لم يُفتقَد الأمل في إمكان التوصّل إلى حلّ للملف الانتخابي، حيث إنّ البعض يُدرج ما يَصدر من مواقف متناقضة حول هذا الملف في باب التصعيد الأخير قبل الدخول في التسوية، حيث لا مصلحة لأحد في إحداث فراغ نيابي لا تُحمد عقباه.
وقد انقسَم الوسط السياسي في الموقف ممّا أعلنَه عون، من أنه لا مناصَ من إجراء الانتخابات على اساس قانون الستين النافذ في حال تعذّر الاتفاق على قانون جديد، فالبعض اعتبَر أنّ هذا الموقف يشكّل «إيذاناً فعلياً» بالعودة الى قانون الستين، فيما البعض الآخر وجَد فيه حضّاً رئاسياً للأفرقاء السياسيين على التوصّل إلى قانون جديد تحت طائلة العودة الى القانون النافذ الذي رذلوه جميعاً في حال عدم الاتفاق.
لكنّ هؤلاء السياسيين يقولون إنّ عون لا بدّ من أن يتّخذ مبادرة ما في لحظة ما تُخرج الاستحقاق النيابي من عنق الزجاجة، وعلى الأرجح ستكون دعوة الجميع إلى اعتماد قانون النسبية الكاملة على أساس الدوائر الوسطى، خصوصاً أنّ غالبية القوى الساسية قبِلت بهذه النسبية وهي تُناقش في عدد الدوائر وفي «الصوت التفضيلي»، أيكون طائفياً أم وطنياً.
على أنّ «حزب الله» حليف عون وقوى سياسية أُخرى، وبعد وصول القوى السياسية الى حائط مسدود في البحث عن قانون انتخاب، ينتظرون من رئيس الجمهورية «رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن»، حسب ما يسمّيه الدستور، أن يتّخذ مِثل هذه المبادرة، والخروج من التناقض الذي شابَ مواقفَه أخيراً إزاءَ الاستحقاق النيابي، بعدما كان معروفاً عنه تأييدَه النظام الانتخابي النسبي، فاقترَح أن يكون لهذا النظام ضوابط، ثمّ أيّد في اليوم التالي النظام التأهيلي الذي اقترَحه الوزير جبران باسيل، الى أن وصَل قبل يومين إلى التلويح بالعودة الى الستين في حال تعذّرِ الاتفاق على قانون جديد.
ويقول بعض السياسيين إنّ الجلسة التشريعية المقرّرة الاثنين المقبل، والتي يتصدّر جدول أعمالها اقتراح القانون الذي قدّمه النائب نقولا فتوش بتمديد ولاية مجلس النواب سنة، ستكون بانعقادها أو عدمه، مؤشّراً على ما سيؤول إليه مصير الاستحقاق النيابي، في ظلّ ميلِ كثيرين إلى الأخذ بتوقّعات وزير الداخلية والبلديات نهاد المسنوق بأنّ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري سيُصدران في الوقت المناسب مرسوماً بفتحِ دورة استثنائية للمجلس النيابي الذي تنتهي ولايته في 19 حزيران المقبل، وأنّ الانتخابات ستُجرى قبل نهاية السنة.
فإذا انعقدت هذه الجلسة وأقرّت تمديد ولاية المجلس سنة أو أقلّ، فذلك يعني أنّ باب البحث عن قانون الانتخاب العتيد سيستمرّ في ظلّ بقاء قانون الستين النافذ خياراً قائماً احتياطاً. أمّا اذا لم تنعقد فإنّ المجلس سيكون أمام احتمالين: الأوّل صيرورته إلى انتهاء ولايته وحصول فراغ نيابي يمكن أن تكون له تداعيات سلبية على المؤسسات. والثاني اللجوء خلال الفراغ إلى إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ خلال ثلاثة أشهر.
ولكنّ فريقاً من السياسيين يعتقد جازماً أنّ رئيس الجمهورية سيبادر إلى طرحِ حلّ لأزمة الاستحقاق النيابي، فهو لا يستطيع تحمُّلَ تبعات العودة إلى قانون الستين، لأنّ ذلك سيصيب عهدَه بنكسةٍ سياسية ومعنوية كبيرة، خصوصاً أنه كان قد تعهَّد بانتخابات وفق قانون جديد، علماً أنّ ثمّة اقتناعاً بدأ يتكوّن لديه ولدى كثيرين بأنّ الفراغ النيابي سيؤدي إلى فراغ حكومي، وربّما رئاسي، على حدّ قول رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد قبل يومين، ما شكّلَ رسالةً في مختلف الاتجاهات بدأ الجميع يبحثون عن أبعادها والخلفيات.