على الرغم من انشغال الداخل اللبناني بالنتائج التي ستخرج بها قمم الرياض، لا يزال النقاش حول قانون الانتخابات قائماً، لكن بوتيرة أخف من تلك التي شهدتها الأسابيع الأخيرة. «حتى الآن لا شيء منجزاً»، إلا أن المتغيّر الوحيد الذي طرأ على الملف هو «سقوط القانون التأهيلي إلى غير رجعة»، بعدما أصبحت النسبية الكاملة هي المدخل لأي قانون جديد.
وقد انتقل شدّ الحبال من الاتفاق على «التأهيلي» إلى الضوابط التي يرى التيار الوطني الحرّ أنها الطريق الوحيد للحدّ من أضرار النسبية الكاملة وحفظ معيار «حُسن التمثيل». في المقابل، يزداد الكلام عن «ضرورة التمديد تفادياً للفراغ»، في حين يظهر أن هذا السيناريو يتقدّم على باقي الخيارات المتاحة. وكان لافتاً أمس تأكيد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش، أن "المدة الزمنية الفاصلة تكاد تكون شهرا من الزمن، هناك فسحة تفاؤل أتمنى أن تترجم بإنجار قانون إنتخابات.
الإنتخابات يجب أن تحصل، والحاجة إلى تمديد إنطلاقا من قانون جديد أو تلافيا للفراغ تبدو كأنها أصبحت أمرا ملزما». ودعا «جميع القوى إلى أن تحسم أمرها للوصول الى قانون إنتخابات يكفل إجراء الإنتخابات النيابية».
وفيما ترى أوساط سياسية أن الدفع نحو الفراغ هدفه العودة إلى قانون الستين، قالت مصادر عين التينة إن «جرّنا إلى الفراغ ومن ثم التمديد، وبعده القانون النافذ، يعني التراجع عن كل التعهدات التي قطعها البعض بعدم السماح بالوصول إلى هذه الخيارات، عوضاً عن أنها تشكّل ضربة كبيرة للعهد». ووصف نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، ما يجري بشأن قانون الانتخابات بـ«سوق عكاظ»، معتبراً أن «أفضل قانون هو النسبية، وفي قانون النسبية هناك 20 احتمالاً، ويمكننا الاتفاق عليه ببعض التعديلات التي يمكن أن تُراعي الملاحظات المختلفة».
من جهة أخرى، لا يزال ملف التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يُطبخ على نار هادئة. وبعد أن تبين في الآونة الأخيرة عدم وجود توافق حوله ظهر في حذر رئيس الحكومة سعد الحريري من إدراجه على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، تفادياً لأي اشتباك مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، علمت «الأخبار» أن «مشروع مرسوم التجديد سيُطرح من خارج جدول الأعمال في أول جلسة يعقدها مجلس الوزراء بعد عودة الرئيس الحريري من الرياض» الأربعاء المقبل. ولمّحت مصادر سياسية رفيعة المستوى إلى أن «التجديد لسلامة سيُنجز من خلال تسوية يُعمل عليها ترتبط ببعض التعيينات التي سيتم إقرارها في الجلسة نفسها أيضاً في حال تمّ الاتفاق عليها».
على صعيد آخر، أثار المناخ المُرافق للقمم الثلاث التي عقدت في الرياض، الكثير من الحذر اللبناني، لناحية التداعيات التي يُمكن أن تنجُم عنها، خصوصاً أن العناوين التي حملتها استهدفت حزب الله مباشرة، وبحضور الوفد اللبناني الذي ترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري. وقاربت الأوساط السياسية هذا الواقع من وجهات نظر متعّددة، يميل أغلبها إلى التشاؤم من أن يكون لبنان واحداً من الساحات التي سُتترجم فيها مقررات هذه القمم، ما سيؤثر سلباً على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية فيه، وخاصة أن هذه المواجهة تتزامن مع العقوبات الأميركية التي تستهدف القطاع المصرفي اللبناني بذريعة محاصرة حزب الله.
ولا مجال للشك في أن لبنان يدخل في قائمة الاهتمامات الأميركية – السعودية المشتركة، إذ إن التوجه الأميركي إلى استهداف الحزب أصبح علنياً، وعبّر عنه ترامب خلال كلمته حين وضعه في نفس الخانة مع حركة حماس وتنظيم «داعش»، معتبراً أنهم «يرتكبون الأعمال الوحشية في المنطقة»، ووصف الحزب بأنه «منظمة إرهابية». وفيما كانت الأنظار تتجه إلى الوفد اللبناني الذي يترأسه الحريري، والذي تعّهد قبل سفره إلى الرياض أمام مجلس الوزراء بـ«الالتزام بالبيان الوزاري، وعدم القبول بأي أمر يهدّد وحدة لبنان»، تبرأ لبنان من البيان الذي صدر عن القمة، إذ قال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، عبر حسابه على «تويتر»: «لم نكن على علم باعلان الرياض، لا بل كنا على علم أن لا بيان سيصدر بعد القمة، وقد تفاجأنا بصدوره وبمضمونه ونحن في طائرة العودة». أضاف: «أما وقد وصلنا إلى لبنان فنقول اننا نتمسك بخطاب القسم والبيان الوزاري وبسياسة ابتعاد لبنان عن مشاكل الخارج وابعادها عنه ضنا بلبنان وشعبه ووحدته».
وكان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري قد أعلن أنه «تبادل مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير أطراف الحديث، قبيل انتهاء أعمال القمة ومغادرة الرئيس الحريري مع رؤساء الوفود للمشاركة في وضع الحجر الأساس للمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف». وكان الناطق باسم الخارجية الأميركية ناثانيال تيك قد قال أمس إن «حزب الله تنظيم إرهابي خطير للغاية، ويلعب دوراً أساسياً في الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري ضد الشعب»، مؤكداً أننا «سنُكافحه بالعمل مع شركائنا في المنطقة».