لم تمر تغريدة النائب وليد جنبلاط عن المفلسين الجدد مرور الكرام وكان لها آذان صاغية في بيت الوسط .
وإن كان الخلاف بين بيك الدروز وشيخ السنة ليس بجديد إلا أنه كشف هذه المرة كل الأوراق ووضعها على الطاولة في فترة تحتدم فيها المعركة حول قانون جديد للإنتخابات.
إقرأ أيضا : مخزومي الأوّل في بيروت: هكذا جعلته زعيماً إحصاءات ربيع الهبر
سبب الخلاف:
ويشكل قانون الإنتخابات جزء من الخلاف بعد الجلسة الشهيرة للوفد الجنبلاطي في بيت الوسط وما سرب من معلومات عن خلافات جوهرية بين الصديقين وما إعترف به لاحقا نواب من كتلة وليد جنبلاط.
فحسابات البيك تختلف عن ما يحلو أن يسميه جنبلاط " مغامرات سعد " إن على مستوى التحالفات الجديدة أو شكل الدوائر الإنتخابية وعددها والتي إعتبرها جنبلاط في مرحلة من المراحل بعد قبول الحريري بالنسبية على أنه إستهداف لزعامته بالجبل.
ويتنبأ جنبلاط بمستقبل للتحالفات والأوزان السياسية قد تطيح بدوره كبيضة قبان في النظام اللبناني وهذا ما يخشاه بعد خروجه من تحالف 14 آذار والمساحة البعيدة التي يتموضع بها عن ساحة 8 آذار وهو غير قادر في ظل هواجس الأقليات في المنطقة وهيجانها أن يخوض معركة مع عملاقين ( السنة والشيعة ) لذلك يتمنى أن يحافظ على موقع وسطي يؤمنه له قانون الإنتخابات في نظام ما بعد إنتخاب الرئيس ميشال عون.
إقرأ أيضا : إعاشات الذل والبهدلة في طريق الجديدة
لكن لا يقتصر الخلاف على هذا الشق فقط بل يمتد إلى أزمة النفايات الشهيرة التي حصلت بلبنان وشركة سوكلين والإتهامات المتبادلة بالفساد.
حينها كان هناك توجه إلى حل هذه الأزمة على حساب التقليد السياسي السائد في البلد ( محاصصة وزبائنية ) وهذا ما رفضه جنبلاط.
وقبل ذلك إندلع خلاف قوي بين وزير الداخلية نهاد المشنوق وجنبلاط بملف الضباط والترقيات وصل إلى مسامع الإعلام على شكل فضيحة.
هذه الكم المتراكم من الخلافات كانت آخر فصوله ما جرى من صفقات في الإتصالات والطاقة والنفط وأخرج في الإعلام على أنه صفقة مشتركة بين التيارين الأزرق والبرتقالي وهو مرتبط بالصفقة الشهيرة التي حصلت بين الأستاذ نادر الحريري والوزير جبران باسيل قبل إنتخاب عون رئيسا وما جرى من كلام عن إتفاقات شاملة حصلت.
إقرأ أيضا : الحريري: أهلاً بكلّ مطبّ فنحن قدها وقدود واللي مش معاجبو يروح يبلط البحر
في هذا الموضوع لم يكن فقط الرئيس نبيه بري من تحسس الخطر على دوره ووزنه في النظام بل شاركه الخوف حليفه التاريخي وليد جنبلاط أحد ركائز هذا النظام الذي أحس ولأول مرة بأن تحالف جديد على شكل ترويكا سيطيح بالقديم تدريجيا ومن هنا شدة التصريحات ورفع السقف عاليا وصولا للإتهام مباشرة بالإفلاس والفساد.
فما يراه جنبلاط أن الحريري الإبن تخلى عن قواعد لعبة والده رفيق الحريري وخرج عن المألوف وإستبدله بالتيار الوطني الحر لذلك بدأت رسائل متبادلة بين جنبلاط وحزب الله وحصل تقارب مهم.
وهذا الخروج عن قواعد اللعبة لاحظها كثر في أداء الرئيس سعد الحريري فصحيح أن الرجل يعاني من أزمات مالية لكن يسجل له أنه في الحكومتين اللتين ترأسهما لم يشارك بنفسه أو بشخصه بأي صفقة تجارية أو إقتصادية فاحت منها رائحة فساد ويرى مقربون من الحريري أنه جاد فعليا بإجراء تغيير حقيقي في إدارات الدولة وينوي محاربة الفساد.
إقرأ أيضا : ريفي: كل صالونات لبنان تتحدث عن رائحة فساد
لكن كثر يرون أن هذا التصور خاطىء، فصحيح أن الحريري ليس فاسد شخصيا لكنه بالأخير يمثل نهجا وطريقة إدارة ومدرسة في الإقتصاد وشخصيات وتحالفات وتيار متهم في صفقات الفساد المستمرة حتى الآن على الرغم من التضحية بأسماء معينة كعبد المنعم يوسف وهو يتحمل مسؤولية معنوية كونه يمثل هذا النهج الإقتصادي ( الترويكا القديمة والجديدة المستمرة ).
هذه الإتهامات رد عليها الحريري بالأمس بقوة معلنا بطريقة غير مباشرة أن الخطوط الحمراء قد سقطت بينه وبين جنبلاط وسقف الخطاب سيرتفع في المقبل من الأيام.
مع هذا تبدو معركة الإتهامات مستمرة حتى التوصل إلى تسوية بين الطرفين قد يكون أحد حلولها صفقة من هنا وهناك.
فالنظام أقوى من الجميع، وإذا ما سقط فستحل لعنة الفضائح وتفوح رائحة الفساد والفاسدين، والكل سيخسر.
يدرك هذا جيدا جنبلاط والأهم أن الحريري يعلم ذلك أيضا.