الامر واقعي ان متوسط معدل النمو في الولايات المتحدة الاميركية منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كان ٣،٢ بالمائة، والمرة الأخيرة التي نما فيها الاقتصاد بنسبة ٣ بالمائة كان في العام ٢٠٠٥.
لذلك قد تكون تنبؤات مكتب الادارة والميزانية ومجلس الاحتياطي الفيدرالي وكذلك العديد من الاقتصاديين والتي هي اقرب الى ٢ بالمائة اكثر واقعية. وتحديدًا جاء كلام الس ريفلين النائب السابق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي اكثر تهذيبًا من خلال القول ان نموا بنسبة ٢ في المئة هو اكثر واقعية.
تنبؤات ترامب ووعوده بنسبة نمو 3 في المائة مبني على خطة اقتصادية تتألف من ثلاثة عناصر رئيسية:
• تشجيع عودة ٢ تريليون دولار من العوائد التي حققتها الشركات الاميركية في الخارج ولا يستطيعون العودة بها بسبب العوائق الضريبية.
• اصلاح قانون الضرائب.
• سياسة اكثر حزمًا مع الشركاء الاقتصاديين التجاريين سيما الصين والمكسيك ودول اخرى مستفيدة كثيراً من سياسة الولايات المتحدة.
في ما يتعلق بالنقطة الاولى ليس هناك أي فرق بين ترامب وبقية الجمهوريين وهم جميعًا يريدون خفض نسبة الضريبة واصلاح الهيكل الضريبي، اما أن تعيد الشركات أموالها الى الولايات المتحدة الاميركية فهذا امر مشكوك فيه، والارجح ان الشركات ستبقي كميات كبيرة من هذه الاموال في الخارج.
اما في ما يخصّ النقطة الثانية، يبدو ان الاصلاح الضريبي الذي يعد به ترامب، وحسب العديد من الاقتصاديين والخبراء، سوف يؤدي الى نتائج عكسية والى عجز هائل قد يبلغ، حسبما تتوقعه مؤسسة الضرائب، عشرة تريليونات دولار خلال العقد المقبل. ويمكننا القول واستنادًا الى النظرية الاقتصادية ومراقبة التاريخ الاقتصادي ان ذلك قد يؤدي الى نمو على المدى القصير والمتوسط فقط.
العامل الاخير والذي، على ما يبدو، الاكثر تفاعلًا السياسة الخارجية التجارية لترامب والتي تهدف الى ابقاء الوظائف في أميركا. ولغايته، لا يبدو واضحا كيف ان ترامب سوف يفعل ذلك وكلامه عن انه يجب ان نكون اكثر قساوة «مع شركائنا التجاريين وفرض تعريفات جمركية مع البلدان تبقى سياسة غامضة وربما انفعالية اكثر من كونها فعلية.
ومعظم الاقتصاديين متفقين على ان هذه السياسة لها اثارها السيئة على الاقتصاد الاميركي والسلع الاميركية وسوق العمل فيها، ولا يوجد اي دلالة لغايته على مدى هذا التأثير انما وعلى الاصح هو تأثير سلبي جدًا على اميركا وحسب العديد منهم ان سياسته التجارية قاتلة للوظائف.
لذلك فإن عمليات التهديد والترهيب التي يقودها ترامب غير مفيدة في الاقتصاد. وترامب هو تاجر ورجل اعمال لكنه ليس بالاقتصادي والامور لا تدار اقتصاديًا بعمليات تهديد وترغيب انما حسب قواعد برهنت لغاية الآن انها الاصح- واعتبارات الميزة التفاضلية في هذا المنحى خير دليل على ذلك- لذلك نرى ان ترامب لا يلاحظ النتيجة المحتملة لسياسته، وما يمكننا استنتاجه انها ستؤدي الى اتساع في فجوة الموازنات السنوية.
هذا الفشل قد يفسر لماذا يعتقد كثير من الاقتصاديين ان نسبة ٣ في المئة مستحيلة المنال في اعقاب ازمة مالية ادت الى تراجع كبير في التوقعات واعادت الى الاذهان عدة امور اقلها السياسات المتبعة والسياسات النقدية. وعندما رأى الاقتصاديون ان الاقتصاد ليس متجاوباً مع السياسات النقدية تمامًا، قرروا ان هنالك خطأ وان المشكلة هي مع الاقتصاد الاميركي وليس مع النظرية الاقتصادية.
وهنا تختلف الآراء سيما ان السؤال يبقى كيف استبدلت السياسات النقدية التقليدية بسياسات اكثر عدوانية سيما عمليات التيسير الكمي والفائدة الصفرية والفوائد السلبية وغيرها من الادوات التي حاولوا معها اعادة عجلة النمو الاقتصادي لكنهم لم يستطيعوا ان يصلوا الى مستويات اقل ما يقال فيها انها مقبولة.
وهنا نرى مرة اخرى ان ترامب يحاول تحدي ارائهم سيما اذا ما برهنت نظريته الاقتصادية حول خفض الضرائب وتحسين للسياسات التجارية واحياء التصنيع والاصلاح التنظيمي والانفاق على البنية التحتية إنها تحفّز النمو الاقتصادي ويغالط بذلك ما أثبتته النظريات الاقتصادية لغاية الآن وان تشخيص العلل الاقتصادية كان خاطئا.
يبدو جليا ان توقعات ترامب تفتقر الى الاتفاق الداخلي، وستبقى اسعار الفوائد على الديون الفيدرالية منخفضة مما يسهل عملية الاقتراض، والأمر على ما يبدو لن يكون غريبًا او غير عادي ويمكن تحقيقه. الحوافز قد تكون كبيرة وستيفن Mnuchin عليه اقناع الكونغرس وسوف يحتاج الى نوع من البراعة الدبلوماسية التي يفتقد اليها رئيسه، علما انه متفائل بشكل كبير ويتوقع ان يحقق الاقتصاد هذا النمو في العام ٢٠١٨.
لذلك قد يبدو ان على ترامب ان يبيع هذه الخطوات الاقتصادية بشكل حيوي. والامر ليس بالسهل وانما هذه الخطة تواجه مشكلة الدين القومي وهنا تتفاوت الآراء بين بول ريان الذي بنى حياته السياسية محذرا من اشياء عدة اهمها الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي بينما Munchin لا يعتقد ان المسألة عاجلة بوجه خاص ويقول ان الدين هو مصدر قلق له وللرئيس بشكل عام انما الاولية هي الآن للنمو.
أخيرا، هناك عوائق كبيرة اخرى امام ٣ بالمائة نمو التي يعد بها ترامب ألا وهي وحسب WSJ قوة العمل التي لا تنتج ما يكفي من الموظفين الجدد وتعزيز انتاجية العاملين التي لا تنمو بسرعة.
لذلك قد تكون ارقام ترامب خيالية مستندًا على تقارير وهمية، وقد يكون هنالك نكسات على المدى الطويل وتبقى سياسته الاقتصادية حسب المؤسسات الدولية سيما Fitch مهدّدة للاستقرار الاقتصادي العالمي.