قد توافقني الرأي بأنَّ الكثيرين من رجال الدين يتاجرون بالدين، ويتقنون فنَّ التجارة مع الله والناس، وهذا ما تؤيده المرويات من أنَّ أغلب الناس يعتاشون بدينهم، وأيضاً ترى يا رفيقي أنهم يطلقون على أنفسهم مسميات لا حصر لها، "العلماء والفقهاء والأطباء والشيوخ والفلاسفة والدكاترة وأصحاب الرأي والفتاوى وغيرها من المسميات الرنانة، وأظنك يا رفيقي تتقاطع معنا بأن هذه المسميات هي ورقة إستثمار عند الأتباع لجني المصالح الشخصانية الذاتية والوجاهتية والسلطوية، وأنت تعلم يا رفيقي إنَّ هذه المسميات ليس لها سند قرآني أو روائي.. يا لا تتعجَّل علينا بالحكم من الآية القرآنية (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ) أو من الرواية القائلة (العلماء ورثة الأنبياء) فهم يعلمون تفسير الآية، وخصوصاً عندما يستندون إلى قواعد اللغة "السيبوية" التي وضعت بعد قرن ونصف من إكتمال القرآن الكريم على النبي محمد (ص) وأنت تعلم يا رفيقي إنَّ هذه القواعد لويت بحسب الأهواء والمصالح وهي أشبه بلغة "المغيط"..
إقرأ أيضًا: اللحية والشيخ والمفتي..!
وثانياً: من الذي يحدِّد العالم عن غيره؟ ليصبح هو العالم بشؤون الله الذي يخشى الله تعالى دون غيره!.. تعالى الله سبحانه أن يُحدِّد خشية العالم من دون تحديد مواصفاته.. ألا يوجد يا رفيقي إحتمال بأن تكون الآية الكريمة هي في مورد التحذير والخشية من ضررهم، وقد لا يكون محصوراً بهم،بل يتعدَّى إلى علماء الذرة والمتفجرات وعلماء السلاح والفضاء والطبيعة وغيرهم، لأنَّ القرآن الكريم للبشرية جمعاء وليس فقط لعلماء الإسلام.. وأيضاً ليس بالضرورة دين الإسلام، بل في كل الأديان والمذاهب والطوائف والملل... خذني بحلملك يا رفيقي بالعودة إلى الرواية (العلماء ورثة الأنبياء) أليس العلماء هم بشر؟ وبالتالي هم عرضة للخطأ وقد يكون الخطأ قاتلاً؟ وهذا مستحيل على الأنبياء لأنهم معصومون.. فإذاً يا رفيقي هم مثلي ومثلك ومثلهم معرَّضون للخطيئة والخطأ.. ثم تعالى يا رفيقي لنسلِّط الضوء في عجالةٍ من أمرنا، فكيف هم ورثة الأنبياء وهم مثلنا بشرٌ؟ والله يخاطب النبي محمد(ص) "وما ينطق عن الهوى، إن هو إلاَّ وحيٌ يوحى" فهل العلماء ينطقون وحياً؟وأيضاً يخاطب الله النبي عيسى (ع) بأنه يُحيِي الموتى ويبرأ الأكمه والأبرص، فهل العلماء يحيوا الموتي؟ وأيضاً يخاطب الله النبي موسى (ع) بأنه كلَّم الله موسى تكليماً، فهل العلماء يكلمون الله تعالى تكليماً؟... يا رفيقي لا داعي للإطالة والأمثلة كثيرة في القرآن الكريم، فهذه الرواية تفسَّر بالأئمة المعصومين من أهل بيت الوحي من بعد الأنبياء، من هنا يا رفيقي فهم بشرٌ يخطئون ولا يجب التسليم بكل ما يفتون به، كما لو أنها كلام الله تعالى وكلام نبيه الكريم محمد(ص)... نعم يا رفيقي نحترم العلماء من أولي الأمر بحدودٍ ما لم يخالف حدود ما أمر الله به، وإنما الطاعة هي لله تعالى وحده، فحفظ الله العلماء الحافظين لحدود الله، ونتضرَّع معاً إلى الله بكشف من يتاجر بإسم الله، وغيرهم من كل محتالٍ ومختالٍ في الدين والسياسة.