عمل الماكينات أساسي لكي «يقرش» كل طرف ما يناسبه من صيغ في الاحتساب، عندما يبدأ الفرز عشيّة إجراء الانتخابات. فلكل طرف حساباته ونقاط ضعفه وقوته، بين خيارات تتراوح من اعتماد آلية ترقيم المرشحين داخل اللوائح التي تلقى معارضة معظم القوى، لأنّ المرشحين في أسفل اللوائح سيعتبرون بمثابة لزوم ما لا يلزم، فيما يتجه البحث التفصيلي الى اعتماد الصوت التفضيلي، والاتفاق على طريقة احتساب حصص الأقضية داخل الدوائر (التي تضمّ أكثر من قضاء) كذلك احتساب حصص الطوائف والمذاهب في الدوائر التي تضمّ مقاعد نيابية مختلطة.
الى ذلك، لا يبدو أنّ المحاولة التي جَرت ليل امس الاول لفصل ملف نزاع الصلاحيات عن قانون الانتخاب قد نجحت نجاحاً كبيراً، فالخلاف بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي حول مرسوم فتح الدورة الاستثنائية للمجلس، مُستعر في انتظار إفطار قصر بعبدا، الذي قد يشهد مبدئياً لقاء بين عون وبري.
وبالاضافة الى ما بَذله النائب جورج عدوان للفصل بين مساري الخلاف، فقد علم أنّ «حزب الله» دخل على الخط، وحاول الفصل في الخلاف لكي لا يتأثر قانون الانتخاب بأيّ إشارات سلبية ناتجة عن نزاع الصلاحيات.
وتقول المعلومات انه على رغم الفصل النظري بين المسألتين، فإنّ عون مصمّم على الّا يسمح بانعقاد جلسة 5 حزيران ولو كلّف الأمر تفجير العلاقة مع بري. وتضيف هذه المعلومات انّ عون لن يسمح بتكريس عرف عقد جلسة نيابية من دون توقيع مرسوم العقد الاستثنائي، لأنّ في ذلك مَس بصلاحيات رئاسة الجمهورية.
وتشير الى انّ ايّ حل للقانون لن يحصل قبل 5 حزيران ولن تعقد جلسة نيابية، ولن يوقّع عون مرسوم الدورة الاستثنائية، وتقول إنّ الحل سيكون بعد 5 حزيران بحيث لا يُعطى رئيس المجلس اعترافاً بعقد جلسة نيابية تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية.
وعليه سيكون مسار قانون النسبية قد دخل في مختبر النهايات التقنية، التي يمكن ان تفجّر كل شيء اذا تبيّن للأطراف انّ عمليات احتساب المقاعد ستختلف من صيغة لأخرى، لكنّ مطّلعين على ما يجري يؤكدون انّ قانون الانتخاب النسبي بات في نهاياته، لأنه قطع أصعب شوطين وهما: توزيع الدوائر والصوت التفضيلي.
كما انّ هذا القانون أصبح بمثابة الصيغة الأخيرة التي لم يعد في الامكان البحث الّا فيها تحت طائلة العودة الى قانون الستين او الفراغ، الذي لا يقبل به ايّ طرف.
ويبقى السؤال: هل تؤثر «العلاقة الكيدية» بين رئيسي الجمهورية والمجلس على ولادة القانون؟ وهل ستكون جلسة 5 حزيران التي لن تُعقَد على الارجح، مدخلاً لمضاعفة التحدي المتبادل، وكيف سيكون الاتفاق على القانون، وبأيّ جلسة سيقرّ، اذا ما ألغيت جلسة 5 حزيران؟
تشير المعلومات الى أنّ البحث التقني الذي تجريه الاطراف في ماكيناتها الداخلية سينتهي خلال ساعات، ليتوجّه الجميع الى حسم مسألة نقل المقاعد، وعلم أنّ هذا الطرح لن يكون حجر عثرة أمام ولادة القانون، اذا ما تبيّن أنه سيكون آخر عقبة يمكن ان تعرقل الولادة، وعليه يمكن القول منذ الآن أنّ مسألة نقل المقاعد قد اصبحت في الجانب الخلفي للنقاش، وانّ التفاوض سيتركز حول تجاوز الخلاف على الصلاحيات الدستورية، الى تحديد موعد جلسة إقرار القانون، اذا ما توافقت الماكينات على احتساب نتيجة الصناديق.