بين «قُضي الأمر» و«ما تقول فول تيصير بالمكيول» يشقّ الاتفاق الصعب على قانون جديد للانتخاب في لبنان طريقه «خطوة خطوة»، وصولاً الى حزيران المقبل موعد الجلسة التي يُراد ان يتصاعد منها «الدخان الأبيض» الذي طال انتظاره ما لم تطرأ في «المئة متر الأخيرة» مفاجآت تدفع بالبلاد الى السيناريوات السود.
ودخلتْ بيروت في الساعات الـ 48 الأخيرة في أجواء تفاؤلية حيال سلوك أزمة قانون الانتخاب مناخاً انفراجياً انطلاقاً من تفاهماتٍ جامعة حول صيغة تقوم على اعتماد نظام الاقتراع النسبي في 15 دائرة مع صوت تفضيلي، الأمر الذي عكس انقلاباً في المزاج إزاء هذا الملف الذي بدا مستعصياً على مدى 8 سنوات.
ورغم ما نُقل عن رئيس البرلمان نبيه بري من ان نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان حقق ما يشبه «العجيبة» عبر الصيغة التي أجرى مشاورات ماراثونية لتحقيق التوافق حولها، فإن مصادر مطّلعة ترى ان حركة عدوان جاءت في توقيت «ذهبي» كان يحتاج معه الجميع إلى فتْح كوة في الجدار المقفل بوجه قانون الانتخاب.
وحسب هذه المصادر، فإنه بعد مرحلة «السقوف الأعلى» ورسْم «الخطوط الحمر» المتبادلة وأبرزها رفْع الثنائي الشيعي بري و«حزب الله» لا حاسمة حيال فراغٍ ولو لثانية في البرلمان بعد انتهاء ولايته في 20 حزيران المقبل، وتلويح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بقانون الستين النافذ كمَخرج بعد الفراغ، صار الجميع أمام «لحظة الحقيقة»، فإما ترْك البلاد تسقط في أزمة دستورية وسياسية وربما أمنية ستشكّل صفعة مبكّرة لعهد عون، وإما القبول بـ «السلّم» الذي وفّرته صيغة عدوان لـ «النزول عن الشجرة» التي علق غالبية الأطراف عليها.
وتشير المصادر نفسها في هذا السياق الى ان اللحظة التي «اقتنص» فيها مشروع الحلّ المطروح، استفادت من الاضطرار لتقديم تنازلات متبادلة ولاسيما من «التيار الوطني الحر» الذي تَراجع عن مجموعة معايير سابقة كان حددها وبينها التأهيل الطائفي، و«حزب الله» الذي ارتدّ من النسبية الكاملة على اساس لبنان دائرة واحدة او 6 دوائر الى دوائر متوسطة مع صوت تفضيلي في القضاء، في خطوة اعتُبرت في إطار حاجته الى إبقاء الواقع اللبناني في دائرة الاستقرار في غمرة المخاطر المحدقة بالحزب ربطاً بالتحولات الاقليمية.
ورغم «هبّة التفاؤل»، فإن اوساطاً مراقبة ما زالت ترصد بحذر ما ستحمله الايام القليلة المقبلة التي ستكون كفيلة بانكشاف المواقف الرسمية النهائية من صيغة عدوان، لا سيما حيال بعض المسائل المعلّقة وتحديداً الصوت التفضيلي ونقل مقاعد مسيحية من دوائر ذات غالبية إسلامية الى دوائر أخرى.
الراي الكويتية