شنّت عدد من الصحف السعودية هجوماً حاداً ومنسقا على الرئيس اللبناني ميشال عون، على خلفية موقفه وموقف وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل من إعلان الرياض الذي صدر في ختام القمة الإسلاميةـ الأميركية التي عقدت في العاصمة السعودية مؤخرا.
أكد الوزير باسيل أن الوفد اللبناني لم يكن على علم بإعلان الرياض، وأنه تفاجأ بصدوره وبمضمونه وهو في طائرة العودة، وأن لبنان يتمسك بخطاب القسم والبيان الوزاري وبسياسة الابتعاد عن مشاكل الخارج وإبعادها عنه.
بدوره أيّد رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال عون، موقف وزير الخارجية الرافض للبيان الصادرعن القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت، الأحد ما قبل الماضي، في الرياض، ووسمت حزب الله اللبناني بـ"الإرهاب".
وقال الرئيس عون في حديث أمام وفد نادي الصحافة، إن "ما قاله وزير الخارجية عن الموقف اللبناني من إعلان الرياض صحيح 100%.
هذا الموقف الصادرمن الرئيس اللبناني دفع الصحف السعودية إلى شن أشرس هجوم على عون منذ توليه السلطة، واصفة إياه بـ"السفاح" و"الماكر" و"متعدد المرجعيات الذي ينقل البارودة من كتف إلى آخر".
وفي هذا الشأن، يقول الكاتب والمحلل السياسي اللبناني قاسم قصير لـ"سبوتنيك"، إن الهجوم السعودي على رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ووزير خارجيته جبران باسيل جاء بسبب تنصل لبنان من إعلان الرياض الذي تم بعد القمة الأمريكية ـ الإسلامية.
حيث أعلن الرئيس عون ووزير الخارجية ومن ثم الحكومة اللبنانية أن لبنان غير معني بهذا الإعلان، لأنه لم تتم مناقشته خلال جلسات القمة، وإنما تم الإعلان عنه بعد سفر الوفد اللبناني وعودته إلى لبنان، وأكد المسؤولون اللبنانيون أن لبنان غير معني بأي قرار يؤدي إلى وضع حزب الله في لائحة الإرهاب، وأن لبنان ينأى بنفسه عن الصراعات في المنطقة".
وحول إمكانية عودة التوترات السابقة ما بين بيروت والرياض، يؤكد قصير أنه "لا يمكن القول إن العلاقة بين الرياض وبيروت عادت إلى التأزم، لأن السعودية لا تنظر إلى لبنان فقط من ناحية موقع رئاسة الجمهورية أو وزير
الخارجية، إنما لديها علاقات مع مكونات أخرى من لبنان، لكن الجهود التي كانت تبذل من قبل الرئيس اللبناني والحكومة لإعادة تفعيل العلاقة بين لبنان وبعض الدول الخليجية وخصوصاً من خلال دعوة الرعايا الخليجيين المجيء إلى لبنان، هذه الجهود تواجه مشكلة وهي أن الدولة السعودية وبعض الدول الخليجية لديها تحفظات على الوضع اللبناني، لكن دون أن يعني ذلك الوصول إلى حالة تأزم كبيرة".
كما يضيف قصير أن "القاعدة التي يتبعها لبنان في علاقاته مع الخارج هو السعي للابتعاد عن سياسة المحاور وعدم الدخول بمشكلات تؤدي إلى ضرب الوضع الداخلي اللبناني خصوصاً الموقف من حزب الله ووضعه على
لائحة الإرهاب، لكن للأسف هناك بعض الدول تريد من لبنان أن يلتزم بما تريده من مواقف أو سياسيات دون أن يراعي الوضع الداخلي اللبناني، هذا الأمر غير ممكن في الوضع اللبناني، التوازن في العلاقة مع دول الخليج هو القاعدة التي يتبعها لبنان وهذا هو المطلوب، وعلى الدول الخارجية سواء كانت عربية أو إسلامية أو أجنبية أن تدرك حساسية الوضع اللبناني وأن لا تدفع بالأمور إلى تفجير الوضع الداخلي".
وحول طبيعة العلاقة المقبلة مع المملكة العربية السعودية، يقول "لا يستطيع المراقب أن يحدد طبيعة تطور العلاقة بين بيروت والرياض لأنها مرتبطة بالأوضاع التي ستحصل في المنطقة، سواء اتجهت هذه الأوضاع نحو حرب كبرى أو
تأزم أو تجدد التسويات، ولكن على الأقل برأيي الأمور ستبقى بمرحلة جمود إذا صح التعبير لا تتأزم إلى الحد النهائي ولا تعود إلى طبيعتها الآن لأن ظروف المنطقة غير مستقرة، ولا بد من انتظار ما سيحصل في المنطقة وعلى ضوئها يمكن تحديد طبيعة المرحلة التي ستتجه إليها هذه العلاقة".
وختم قصير حديثه بالقول "العهد الجديد كان يراهن على تحسين علاقة لبنان بالدول الخليجية، ونحن نعلم أن أول دولة زارها الرئيس هي السعودية وكانت الأجواء إيجابية وكانت هناك وعود بتحسن هذه العلاقات، ولكن يبدو أن هذا
الرهان لا يتحقق وفق ما يرغب به الرئيس عون، ولكن لبنان معني بالحفاظ على الثوابت الداخلية والأخذ بالاعتبار ما يجري في المنطقة".