إلى جانب معانيه الدينية والروحية، يُعتبر الصوم من أهمّ الوسائل التي قد يلجأ إليها الإنسان لتعزيز صحّته. فعند تطبيقه بشكل مدروس، يمكن تعزيز إحتمال خسارة الوزن، وتقليص مستويات الكولسترول والضغط في الدم، وخفض خطر الإصابة بالسكري لدى الأشخاص الأكثر عرضة للمرض، ودعم الجهاز المناعي، وتجديد الخلايا. بما أنّ شهر رمضان على الأبواب، ما المطلوب تحديداً لاستمداد هذه المنافع، وحماية الجسم من أيّ نقص غذائي؟على رغم فوائد الصوم المُحتملة، توصّلت دراسات عديدة إلى أنّ التصرّف بشكل عشوائي خلال هذه المرحلة يؤدي إلى مجموعة إنعكاسات سلبية تشمل الجفاف، وزيادة مستويات التوتر، وإضطرابات النوم، وأوجاع الرأس، والحرقة.
إنطلاقاً من هذه الوقائع، أكّدت إختصاصية التغذية، جوزيان الغزال، لـ«الجمهورية» أنّ «الإنسان الذي يجهل أصول تنظيم نظامه الغذائي خلال شهر رمضان المبارك الممتدّ لساعات طويلة يزداد إحتمال تعرّضه لمشكلات صحّية عديدة، جنباً إلى اكتساب كيلوغرامات إضافية يكون في غِنى عنها».
وتحدّثت بدايةً عن السحور، فشدّدت على «ضرورة عدم حذف هذه الوجبة إطلاقاً لأنها تمنح الجسم الطاقة التي يحتاج إليها للتمكّن من الصمود طوال ساعات اليوم وصولاً إلى موعد الإفطار».
السحور
وعرضت أهمّ النصائح الغذائية التي يجب أخذها على محمل الجدّ عند تناول السحور:
• إختيار النشويات الجيّدة التي تضمن الشبع لساعات أطول، كخبز القمح الكامل.
• الإكثار من الألياف الموجودة في الخضار، والفاكهة بقشرتها بدلاً من العصير الغنيّ بالسكّر والسعرات الحرارية الفارغة، والتمر، والموز.
• الحصول على جرعة جيّدة من البروتينات لتعزيز الشبع، والتركيز على المصادر الخالية من الدهون كالأجبان البيضاء، والحليب قليل الدسم.
• عدم تجاهل الدهون المفيدة للصحّة، كزيت الزيتون، والأفوكا، والمكسرات النيئة.
• الإكثار من السوائل لإمداد الجسم بالمياه التي ستنقصه خلال ساعات اليوم، والحرص على عدم الشرب مع الوجبة الغذائية للتمكّن من الحصول على كمية طعام كافية وليس الشعور بالإمتلاء نتيجة كثرة المياه. الأفضل إذاً شربها قبل نصف ساعة من الأكل أو بعده.
• بالنسبة إلى الكنافة والمناقيش والكرواسان، فإذا كان الشخص يتمتّع بوزن معتدل ولا يعاني أيّ مشكلة صحّية لا مانع إستهلاكها من حين إلى آخر. لكن في حال تكدّس الدهون والكيلوغرامات الإضافية أو الإصابة بأمراض كالسكري والكولسترول فيُستحسن الإبتعاد عنها.
الإفطار
أمّا عندما يحين موعد الإفطار، فقد أوصت الغزال الإلتزام بالإجراءات المهمّة التالية:
• بما أنّ الجسم يكون قد خسر كمية كبيرة من السوائل من دون تعويضها خلال النهار، يجب بدايةً شرب كوبين من المياه قبل إستهلاك أيّ طعام.
• تفادي العصير أو الجلّاب أولاً لأنهما سيرويان العطش مع جرعة هائلة من السكر.
• تناول حبّتين من التمر الغنيّ بالسكر لتعويض الكمية التي فقدها الجسم خلال اليوم من جهة، والحصول على نسبة عالية من الألياف التي تعزّز الشبع وتدعم حركة الأمعاء فتحارب الإمساك من ناحية أخرى. ناهيك عن أنّ التمر يحتوي مجموعة فيتامينات كالـB وC ومعادن أساسية كالسلينيوم والمنغانيز، ويقوّي العظام فيمنع هشاشتها، ويدعم الجهاز الهضمي، ويساعد على نموّ البكتيريا الجيّدة، ويحارب فقر الدم لغناه بالحديد، ويقاوم التعب بعد الصوم لقدرته على منح الطاقة، ويحسّن وظائف القلب والشرايين، ويخفّض الكولسترول السيّئ (LDL)، ويكافح سرطان المعدة، ويحارب الشيخوخة.
• أخذ إستراحة صغيرة قبل تناول الحساء الأساسي للحصول على السوائل والمغذّيات والمنافع. وبما أنّ هذا الطبق يقدَّم ساخناً، يعني إذاً أنه يليّن الأمعاء قبل تناول الوجبة الرئيسية. من أهمّ أنواع الشوربة التي يمكن الحصول عليها نذكر شوربة العدس لغناها بالحديد المُقاوِم لفقر الدم، ولقدرتها على تحسين الجهاز الهضمي، ودعم صحّة القلب، واستمداد الطاقة. إضافةً إلى شوربة الفطر الغنيّة بمادة الـ»بيتا غلوكان» الضرورية لحماية جهاز المناعة، جنباً إلى مضادات الأكسدة التي تنعكس إيجاباً على عملية الأيض وتساعد على حرق السعرات الحرارية بنسبة أعلى.
• بعد أخذ إستراحة أخرى، يمكن الحصول على سَلطات الخضار التي يجب عدم تجاهلها لاحتوائها جرعات عالية ومتنوّعة من الفيتامينات التي يحتاج إليها الجسم بعد قضاء يوم طويل من دون أكل. لكن يجب الحرص على عدم إكثار الزيوت فيها.
• أمّا في ما يخصّ الأطباق الرئيسية، فيُنصح بأن تقتصر على صنف واحد تفادياً للـ»تخبيص». الأفضل ألّا تكون الوجبة الأساسية مشبّعة بالدهون (كالسمنة والزبدة) بل أن تكون صحّية وتحتوي اللحوم المنزوعة الدهون، أو صدر الدجاج، أو السمك لاستمداد البروتينات، جنباً إلى النشويات (كالبطاطا، أو الأرزّ، أو المعكرونة، أو البرغل)، والخضار المسلوقة أو الإكتفاء بتلك المتوافرة في السَلطات.
• الحصول على اللبن الخالي من الدسم لتعزيز الترطيب وتوفير جرعة جيّدة من البروتينات.
• عدم الإفراط في المشروبات الغازية، وتفادي المقالي والمعجّنات لأنها تسبّب النفخة وتؤمّن الشبع من دون تزويد الجسم بأيّ قيمة غذائية يحتاج إليها. الأفضل ألّا تتوافر هذه المواد نهائياً على مائدة الطعام.
أمّا بالنسبة إلى الحلويات العربية التي تكون حاضرة بشكل ملحوظ على الإفطار، دعت خبيرة التغذية إلى «عدم إستهلاكها يومياً، خصوصاً في حال معاناة كيلوغرامات إضافية أو مشكلات صحّية، إنما الأفضل الإكتفاء بكمية ضئيلة منها لأنها مشبّعة بالسعرات الحرارية والدهون والسكر، وتخلو من أيّ إيجابيات».
وختاماً قالت إنّ «الإلتزام بكل هذه القواعد الغذائية المهمّة يجب أن يقابله عدم تجاهل الحركة عقب تناول الطعام، والحرص على الإبتعاد كلّياً من الخمول لمساعدة الجسم على الهضم وحرق نسبة أعلى من الدهون والكالوري».