اذا ما صدق المناخ الإيجابي الذي لفح الملف الانتخابي في الساعات الاخيرة، يمكن الرهان جدياً على انّ قانون الانتخابات النيابية دخل فعلاً مرحلة المخاض وصار على وشك الولادة المحتملة خلال الاسبوع الاول من الشهر المقبل، ويوم الاثنين 5 حزيران موعد حاسم في هذا السياق.
الأساس في هذا المناخ هو انّ اتصالات الساعات الاخيرة أخرجت «الستين» من دائرة الاحتمالات الجدية، وصار خارج النقاش. بعدها فُتح الباب على مصراعيه في اتجاه البتّ بقانون يعتمد النسبية الكاملة، في ظل مؤشرات ايجابية تؤكد التوافق على المبدأ، الأمر الذي عزّز الآمال في الخروج من المأزق الحالي في فترة قريبة.

لكن يبقى الرهان على وصول النقاش حول شكل القانون الى خواتيم سعيدة، خصوصاً انه يتمحور حالياً على تقسيم الدوائر وحجمها، مع أرجحية لقانون يقوم على 13 دائرة او 14 او 15، وكذلك حول الصوت التفضيلي، وسبل اعتماده، مع الاشارة الى انّ الاجواء التي تحكم هذا النقاش تؤشّر الى حسم اعتماد الصوت التفضيلي خارج القيد الطائفي لكن على مستوى القضاء، في وقت ما زال هناك مَن يطرح إمكانية اعتماد هذا الصوت، وخارج القيد الطائفي على أساس الدائرة.

وعلمت «الجمهورية» انّ الطرح المتعلق بإمكان نقل مقاعد من دائرة الى اخرى، لا يلقى قبول غالبية القوى السياسية، مع انّ «القوات اللبنانية» تؤكد على هذا الامر، وهو ما عرضه النائب جورج عدوان مع رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال اللقاء المطوّل الذي عقد بينهما أمس، واستمر لأكثر من ساعة ونصف، في حضور الوزير علي حسن خليل.

وفهم من جو اللقاء انّ المناخ ايجابي بشكل عام، بل انّ هناك تقدماً ملحوظاً يمكن ان تبنى عليه ايجابية تعزّز إمكانية ولادة القانون الجديد في فترة وجيزة، يفرض النسبية اساساً للانتخابات المقبلة، ويطوي نهائياً «الستين» بكل ما يعتريه من تشوّهات وموبقات.

وبحسب مصادر مطلعة انّ حراك عدوان ايجابي بشكل عام، انما تبقى حتى الآن بعض التفاصيل التي سيُصار الى بحثها ما بين «القوات» و«التيار الوطني الحر».

كما علمت «الجمهورية» انّ المناخ الايجابي سحب نفسه على العلاقات الرئاسية، وسُجِّل توافق رئاسي متجدد في الساعات الاخيرة على اعتماد النظام النسبي في قانون الانتخاب. وبرز في هذا الاطار اتصال أمس بين بري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكذلك اتصال آخر بين بري ورئيس الحكومة سعد الحريري.

وعلمت «الجمهورية» انّ اجواء الرؤساء ايجابية، تبشّر بإمكان التوافق القريب على قانون، والترجمة الاولى لهذه الايجابية ستتبدّى في فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بالتوافق بين رئيسي الجمهورية والحكومة اعتباراً من 1 حزيران، للإفساح في المجال الى إقرار القانون النسبي في جلسة تشريعية تعقد في خلال الاسبوع الاول من حزيران، مع الارجحية لموعد قد يكون حاسماً الاثنين 5 حزيران. وبناء على ذلك، باتت الجلسة التشريعية المقررة في 29 ايار بحكم المؤجلة الى 5 حزيران.

بري و«الحزب» وجنبلاط

وسألت «الجمهورية» بري تقييمه للمستجدات الانتخابية، فقال: «الأجواء جيدة، هناك تقدم وآمل ان نصل الى الخاتمة السعيدة قريباً».

وفي الخط ذاته، أكدت مصادر قيادية في «حزب الله» انّ «الامور اخذت مساراً ايجابياً، وبات الجميع يدركون ضرورة الوصول الى قانون ينأى بالبلد عن اي مشكلات بغِنى عنها في هذه المرحلة، ويفتح آفاقاً لمزيد من الاستقرار الداخلي. في الخلاصة، الجو إيجابي، ونأمل ظهور النتائج قريباً».

وقالت مصادر قريبة من النائب وليد جنبلاط لـ«الجمهورية»: «موقفنا سبق وحدّدناه ولا جديد نضيفه، هناك من يتحدث عن افكار جديدة، نحن نتابع ما يجري. نأمل ان تكون هناك إيجابيات فعلية».

وعكست مصادر عاملة على خط الاتصالات قبول جنبلاط للقانون النسبي المقترح، وانه لا يتخذ جانب الاعتراض عليه، كونه يراعي الطرح الذي يلبّي مطلبه بدمج دائرتي الشوف وعاليه.

وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ النسبية مع 15 دائرة هي احدى الصيغ التي سبق وطرحها «التيار»، ولا تمانع عليها، الّا انّ هذا الامر رغم أهميته، يتطلب وضع الضوابط المطلوبة. وعلى رغم المناخ الايجابي السائد الّا انه من المبكر الحديث عن اتفاق نهائي حتى الآن.

«القوات»

وقالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية»: «جميعنا متفقون على النسبية وبدأنا البحث في التفاصيل وعدد الدوائر وفي الصوت التفضيلي وبنقل المقاعد. حصلت محاولة للمقايضة فرفضناها بمعنى أننا نذهب الى 14 دائرة من دون صوت تفضيلي.

ولفتت الى اننا أصبحنا بين حَدّين؛ الاول، انّ عدم التوصّل لقانون سيدخل لبنان في ازمة، والثاني اننا متفقون على النسبية فلنتفق على التفاصيل. وامّا المعادلة الجديدة التي وضعناها انه في حال تعذّر الاتفاق على التفاصيل نذهب بها الى التصويت.

وقالت: الاتصالات ستتواصل ونحن متفائلون جداً، وهناك تقدم في البحث في التقسيمات الداخلية واعتقد انه سنصل الى قانون نسبي. ولكن حتى الآن لا شيء نهائياً».

«الكتائب»

وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «لا يمكن الحديث عن ايجابيات في قانون الانتخابات طالما انّ الامور تبحث في الغرف المغلقة وخارج مجلسي الوزراء والنواب». ورأى «انّ الامور لا تزال في دائرة استهلاك الوقت وإلّا لماذا لا يطرحون قانون النسبية على التصويت في مجلس الوزراء؟».

وتابع المصدر: «اذا كان تحالف السلطة جدياً باعتماد قانون نسبي فإنّ المطلوب ترجمة الجدية بتقسيم الدوائر على نحو يضمن تمثيلاً صحيحاً، ولكنّ استمرار الخلاف على تقسيم الدوائر والصوت التفضيلي مؤشّر الى محاولة أركان السلطة الوصول الى صفقة سياسية تسمح لهم بتقاسم المقاعد في ما بينهم».

«المردة»

وقالت مصادر تيار «المردة» لـ«الجمهورية»: «نحن نؤيّد كل قانون وقّع عليه ونحترم توقيعنا على الدوائر المتوسطة في بكركي، ونتمنى على «التيار الوطني الحر» أن يحذو حذونا لأنه للأسف لم يحترم توقيعه لا في بكركي ولا في حكومة الرئيس ميقاتي».

واضافت: «القول إنّ القوانين التي سبق ووقّع عليها «التيار الحر» في الأمس القريب باتت اليوم ضد مصلحة المسيحيين هو عذر أقبح من ذنب، فمنذ العام 2013 حتى اليوم لم يتغيّر شيء لكي نستيقظ فجأة على مصلحة المسيحيين، فإمّا انه في الأمس كان يناور، وامّا انه يناور اليوم من أجل مصلحته بعدما تبدّلت الوضعيات السياسية.

واكدت المصادر انّ لدى تيار «المردة» حلفاء شرفاء مخلصين وأوفياء «يربطنا بهم مصير مشترك نطّلع من خلالهم على كل المستجدات الانتخابية، كذلك تربطنا علاقات جيدة مع كل الافرقاء السياسيين».

وحذرت المصادر «من التداعيات الخطرة للفراغ والتي تنسحب على عمل كل السلطات الدستورية»، مشيرة الى «اننا لم نشهد في زمن الحرب فراغاً في السلطة التشريعية ما سمح لنا بإنجاز «الطائف» وإنهاء الحرب، وهنا تكمن اهمية وجود السلطة التشريعية».

وشددت على أنّ «المردة» مع اللاءات الثلاث: لا للتمديد لا للفراغ ولا للستين، إنما ممارسة وليس مناورة. ولم تستبعد إمكانية الوصول الى قانون جديد شرط ان تصدق النيّات أولاً وان يفهم الجميع انّ البلد هو لكل الناس من دون استثناء، وثانياً ان يأتي القانون عادلاً من دون تصغير او تضخيم الاحجام بل ان يأخذ كل طرف حجمه الحقيقي».

وقالت: «إن لم نصل الى قانون قبل 19 حزيران تكن النيات غير صادقة ويكون الفريق الحاكم سعى لأن يكون على قياسه وعلى قياس طموحات البعض فيه». وذكّرت بأنّ القوانين التي تقدم بها «التيار الوطني الحر» هي 3 قوانين إلغائية إقصائية وليس صحيحاً انه قدّم قوانين انتخابية موضوعية، وبالتالي أصبح مباحاً لديه السير بالستين أو مخاطبة الرأي العام بلغة المظلومية والدليل على ذلك تَنصّله من قانوني «بكركي» و«ميقاتي».

مجلس الدفاع الأعلى

من جهة ثانية، ومع إطلالة شهر رمضان برز التوجّه الرسمي والسياسي والامني نحو مواكبة هذا الشهر وكذلك مواكبة دخول لبنان في موسم الاصطياف، بالحد الأعلى من الجهوزية والتدابير والاجراءات الامنية منعاً لحدوث ما يعكّر الاجواء والحؤول دون تسلّل العناصر المخرّبة على غرار ما حصل في السنوات الماضية.

وشكّل هذان الامران محور اجتماع مجلس الدفاع الأعلى في بعبدا أمس، حيث عرض قادة الاجهزة الامنية تقارير حول الوضع والإجراءات التي نفّذت والتي ستنفذ، ولا سيما حول العمليات الإستباقية ضد المجموعات الإرهابية وإحباط خططها ضد المواقع العسكرية والأمنية والمراكز الدينية، بالاضافة الى الاجراءات لمواجهة عصابات النشل.

أما دولياً، فقد برز توقيع قادة مجموعة الدول السبع الكبرى على وثيقة لمكافحة الإرهاب والتطرف المسلح على مستوى أعلى، وذلك في نهاية جلسة عمل عقدت في إطار قمتهم المنعقدة في جزيرة صقلية الإيطالية.