بمجرد أن يتحدث الوزير جبران باسيل عن رفض المس بصلاحيات رئيس الجمهورية، غامزاً من قناة الرئيس نبيه بري، هذا يعني أن ثمة ما يلجم ارتفاع منسوب التفاؤل بإمكانية إقرار قانون جديد للانتخابات. فهناك من يهمس أن التوافق صعب، خصوصاً بعد رفع بري السقف. 

المشكلة عملياً هي في الصلاحيات بين بري والرئيس ميشال عون. ما فعله بري في مؤتمره الصحافي، يعتبر ضمنياً أن ولاية مجلس النواب لا تنتهي في 30 حزيران، بل أصبح لديه شهر إضافي، أي إلى 20 تموز. بالتالي، فإن هذه الخطوة تمثّل إلتفافاً على عون وعلى صلاحياته. في هذه المعركة الصامتة بين الرجلين، يريد عون القول لبري إنه رئيس غير كل الرؤساء، يستعمل صلاحياته، ولا يكون تابعاً. وفي المقابل لم يرض بري بتعطيل عمل المجلس، ولذلك يريد ردّ الصفعة.

هذه الأجواء تنفي كل الأجواء التفاؤلية. وتعتبر المصادر أن هناك عودة إلى نقطة الصفر، بمعزل عن الإتفاق على الإطار العام بأن القانون سيكون نسبياً على أساس 15 دائرة، وحلّ مسألة الصوت التفضيلي، فيما التفاصيل الأخرى تبقى عامل عرقلة لإقرار القانون الجديد. وتعتبر أن الوضع في أسوأ أحواله، والأمور مرشّحة للذهاب نحو الأسوأ. وسط ذلك، هناك من يؤكد أن لبنان اليوم أقرب إلى العودة إلى قانون الستين، مع تأجيل تقني للانتخابات، لأن حزب الله قال لعون إن الفراغ في مجلس النواب ممنوع.

وفي محاولات رأب الصدع بين بعبدا وعين التينة، تكثر الإتصالات من أجل عدم تأثير الجدل السياسي والخلاف على الصلاحيات بين الطرفين، على مسألة قانون الانتخاب وإقراره. وفي هذا السياق، عقد لقاء مساء الإثنين، في 29 أيار، في السراي الحكومي بين الرئيس سعد الحريري وباسيل والنائب جورج عدوان، واستلحق بلقاء آخر ضم إلى عدوان وباسيل النائب إبراهيم كنعان. وتؤكد مصادر مطّلعة على اللقاء، أن لدى التيار الوطني الحر استعداداً لعدم الدخول في الجدال الدستوري الذي فتحه بري، والإصرار على الذهاب نحو التوافق على قانون الانتخاب، فيما بقيت المسائل عالقة عند بعض الشروط والتفاصيل التي أرادها بري، وهي مسألة نقل المقاعد، وكيفية توزيع المقاعد ضمن الدوائر. وتؤكد مصادر مطّلعة أن عدوان أبلغ بعض المسؤولين، أن كل النقاشات الانتخابية توقفت، والعمل يجري لتصحيح العلاقة بين عون وبري على خلفية الجدل الدستوري.

وفي ظل استبعاد المصادر إمكانية الوصول إلى توافق بشأن قانون الانتخاب، وأن قانون الستين هو المفضل بالنسبة إلى الجميع وكلهم يريدونه ويعلنون خلاف ذلك، باستثناء القوات اللبنانية، وأن هذا الستين هو ثمرة الإتفاق على التسوية الرئاسية بين عون والحريري، برز موقف جديد لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أكد فيه أن العودة إلى قانون الستين مرفوضة بشكل قاطع، وقد تم قطع نحو 95% من الاتفاق بشأن قانون الانتخاب. بالتالي، فإن العودة إلى الوراء والذهاب إلى الستين سيمثلان فشلاً ذريعاً للعهد. وهذا الموقف كان الحريري قد أطلقه خلال الإفطار الرسمي في السراي، حين اعتبر أن العودة إلى الستين مرفوضة، لأن ذلك يعني أن الجميع قد فشل. فيما تلفت المصادر إلى أن موقف جعجع يأتي كمحاولة لقطع الطريق وحشر الجميع من عرقلة مسعى عدوان الانتخابي.

وكان واضحاً أن موقف تكتل التغيير والإصلاح يكمل الرأي الذي يقول إن العودة إلى النقطة صفر محتملة في النقاش التفصيلي لقانون الانتخاب، خصوصاً أن باسيل اعتبر أن الضوابط التي يطالب بها التيار ورفضها بري هي عبارة عن نقاط لتصحيح التمثيل، وما يحكى عن نقل مقاعد هو عبارة عن العودة إلى إتفاق الطائف، وتخفيض عدد النواب إلى 108 بدلاً من 128. كما أنه أعاد التمسك بطرح مجلس الشيوخ. وتعتبر المصادر أن هذا الرد يوحي وكأن الأمور متوقفة وليس هناك أي تقدم. بخلاف الإيجابيات التي تحدث عنها رئيس الجمهورية والنائب محمد رعد، فيما ستتوضح الأمور أكثر خلال الإفطار الذي سيقيمه الرئيس عون في بعبدا وسيحضره بري.