فبين آخر كلام للوزير جبران باسيل وتعليقات بعض المسؤولين في "حزب الله" على التطورات المستجدّة أثناء سحور رمضاني مسافة غير معهودة ولا تبشّر بخير. باسيل يطالب بتعديلات دستورية ومنها العودة الى مجلس الـ 108 نواب في البرلمان بدل الـ 128 نائباً كما جاء في الطائف، إضافة الى قيام مجلس الشيوخ واعتماد "النسبية الميثاقية" لتأمين التمثيل الصحيح، والطرف الآخر، أي الثنائي الشيعي يبدو أكثر اقتناعاً من أي وقت مضى أنّ ما يريده حقاً التيار وحلفاؤه من حزب "القوات" الى "تيار المستقبل" هو فعليّا قانون الستين.
واذ يؤكّد باسيل أنّ الفراغ لن يكون، يرى الثنائي الشيعي أنّ ما يسعى اليه "الآخرون" هو حقيقة فراغ "ولو ليوم واحد"، بين تغيير المهل وتثبيت الستين وموعد الانتخابات، وذلك بغية توقيف رئيس مجلس النواب عن الممارسة طوال هذه الفترة، بعد أن بلغت المشكلة بين التيار البرتقالي وبرّي، وبين الرئاسة الأولى والثانية، ذروتها. وليس سرّا أنّ العلاقة بين بعبدا وعين التينة وبين عين التينة والرابية لم تكن يوما "سلسة"، إلّا أنّ اجتهاد رئيس المجلس الأخير الذي اعتبر من خلاله أنّ دورة المجلس العادية قائمة لشهر إضافي بعد أن استعمل رئيس الجمهورية ميشال عون حقّه الدستوري لتعليق عمل المجلس لشهر كامل تفاديا لإقرار التمديد، زاد الأمور سوءً وتعقيدا. فقد تخطّى الخلاف السياسي موضوع الانتخابات ليطال مسألة الصلاحيات الدستورية وخصوصا الطائفية منها بين الرئاسة المسيحية والرئاسة الشيعية، وكلّ ما قد يجمع أو يفرّق بينهما.
وبحسب ما قاله بعض مسؤولي "حزب الله" أثناء السحور، فانّ المحور الانتخابي الآخر يحاول التهويل بالفراغ الذي سوف يقع في 20 حزيران مع انتهاء ولاية المجلس الحالي، وذلك لإملاء شروط تعجيزية على الآخرين بغية إفشال النسبية والعودة الى الستين، مرورا بشغور انتخابي ولو وجيز يوقف برّي عن الممارسة.
هم من البداية يطرحون قوانين ويعرفون أنّها ملغومة ولكنّهم يحاولون كسب الوقت من أجل الستين وخصوصا بعد أن اكتمل التحالف الانتخابي ولو على القطعة بين الثنائي المسيحي وتيار المستقبل، كما يؤكّد المشاركون في السحور.
ويصف هؤلاء مشروع الخمسة عشر دائرة بالضوابط المطروحة، وفكرة نقل بعض المقاعد بحسب لونها الطائفي الى المناطق التي يطغى عليها هذا اللون تحديدا بـ "الفصل العنصري"، مؤكدين أن لا مجال بالمضي قدما بأي مشروع من هذا القبيل.
ويضيفون أنّ برّي باقٍ في عين التينة الى حين الانتخابات المقبلة وليس في وسع أحد دفعه خارج مقرّ الرئاسة الثانية، لأنّ الفراغ ولو حصل لا يوقف هيئة المجلس ورئيسه عن الممارسة بمنطق تواصل العمل المؤسساتي كما يقولون، ولو أنّ عدداً من الملمّين بالدستور لا يوافقون هذه النظريّة. هذا ناهيك عن أعمال الشغب التي قد تحصل ان حاول أحدهم إخراج برّي من منصبه، فمن يستطيع ضبط محازبي "أمل" في هذه الحال، وقمع أعمال العنف ان استضاءت الأحوال ووصلت الأمور الى حدّها الأقصى؟ كما يتساءل مسؤولو الحزب.
أخيرا يحذّر هؤلاء من تداعيات الفراغ الذي لن يكون في آخر المطاف الّا لمصلحة الطرف الشيعي، لأنّه بدوره سوف يخلق أجواء مؤاتية لمؤتمر تأسيسي بعد أن يحلّ الشغور في شتّى المؤسسات الدستورية، من المجلس النيابي الى الحكومة التي لن يتردّد الوزراء الشيعة وحلفاؤهم من الانسحاب منها، وصولا الى الرئاسة الأولى التي سوف تفقد هيبتها ودورها في ظلّ شلل عام. وتذكّر هذه الأوساط أنّ الثنائي الشيعي كان قد اقترح فكرة المؤتمر التأسيسي منذ بضعة سنين ولكنّ الآخرين رفضوها، فليعد الجميع إليها إن هم أرادوا ذلك!
زينة ابو رزق