"اسمحوا لي بأن أكون خائفا هذه المرة، ليس الخوف الذي تشعر به وأنت تسدد ضربة جزاء، هذه المرة لا أستطيع الرؤية عبر فتحات الشبكة.. أنا خائف وأحتاج إليكم.. قفوا معي".. فرانشيسكو توتي.

"لا أستطيع التعبير بالكلمات بشكل جيد، اعتدت منذ طفولتي أن أعبر بقدمي التي تجعل الأمور أسهل، اليوم لمسني الوقت في كتفي وقال لي: علينا أن نكبر.. اعتبارا من الغد ستكون راشدا، لم يعد بإمكانك الاستمتاع برائحة العشب، أو الشمس على وجهك، مقابلة المرمى، الادرينالين في جسدك، ومتعة الاحتفال..

في الأشهر الماضية، سألت نفسي لماذا يتم إيقاظي من هذا الحلم.

تخيل كونك طفل وتحلم حلم جميل...وتوقظك والدتك كي تذهب للمدرسة.

تريد أن تكمل الحلم...وتحاول أن تعود للنوم لكنك لا تستطيع.

هذه المرة ليست حلم، بل هي حقيقة.

مسيرتي كانت رواية وانتهت الآن.. أنا أنزع قميصي للمرة الأخيرة.. سأنزل الدرج لأدخل غرف الملابس التي استقبلتني كطفل وسأودعها كرجل.. أنا فخور وسعيد بإعطائكم 28 عاما من الحب.. أحبكم".

الفصل الأخير من كرة القدم "الحقيقية" يُكتب بإجبار الأسطورة الإيطالية فرانشيسكو توتي على إنهاء مسيرته الطويلة الذهبية مع نادي العاصمة روما.

سيكون من "الجهل" حصر أسطورية فرانشيسكو توتي في وفائه لناديه وتفضيله اللعب بقميص الفريق الذي يحب على التتويج مع ريال مدريد أو ميلان بدوري أبطال أوروبا وفرص الفوز بجائزة الكرة الذهبية.

منذ مباراته الاولى مع الجيالورسي قبل 25 عاما، أظهر توتي قدرات هائلة في اللعب بجميع مراكز خط المقدمة، بداية من مركز الجناح إلى صانع ألعاب خرافي ومرورا بمركز 9.5 فمهاجم وهمي ثم كذلك رأس حربة صريح.

طوال مسيرته الذهبية الطويلة، سجل توتي 250 هدفا في الكالتشيو كثاني أكثر لاعبي في التاريخ تسجيلا للأهداف مبتعدا عن سيليفو بيولا المتصدر ب24 هدفا، مع التذكير بأن مهمة توتي الأساسية لم تكن يوما تسجيل الأهداف.

حين تعرض فرانشيسكو توتي إلى إصابة مخيفة في 19 فبراير 2006 راهن الكثيرون على نهاية مسيرته، لكن المخضرم مارتشيللو ليبي أصر على استدعائه إلى قائمة الآزوري في كأس العالم رغم وجود صيفحة معدنية في قدمه، فكافأة الأسطورة بأن كان أفضل مرر في المسابقة ليسهم بقوة في تتويج إيطاليا بآخر كأس عالم في جعبتها.

بعدها ولأنه قرر عدم إزالة المعدن حبا في عدم تفويت الموسم 2006-07، لعب كمهاجم تفاديا لمزيد من الخشونة، وكلنا يعرف النتيجة، الحذاء الذهبي في اوروبا كأكثر مسجل للأهداف.

توتي أسطورة نادرة، ليس لأنه كان وفيا لفريقه، بل لأن قدراته على التحكم بالكرة وذكاءه الفطري ومهاراته الخارقة ليس من السهل أبدا أن تتكرر.. وكما قال تراباتوني سابقا: "كما أن هناك فان خوج واحد، هناك توتي واحد".

توتي أكثر لاعب كرة قدم في تاريخ الكالتشيو يصنع الأهداف، أكثر من مرر اهدافا في آخر 5 مواسم!

منذ موسم 2012-13، قام توتي ب72 تمريرة حاسمة أفضل من أي لاعب آخر، كما أنه الرقم الأفضل في اوروبا كلها بعد ليونيل ميسي وسيسك فابريغاس.. هذا وهو في تلك السنوات يتجاوز الـ35 من عمره.

مع ذلك فإن لغة الأرقام لا تعني أي شيء بالنسبة إلى موهبة ماسية مثل فرانشيسكو توتي، رغم أنها تنحني أمام الملك.. يكفي أن تمتلك القليل من الذوق لتعرف كيف يمكن أن تتحول كرة القدم من مجرد لعبة إلى معزوفة موسيقية.

جانلوكا فيالي، باولو روسي، جياني ريفيرا، سينيسا ميهايلوفيتش، روبيرتو كارلوس، إنزو بيرزوت، كلهم صرحوا بأن توتي هو أفضل لاعبي إيطالي منذ 30 عاما.

دينو زوف يقول "توتي هو أفضل من ارتدى رقم 10 حتى لو وضعنا في المقارنة بلاتيني وروبيرتو باجيو". 

مارتشيللو ليبي يقول: لا يمكن إيجاد بديل لتوتي أبدا.

فيما صرح مارادونا "توتي أفضل لاعب شاهدته طوال حياتي"؟

أسطورة التدريب ريجو ساكي يصرح: "أخشى أن يعتقد صغار السن أن كرة القدم سهلة إن شاهدوا فرانشيسكو توتي".

لا مجال للحديث عن عبقرية فرانشيسكو توتي بمجرد كلمات، توتي اللاعب الخارق، وليس مجرد الرجل الوفي.. اللاعب العبقري.. واحد من أفضل لاعبي كرة القدم عبر التاريخ.

وداعًا فرانشيسكو توتي.

(عربي EuroSport)