاطب الحاضرين قائلاً: «لا تدعوا احدا يقول لكم غير ذلك، ونحن متأكدون ان لا احد يريد الوصول الى هذا الامر».
واشار الى انه كان ضد النسبية في السابق، وقد نكون لم نكن ندرسها بالشكل الذي يجب ان ندرسها فيه، اكانت دائرة واحدة او خمس او خمس عشرة دائرة.. وانا وصلت الي مرحلة وافقت فيها على معظم او كل القوانين الانتخابية التي طرحت لانني كلها درستها ارى ان لا شيء مضرا فيها.
وفي ردّ غير مباشر على النائب وليد جنبلاط من دون ان يسميه بالقول: يخبروننا اليوم عن سبل محاربة الفساد، في حين اننا نحن اكثر من يحارب الفساد، نعم انا من المفلسين الجدد، ولكن من المستحيل ان اعمل اي قرش من هذا البلد.. غيري يكسب وكسب في السابق قروشا من هذا البلد وسأحاربهم لآخر دقيقة ومن يريد ان يتعاطى معي على هذا النحو فليبلط البحر».
اما وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي شارك في افطار «بيت الوسط» مع الوزير جان اوغاسبيان مع حشد من نواب العاصمة وفعالياتها، فقد توقع، بعد انتهاء مجلس الوزراء ان تتم حلحلة العقد المتعلقة بقانون الانتخابات من خلال الاتصالات السياسية المتواصلة، لافتا الى صعوبة العودة الى قانون الستين، لكنه ليس مستحيلاً، وعلى جميع القوى السياسية ان تعلن وتجمع ان لا عودة الى الستين.
وعن نقل المقاعد في بعض المناطق رأى المشنوق انه لم يتم صرف النظر نهائيا عنه، ولكن هناك قوى سياسية وازنة غير موافقة على الموضوع، واشار الى انه بعد اقرار قانون الانتخابات يتم تحديد المهلة التي نحتاجها لاجراء الانتخابات ومن المؤكد ان مدة الثلاثة اشهر غير كافية للتحضير لاجراء الانتخابات النيابية في حال اقرّ القانون النسبي على اساس 15 دائرة.
دعاوى التيار
وبعيداً عن الشأن الانتخابي، تفاعلت امس قضية الدعاوى التي رفعها وزير الطاقة سيزار ابي خليل ضد مجموعة من السياسيين والاعلاميين الذين اتهموه بصفقات وفساد في ملف بواخر الكهرباء.
وفيما رأى الوزير ابي خليل، قبل دخوله الى جلسة مجلس الوزراء ان كل من تطاول عليه سيدفع الثمن، معتبرا ان مجيء النائب بطرس حرب معلوماته من الصحف هو «سخافة»، رد حرب في مؤتمر صحفي اعتبر فيه ان ما اقدم عليه وزير الطاقة وما سانده وزير العدل فيه يشكل اخطر انحراف سياسي واخلاقي للنظام اللبناني، كاشفاً بأن هاجس الانتخابات النيابية كان الدافع الاساس لطلب التعقبات بحق نواب ومرشحين للانتخابات بهدف ايذاء هؤلاء الذين يشكلون خطراً على مرشحي التيار العوني وبصورة خاصة على رئيسه الذي اسقطه الشعب في اكثر من استحقاق نيابي.
واعلن استعداده لوضع كل المعلومات المتوافرة لديه في تصرف القضاء، كما اعلن قراره الطلب من الرئيس بري التنازل شخصياً من حصانته النيابية، وتطوعه للدفاع عن جميع المدعى عليهم في القضية.
اما رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، فسيكون له رد اليوم على دعاوى ابي خليل.
نقابياً، اعلنت نقابتا الصحافة والمحررين، في بيان مشترك رفضهما ملاحقة اي صحافي او وسيلة اعلامية خارج دائرة محكمة المطبوعات ايا تكن الحجج والذرائع، باعتبار ان حصانة الصحافيين تنبع من مهنتهم ومن الدستور ولا يمكن القبول بتحميلهم اثمان خلافات سياسية ووجهات نظر مناقضة حيال مشاريع سياسية وملفات اقتصادية وخدماتية يختلف بشأنها السياسيون.
الاخبار :
انفجرت، علناً، الأزمة الصامتة بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط. هذه الأزمة اندلعت في نيسان الماضي، يوم وافق الحريري على اقتراح قانون الانتخابات المبني على التأهيل الطائفي، الذي تبناه الوزير جبران باسيل، وهو ما عدّه جنبلاط إلغاءً لدوره.
وقبل ثلاثة أيام، كتب جنبلاط تغريدة على «تويتر» كانت كافية لتحويله إلى خصم سيحاربه رئيس الحكومة «حتى آخر دقيقة». قال رئيس الحزب الاشتراكي عبر «تويتر»: «لماذا لا تمرّ جميع المناقصات على إدارة المناقصات لمنع حيتان المال وحديثي النعمة والمفلسون الجدد من نهب الدولة وإفلاسها». لم يتأخر ردّ الحريري. فمساء أمس، وفي خطاب ألقاه في إفطار على شرف شخصيات بيروتية، اعتبر نفسه المعيَّن بتغريدة جنبلاط، قائلاً: «نعم أنا من المفلسين الجدد»، وأضاف: «اليوم هناك موضة جديدة تطل علينا، بحيث تقوم جماعة جديدة بإعطائنا دروساً بالفساد على أساس أنهم لم يستفحلوا بالفساد في السابق، فيجيؤون اليوم ويخبروننا عن سبل محاربة الفساد، في حين أننا نحن أكثر من يحارب الفساد وأكثر من اتهمنا بالفساد. نعم أنا من المفلسين الجدد، ولكن من المستحيل أن أعمل أي قرش من هذا البلد، غيري يكسب وكسب في السابق قروشاً من هذا البلد وسأحاربهم لآخر دقيقة، ومن يريد أن يتعاطى معي على هذا النحو، «فليبلط البحر»، أنا اسمي سعد رفيق الحريري. أنا لم آت لأستفيد من هذا البلد، بل جئت لأُعطي هذا البلد كما أعطاه رفيق الحريري». وحتى ساعات الفجر الأولى، لم يخرج أي تعليق جنبلاطي على كلام الحريري.
على صعيد آخر، جدد الحريري قبوله بـ«النسبية» نظاماً انتخابياً، قائلاً: «لقد كنا ضد النسبية في السابق، ولكن قد نكون لم ندرسها بالشكل الذي يجب أن ندرسها فيه، أكانت دائرة واحدة أم خمساً أم خمس عشرة أم إلى ما هنالك، أهم شيء هو التوصل إلى وضع قانون جديد للانتخابات لنخلّص البلد من فكرة الفراغ التي يمكن أن يصل إليها المجلس النيابي، لأن الوصول إلى الفراغ هو فعلياً الدخول في المجهول، ومن ثم إلى المجلس التأسيسي، ولا تدعوا أحداً يقول لكم غير ذلك، ونحن متأكدون أن لا أحد يريد الوصول إلى هذا الأمر».
لكن كلام الحريري عن «النسبية» يُخفي محاولته نسف مشروع النسبية المطروح للنقاش حالياً، رغم ما فيه من علل. إذ علمت «الأخبار» أن تيار المستقبل يريد فرض «عتبة تأهيل على المستوى الوطني»، بنسبة تتجاوز الـ10 في المئة، أسوة بما هو معتمد في تركيا، وهو النظام الذي تمسّك به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سعياً إلى إقصاء الأكراد عن مجلس النواب. وهذه «العتبة» تعني أنّ على كل لائحة تفوز في إحدى الدوائر أن تحصل على 10 في المئة من مجموع المقترعين في لبنان، لكي يتسنى لها التمثل ولو في مقعد واحد في دائرتها. وعلى سبيل المثال، في دائرة طرابلس ــ المنية ــ الضنية، إذا حصلت لائحة الرئيس نجيب ميقاتي أو لائحة الوزير أشرف ريفي على ثلث أصوات الناخبين، فسيحق لها الحصول على 3 مقاعد على الأقل من مقاعد الدائرة، وفقاً لمشروع النسبية في 15 دائرة. لكن اقتراح الحريري يفرض على اللائحتين أن تكونا ضمن ائتلاف سياسي ترشّح في دوائر أخرى، وتمكّن من الحصول على 10 في المئة من أصوات جميع اللبنانيين. والـ10 في المئة قد تصل إلى نحو 200 ألف صوت في انتخابات تُجرى وفق النسبية، وتبلغ فيها نسبة الاقتراع 55 في المئة فقط. ويفرض اقتراح تيار المستقبل على جميع المرشحين المناطقيين و«المستقلين» الانضمام إلى لوائح حزبية عابرة لكافة الدوائر، أو بحملة أخرى، ركوب «بوسطة» أو «محدلة» من «المحادل» الكبرى. وفي مقابل تيار المستقبل، تقترح القوى السياسية الأخرى، وعلى رأسها التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله والقوات اللبنانية، أن تكون عتبة التمثيل لكل دائرة على حدة، أي أن تتمثّل كل لائحة بمقعد واحد في الدائرة التي تترشح فيها، فور حصولها على نسبة أصوات تخوّلها الحصول على هذا المقعد. وهذه العتبة هي كناية عن «الحاصل الانتخابي»، أي قسمة عدد المقترعين على عدد المقاعد (في دائرة بعلبك الهرمل التي تضم 10 مقاعد، وإذا وصل عدد المقترعين إلى 150 ألفاً، تحصل على مقعد كل لائحة تحصل على 15 ألف صوت).
وقد تحدّث عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار عن هذه النقطة أمس، من دون الغوص في تفاصيلها، حين أشار إلى أن النقطتين اللتين يتمحور النقاش حولهما في مشروع النسبية هما «العتبة الوطنية للتمثيل المتعلقة بالحد الأدنى من الأصوات التي يجب أن تحصل عليه اللوائح، وكيفية احتساب المقاعد».
النقطة الثانية من النقاش عالقة عند اقتراح التيار الوطني الحر لطريقة احتساب الفائزين، إذ يطالب باعتماد آلية تُقسّم مقاعد كل دائرة طائفياً، فيجري ترتيب الأصوات التفضيلية للمرشحين المسلمين في جدول، وللمرشحين المسيحيين في جدول آخر. وبذلك، يضمن فوز المرشحين الذين حصلوا على أعلى نسبة أصوات تفضيلية، فلا يفوز مرشح حصل على أصوات تفضيلية أقل من منافسه على المقعد نفسه (وهو احتمال قائم، نظرياً، في «النسبية»، وفي حالات محددة تتوزع فيها الأصوات التفضيلية بطريقة تكاد تكون غير منطقية). وفيما عبّر الرئيس نبيه بري أمس عن رفضه لهذا الاقتراح، لم تتضح مواقف القوى الأخرى منه.
وفي انتظار حسم الجدال بشأن هاتين النقطتين، بدأ الوقت يضيق للتوافق على قانون جديد للاتنخابات، وخاصة بعد انتهاء العقد التشريعي العادي للمجلس النيابي أمس. وينتظر الجميع ما سيصدر عن رئيس الجمهورية ميشال عون خلال الإفطار الذي يقيمه في القصر الجمهوري غروب اليوم. وبحسب المعلومات، فإن خلوة ثلاثية ستسبق المائدة، تجمع عون إلى رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري. وتُجرى اتصالات حثيثة لوضع الأسس النهائية للقانون النسبي على أساس 15 دائرة بحيث يعلن عون عنه خلال الإفطار. إلا أن مصادر القوات والتيار لا تعبّر عن تفاؤل بإمكان حصول إعلان مماثل، بسبب عدم الاتفاق على النقطتين المشار إليهما أعلاه. واستكمالاً للمباحثات، عقد مساء أمس اجتماع في وزارة الخارجية ضم إلى وزير الخارجية جبران باسيل، نائب رئيس حزب القوات جورج عدوان، والنائبين ألان عون وإبراهيم كنعان. وذكرت مصادر المشاركين لـ«الأخبار» أن اللقاء استكمل البحث في التفاصيل التقنية للمشروع، فيما لا يزال البحث جارياً سياسياً في إمكان الاتفاق على قانون جديد. وعلم أن النائب عدوان كان يحمل «ما يشبه التكليف» من الرئيس بري لاستكشاف آفاق الاتفاق الكامل على القانون الـ15 دائرة. أما لجهة المفاوضات بشأن جلسة مجلس النواب يوم 5 حزيران، فذكرت مصادر المشاركين أن البحث لا يزال عند النقطة إياها: لا جلسة ما لم يتفق الجميع على مبدأ القانون ولو استكمل البحث التقني به لاحقاً. وتحدثت مصادر التيار عن أن الاتفاق يفترض أن يسبق عطلة نهاية الأسبوع، وإلا فإن البحث سيتأجل مجدداًَ، وهذا يعني مزيداً من التعقيدات.
وبعد انتهاء الاجتماع، وفيما كان كنعان يتحدث عن مساعي طرف لاحتكار القانون، كانت الأمينة العامة لحزب القوات شانتال سركيس «تزفّ» إلى الشعب اللبناني «أننا أمام ربع الساعة الأخير للاتفاق على قانون جديد للانتخابات»، وذلك كله «بمسعى من القوات وبجهود النائب جورج عدوان»، على عكس ما تحدث عنه كل من كنعان وعدوان عن التنسيق المشترك والمبادر<